ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: ما حكم نسيان الإمام سجدة التلاوة في الصلاة؟ فقد كنت أصلي خلف إمام المسجد، وقرأ آية فيها سجدة، لكنه نسي السجود لها، وأتم صلاته، وبعد الصلاة اختلف المصلون؛ فقال بعضهم: لو تذكَّر في الركوع كان عليه أن يعود ويسجد لها، وقال بعضهم الآخر: هي سُنَّة، ولا شيء في تركها؛ فما الصواب في هذه الحالة؟
وأجاب على السائل الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا:
إذا قرأ الإمام أثناء صلاته بالناس آية فيها سجدة، ولكنه نسي فلم يسجد لها، ثم ركع فلا يعود للإتيان بها، بل عليه أن يتم صلاته، وصلاته صحيحة ولا شيء عليه؛ لأنه تلَبَّس بالفرض، فلا يتركه للعَوْد إلى سُنَّة، ولأنه يصير زائدًا ركوعًا عامدًا والزيادة في الأفعال عامدًا تبطل الصلاة.
الأسس الشرعية لسجود التلاوة
سجود التلاوة يمثل مظهراً من مظاهر الخضوع لله تعالى عند تلاوة آياته، وهو شعيرة متفق على مشروعيتها بين الفقهاء. وقد استند العلماء في تقرير هذا الحكم إلى النصوص القرآنية الصريحة، ومنها قوله تعالى في سورة الإسراء: “إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا”. هذا النص القرآني يصور حال العلماء من الأمم السابقة عند سماعهم كلام الله، مما يدل على أن السجود عند تلاوة آياته من سنن الأنبياء والصالحين.
الخلاف في عدد مواضع السجود
ثمة خلاف بين العلماء في تحديد عدد مواضع سجدات التلاوة في القرآن الكريم، حيث ذهب بعضهم إلى القول بأحد عشر موضعاً، بينما يرى آخرون أنها أربعة عشر موضعاً، وذهب فريق ثالث إلى أنها خمسة عشر موضعاً. هذا الاختلاف يعود إلى عدة عوامل، منها اختلاف الروايات الواردة في هذا الباب، وتباين مناهج العلماء في استنباط مواضع السجود من النص القرآني. وقد أحصى الإمام النووي في “المجموع” هذه المواضع، كما تناولها ابن قدامة في “المغني” بالتفصيل والتحليل.
أحكام سجود التلاوة بين الوجوب والاستحباب
تعددت آراء الفقهاء في حكم سجود التلاوة، فذهب الحنفية إلى القول بوجوبه، مستندين في ذلك إلى ظاهر بعض النصوص الدالة على الأمر بالسجود. بينما ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بأنه سنة مؤكدة، يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. وهذا الاختلاف في الحكم ينبني على اختلافهم في فهم النصوص الواردة في هذا الباب، وتقديرهم لمقاصد الشريعة في هذا الجانب التعبدي.
حكم نسيان سجدة التلاوة في الصلاة
إذا نسي المصلي سجدة التلاوة أثناء الصلاة، فإن جمهور الفقهاء يرى أنه لا يعود إليها إذا تذكرها بعد الدخول في ركن لاحق كالركوع أو السجود، بل يتم صلاته ثم يسجد للسهو إن كان قد ترك واجباً. هذا الحكم مبني على قاعدة فقهية مهمة، وهي أن التلبس بالفرض يمنع العودة إلى السنة. بينما يرى الحنفية جواز العودة إلى سجود التلاوة في هذه الحالة، مع وجوب سجود السهو بعد السلام لترك الواجب.
الموازنة بين الآراء وترجيح الرأي الراجح
بعد عرض الأقوال الفقهية في هذه المسألة، يتبين أن الرأي الراجح هو قول الجمهور القائل بعدم العودة إلى سجود التلاوة بعد التلبس بركن لاحق في الصلاة، وذلك لأن الصلاة لها أركان وشروط لا يجوز الإخلال بها، كما أن هذا الرأي أحوط للعبادة وأبعد عن الوساوس والزيادات التي قد تشوش على المصلي. ومع ذلك، فإن الخلاف في هذه المسألة من الخلاف السائغ الذي تتسع له رحاب المذاهب الفقهية المعتبرة.
نقلاً عن : تحيا مصر
- موعد مباراة باريس سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة والتشكيل المتوقع - 13 يوليو، 2025
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس خلال ساعات - 13 يوليو، 2025
- خطوات وشروط إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025|تفاصيل - 13 يوليو، 2025
لا تعليق