محمود بدر الدين.. الأستاذ الجامعي الذي صنع حلم الدوري المصري

ساعات قليلة وتبدأ مسابقة الدوري المصري الممتاز 2025/2026، وبدأت بطولة الدوري في 1948 وحتى 2025 تم إلغاء المسابقة 8 مرات لأسباب مختلفة، ومع انطلاقة المسابقة دائما يتم الحديث عن صاحب فكرة الدوري المصري الممتاز وهو محمود بدر الدين الاستاذ الذي رحل عن مهنة التدريس من أجل شغف كرة القدم، ويستعرض موقع تحيا مصر التفاصيل.

من هو محمود بدر الدين؟

ساهم شغف كرة القدم في رحيل الاستاذ الجامعي للفنون التطبيقية عن مهنه التدريس وتعلق بكرة القدم وكل ما يدور فيها، فعمل في مجال التحكيم، بجانب العمل الإداري داخل ناديي الأهلي والزمالك ورئاسة الاتحاد المصري لكرة القدم، وأول معلق كروي في تاريخ الإذاعة المصرية.

لعب محمود بدر الدين في فترة الناشئين مع نادي الزمالك ولكنه لم يكن يمتلك القدرة الكافية على الاستمرار في ممارسة كرة القدم، فقرر الابتعاد عن اللعب ولكن كان الفكر الكروي هو الأفضل من أجل المساهمة في تطوير الكرة في مصر.

بعد الفشل في أن يكون بدر الدين لاعبا بنادي الزمالك أتجه لمجال التحكيم وفي نفس الوقت تم تعيينه استاذا جامعيا في كلية الفنون التطبيقية بجامعة عين شمس، وكان من أمهر الحكام في مصر لسنوات عديدة وكان يقوم بإعطاء النصائح والإرشادات للحكام الجديد من أجل الارتقاء بمستواهم، حتى قرر اعتزال التحكيم وهو الأفضل في مصر وقتها.

العمل الإداري

التعلق بالنشاط الكروي كان أحد أسباب استمرار محمود بدر الدين في العمل الإداري وقرر تقديم استقالته من جامعة عين شمس للتفرغ لكرة القدم فقط، وتم تعيينه في منصب سكرتير كرة القدم بالنادي الأهلي، وبعد ذلك ذهب للعمل كإداريا في نادي الزمالك.

بعد النجاحات التي حققها محمود بدر الدين في العمل الإداري مع الأهلي ومنتخب مصر تم تعيينه مسئولا إداريا عن منتخب مصر في كأس العالم 1934 بإيطاليا.

فكرة الدوري المصري

في بداية الأربعينيات من القرن الماضي تم انتخاب بدر الدين سكرتيرا عاما للاتحاد المصري لكرة القدم، وكانت تقام في ذلك التوقيت بطولة الكأس السلطانية فقط والتي أقيمت منذ عام 1917 قبل تأسيس الجبلاية بـ 3 سنوات.

تم إلغاء الكأس السلطانية في 1938 وظهور بطولة دوري القطاعات في منطقة القاهرة والإسكندرية والقناة، وخلال لعب هذه البطولة كان تفكير محمود بدر الدين في إقامة دوري عام في مصر وذلك مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939.

استغل محمود بدر الدين تواجد محمد لطيف لاعب الزمالك والذي كان محترفا في ذلك التوقيت في إسكتلندا بجانب مصطفى كامل منصور حارس الأهلي، وكانت ممارستهم لكرة القدم بسبب الدراسة في جامعة جلاسكو في الصحة والتربية البدنية.

بدأت فكرة الدوري المصري من ثنائي الأهلي والزمالك بتطبيق الفكرة في مصر ولكنها لم تكن محببه لدى المسئولين وقتها عن كرة القدم المصرية، وكان محمود بدر الدين في ذلك التوقيت سكرتيرا للاتحاد ويحاول تطوير الجبلاية وكان يرى العشوائية في القرارات فقط والافتقاد للتنظيم الإداري وعدم تسجيل قرارات مجلس الإدارة أو الحسابات التي تخص اللاعبين والأندية بجانب الحكام.

محمود بدر الدين رئيسا لاتحاد كرة القدم المصري

بعد ما شاهده محمود بدر الدين من تخبطات داخل الاتحاد المصري لكرة القدم قرر تقديم استقالته على الفور وقرر تعيين نفسه مديرا لاتحاد كرة القدم من أجل التخطيط لمستقبل كرة القدم المصرية، وكان يحصل على 50 جنيها كراتب شهري ليلقى العديد من الاتهامات من جانب البعض في ذلك الوقت ليقرر رفض المبلغ الذي يتقاضاه من وزارة الشئون الاجتماعية وقرر أن الاتحاد سيقوم بالتمويل الذاتي.

كان محمود بدر الدين يعلم جيدا قيمة إقامة دوري كرة قدم في مصر وأهمية الرياضة كما يحدث في العالم، وخاطب اللجنة الأولمبية المصرية وقتها وأكد لهم عدم الحاجة لمبلغ الإعانه السنوية وفضل العمل على شعبية كرة القدم الجارفة وتستطيع الإنفاق على نفسها ذاتيا.

إقامة مباريات عالمية

قد لا يعرف البعض أن محمود بدر الدين هو صاحب فكرة تواجد الأندية العالمية في مصر للعب المباريات الودية، فكان أهم من دعاهم للعب في القاهرة منتخب المجر بقيادة بوشكاش ومنتخب يوغسلافيا بطل أوروبا وقتها.

في 1948 أقيمت مباراة ودية بين منتخب مصر والمجر على ملعب نادي الترسانة وكانت هذه المباراة برعاية الملك فاروق، ليبدأ بدر الدين في التخطيط بعدما قام بزيادة شغف كرة القدم لدى الجماهير باستقطاب المنتخبات العالمية والأندية والعمل على تنفيذ الدوري العام كما يحدث في أوروبا.

في عام 1946 بدأ محمود بدر الدين في الترويج لفكرة إقامة الدوري المصري وكان يريد الحصول على الموافقة فقط من جانب المسئولين، وشرح في جريد الأساس أسباب إقامة الدوري المصري وأهمية المنافسة بين الأندية والفوائد العديدة التي سوف تصب على الجميع وزيادة الخبرات بين جميع الفرق.

اعتماد محمود بدر الدين كان على العاطفة وقتها وهو الأمر الذي كان له قبول كبير من المتابعين، وتفاجئ بأن هناك من يريدوا محاربة فكرة إقامة الدوري المصري من خلال الصحف والنقاد الرياضيين، وكان من أبرز مهاجمي بدر الدين، إبراهيم علام في جريدة الجمهورية والذي كتب مقالا كبيرا لمهاجمته بشكل كبير.

في عام 1948 نجح محمود بدر الدين في إقناع محمد حيدر رئيس اتحاد كرة القدم المصري ونادي الزمالك في إقامة بطولة الدوري المصري، وكان ممن لديه الثقة الكبيرة من الملك فاروق وعرض الفكرة عليه ووافق حيث كانت مصر وقتها قد خرجت من حرب فلسطين 1948.

بداية الدوري المصري

تم تدشين أول بطولة دوري مصري في 22 أكتوبر 1948 وبدأت في المتابعة من جانب الجميع حتى أصبحت البطولة الأكبر عربيا وفي أفريقيا والشرق الأوسط وأنديتها تتحكم في جميع البطولات داخل القارة السمراء.

إذاعة المباريات

لم يكتفي محمود بدر الدين بأنه صاحب فكرة إنشاء الدوري المصري فكان أيضا أول معلق إذاعي على مباريات كرة القدم في مصر، فكان يمتاز بالمعلومات الرائعة عن كرة القدم والمصطلحات الجيدة، والأسلوب الراقي وكان يقوم بإذاعة نتائج المباريات.

يعتبر محمود بدر الدين هو صاحب نظرية الظهير الثالث في الكرة المصرية وكان يتحدث عن هذه الطريقة خلال إذاعة المباريات وكان هناك تقارب من المستمعين بكرة القدم بسبب طريقة شرح بدر الدين للمباريات ووصفها.

وفاة محمود بدر الدين

توفي محمود بدر الدين في 1955 ورحل بعد إنشاء الدوري المصري والفكرة التي حارب عليها كثيرا من أجل خروجها للنور وظل الدوري المصري هو الأفضل في المنطقة العربية بالرغم من بعض الأحداث التي كان لها تأثير على قيمة البطولة خلال السنوات الأخيرة.

وكون أن أول بطولة دوري عام كانت بدايتها في أكتوبر 1948 فتبدأ مسابقة الموسم الجديد 2022/2023 في أكتوبر 2022 ليستمر الدوري المصري الأقوى والأفضل عربيا.