مشتريات أكبر مصفاة نفط أفريقية تقل للنصف وشكوك في سوق البنزين

انخفضت مشتريات مصفاة “دانغوتي” العملاقة في نيجيريا من النفط الخام بشكل حاد بسبب تحديات تشغيلية، في تطور يُرجح محللون أن يستمر حتى العام المقبل، ما قد يبقي أسعار البنزين عند مستويات مرتفعة.
بحسب بيانات تتبع الناقلات وقوائم تخصيص الشحنات التي جمعتها بلومبرغ، يتوقع أن تشتري المصفاة أقل من 300 ألف برميل يومياً خلال أكتوبر، تشمل الإمدادات المحلية والواردات، في تراجع بأكثر من 50% مقارنة بذروة يوليو، ولا يتجاوز نصف طاقة المنشأة.
مشتريات “دانغوتي” تهم الأسواق
تهم وتيرة شراء الخام من “دانغوتي” الأسواق، كونها منتجاً كبيراً للبنزين. فمنذ انطلاقها في 2024، أعادت المصفاة رسم مشهد أسواق النفط في غرب أفريقيا وخارجها، لكنها اصطدمت بعقبات تشغيلية شملت انقطاعات مفاجئة في الإنتاج وأعمال تخريب من بعض الموظفين في خضم مساعي إعادة الهيكلة.
وأسهمت هذه العوامل، إلى جانب توقفات في مصافٍ بأوروبا والشرق الأوسط، في إبقاء أسعار البنزين قوية على غير العادة خلال الأشهر الماضية.
أزمات تشغيلية في أكبر مصفاة أفريقية
واجهت وحدة إنتاج البنزين في مصفاة “دانغوتي”، الأكبر من نوعها في أفريقيا، عدة توقفات تشغيلية هذا العام، وقد تضطر إلى التوقف مجدداً مطلع العام المقبل لاستكمال أعمال أساسية، بحسب شركة “IIR إنرجي” المتخصصة في المعلومات الصناعية.
بحسب محللين، من بينهم الشركة الاستشارية FGE NexantECA، فإن هذه التحديات التشغيلية تزيد الشكوك حيال قدرة المصفاة على العمل على مستوى عالٍ مع اقتراب عام 2026.
ورفض مدير تنفيذي في شركة “دانغوتي إندستريز” التعليق على وضع التشغيل المستقبلي لوحدة إنتاج البنزين الرئيسية.
قال تشي لين تام، رئيس وحدة التكرير في شركة “FGE NexantECA”، إن مصفاة “دانغوتي ستستمر في مواجهة تحديات تشغيلية خلال العام المقبل على الأرجح وإن كانت بوتيرة أخف مقارنة بالعام الحالي”. وأضاف أن الانقطاعات المفاجئة “قد تضيف زخماً صعودياً إلى سوق البنزين خلال الفترة المقبلة”، لا سيما قبيل موسم القيادة في الصيف.
بحسب شركة “IIR” المتخصصة برصد الاقتطاعات، كان من المرتقب أن تُستأنف هذا الأسبوع أعمال وحدة التكسير التحفيزي للمتبقيات في المصفاة، بعد توقف استمر منذ أواخر أغسطس، لكنها أشارت إلى أنه لا يزال يلزم إنجاز الكثير من الأعمال في وحدة إنتاج البنزين، وقد تستلزم إغلاقاً جديداً في يناير المقبل.
في المقابل، قال مسؤول في شركة “دانغوتي إندستريز” الأسبوع الماضي إن الوحدة عادت إلى العمل بالفعل، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية.
قال نيل كروسبي، المحلل في شركة “سبارتا كوموديتيز”، إن “أسعار البنزين في أوروبا سجّلت أداءً قوياً للغاية بسبب المشكلات التشغيلية في مصفاة دانغوتي”. وأضاف “حالياً، السجل التشغيلي للمصفاة ضعيف، وإذا استمر على هذا النحو، فسيواصل دعم أسعار البنزين الأوروبية، وربما نواتج التقطير أيضاً إلى حدّ ما”.
النفط الخام في نيجيريا
تتسلّم مصفاة “دانغوتي” هذا الشهر نحو 150 ألف برميل يومياً من المواد الأولية من شركة النفط الوطنية النيجيرية بموجب اتفاق توريد أُبرم مؤخراً. كما تخطط الشركة الوطنية لإرسال كمية مماثلة خلال نوفمبر، بحسب قوائم تخصيص الشحنات التي اطلعت عليها “بلومبرغ”.
تراجعت وتيرة مشتريات المصفاة من الخام منذ الذروة التي بلغتها في يوليو، والتي جاءت بشكل أساسي نتيجة زيادة الواردات من الولايات المتحدة. ويرجّح أن يعكس هذا التباطؤ انخفاض معدلات التشغيل بسبب قيود على الطاقة الإنتاجية. ومن المؤشرات الإضافية على ضعف الطلب على الواردات، أن “دانغوتي” لم تشترِ حتى الآن أي شحنة من خام “غرب تكساس الوسيط” لشهر نوفمبر، بحسب ما أفاد به متعاملون.
ورغم ذلك، لا يزال بإمكان المصفاة زيادة مشترياتها من السوق الفورية في أي وقت. غير أن كروسبي يرى أن قرارات الشراء الهامشية ستعتمد شهرياً على أوضاع التشغيل. من جانبها، تتوقع شركة “وود ماكنزي” تحسّناً في معدلات التشغيل بمجرد تجاوز العراقيل الحالية.
قال آلان غيلدر، نائب رئيس قسم التكرير والكيماويات وأسواق النفط في شركة “وود ماكنزي”، إن أي تعثر إضافي في تشغيل مصفاة “دانغوتي” من شأنه أن يقيد كميات الخام المعالجة، ويؤدي إلى إنتاج مزيج من المشتقات أقل قيمة مقارنة بالبنزين.
وأوضح أن ذلك قد يدعم صادرات “دانغوتي” من زيت الوقود إلى الأسواق الآسيوية، التي تُعدّ من أبرز وجهاته، كما سيُبقي البنزين الأوروبي يتدفق إلى غرب أفريقيا لتعويض النقص المحلي، ما يُعزّز بدوره قطاع التكرير في أوروبا.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج