من شوارع البيضاء إلى أمم إفريقيا.. أيوب الكعبي وفن المقصيات
وقف المغربي نائل العيناوي، لاعب روما الإيطالي واضعاً يديه على رأسه في حالة من الذهول الكامل في الدقيقة الـ 74 من مباراة المغرب وجزر القمر في افتتاحية كأس أمم إفريقيا 2025.
المشهد الذي شاهده لاعب لانس السابق كان مذهلاً بكل المقاييس: أيوب الكعبي، المهاجم المغربي البالغ من العمر 32 عاماً، يسجل هدفاً رائعاً بمقصية هوائية على بُعد أقل من متر منه، محولاً عرضية أنس صلاح الدين إلى تحفة فنية.
المقصيات الهوائية.. ماركة مسجلة باسم أيوب الكعبي
ووصفت صحيفة “Lequipe” الفرنسية في تقرير خاص أن “هذا النوع من الأهداف الاستعراضية أصبح علامة مسجلة باسم نجم أولمبياكوس اليوناني”. وما إن انتهت المباراة حتى انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مجمعة تعرض أبرز لحظاته البهلوانية عبر مسيرته.
يظهر الكعبي وهو يكرر هذا الإنجاز الفني مع مختلف الأندية التي مثلها ومع أسود الأطلس. آخر هذه الأهداف قبل كأس الأمم كان ضد بنين في مباراة ودية في شهر يونيو (1-0)، وقبلها في أكتوبر 2021 خلال الفوز الكبير على غينيا بيساو (5-0).
ورغم أن هذه المجموعة ليست شاملة تماماً – إذ سجل أربعة أهداف مماثلة مع فريقه السابق الوداد الرياضي وحده – فإنها تكفي لإبراز البراعة الفريدة لهذا المهاجم المغربي.
السر وراء إتقان الكعبي للكرات الهوائية
في كل مرة، تظهر المقصية بنفس الأسلوب: ضربة من الأعلى وليس من الجانب، مع ارتفاع قدمه عند لحظة التسديد إلى مستوى رأس المدافع المنافس.
التقنية متقنة لدرجة توحي بأن الكعبي كان يستطيع تسجيل نفس الأهداف برأسه.
وصفه البوركينابي يوسوفو دايو زميله السابق في نهضة بركان (2017-2018) قائلًا: “إنه (مهاجم) قاتل حقيقي أمام المرمى، أراه شبيهاً بروبرت ليفاندوفسكي… إنه يتحرك وقادر على تسجيل أهداف استعراضية للغاية. لكن ما لاحظته بشكل خاص هو استرخاؤه في اللمسة الأخيرة.. لا يشعر بالهلع أبداً”.
ويضيف: “إنه عفوي جداً ومنجذب بشدة للمرمى. لا ينتظر تحسين وضعيته أو محاولة المراوغة، بمجرد أن تتاح له الفرصة يسدد فوراً.. سواء بقدمه أو بمقصية هوائية إذا كانت الكرة في الهواء. إنه يجرب حظه طوال الوقت. هذه هي قوته. كما أنه لا يبخل بالجهد، سواء هجومياً أو دفاعياً”.
من شوارع الدار البيضاء إلى النجومية
قبل كأس العالم 2022، كشف الكعبي – على الرغم من تخصصه في المقصيات – أن هدفه المفضل كان ركلة حرة لكريستيانو رونالدو ضد إسبانيا عام 2018.
لأن الكعبي لا يفعل شيئاً مثل الآخرين، كما يشهد بذلك مسار هذا المهاجم الذي برز متأخراً.
قبل أن يصبح هدافاً غزير الإنتاج مع المغرب (30 هدفاً في 61 مباراة دولية) والصانع الرئيسي لفوز أولمبياكوس بدوري المؤتمر الأوروبي 2024 (15 هدفاً في الموسم الأوروبي بأكمله، رقم قياسي للاعب إفريقي)، بدأت قصته في الأحياء الشعبية بالدار البيضاء. هناك تعلم كرة القدم في الشوارع، في طفولة تميزت بـ “العمل في أشغال البناء، وتنظيف السجاد أو بيع الملح”.
برز إثر موسم رائع مع الراسينغ البيضاوي في الدرجة الثانية المغربي، وعمره 23 عاماً، قبل أن ينتقل إلى نهضة بركان ثم قام بتجربة سريعة في الصين، وعاد إلى الوداد ثم حط الرحال في اليونان بعد محطات سريعة في تركيا وقطر.
وفي غضون ذلك، فتح له أداؤه الاستثنائي في “الشان” 2018 (9 أهداف) أبواب المنتخب للمشاركة في مونديال 2018 وزاد من شهرته في القارة.
منافسة على المركز الأساسي
لكن بعد سبع سنوات، وفي ظل منافسة شديدة، لم يكن يحظى بالإجماع في مركز الرقم 9 قبل “الكان” وكان بديلاً عند انطلاق المباراة أمام جزر القمر.
هدفه الرائع جعله بلا شك يكسب نقاطًا أمام سفيان رحيمي، المهاجم الذي بدأ أساسياً يوم الأحد لكنه فشل في تسجيل ركلة جزاء (الدقيقة 11). هل يكفي ذلك للمطالبة بمكان أساسي لبقية البطولة؟.. الحكم سيكون يوم الجمعة ضد مالي.
نقلاً عن: الشرق رياضة
