الكنيسة , تحتفل في مصر ومختلف دول المهجر بعيد الصعود المجيد يوم الخميس 29 مايو ، في إطار أجواء روحانية يغلب عليها الطابع الفَرَائحي الذي يميز موسم الخماسين المقدسة. يُعد عيد الصعود من الأعياد السيدية الكبرى في الكنيسة، ويأتي تتويجًا لمسيرة الخلاص التي بدأت بالقيامة، ويُنظر إليه كحدث مفصلي يمهد لعيد العنصرة وحلول الروح القدس.

الصعود في سياق الخماسين المقدسة
يأتي عيد الصعود في اليوم الأربعين من عيد القيامة المجيد، وهو يتوسط فترة الخماسين المقدسة التي تمتد خمسين يومًا، وتُعد من أبهج المواسم القبطية. تتميز هذه الفترة بعدم الصوم وارتفاع الصلوات بالألحان المبهجة، وهو تعبير عن فرحة الكنيسة بقيامة السيد المسيح.
خلال هذه الأيام، يحتفل الأقباط دون انقطاع، إذ لا تُقام فيها مطانيات (سجدات)، ولا صلوات الأجبية المعتادة على مدار اليوم، ويُستعاض عنها بصلوات ممزوجة بالألحان الفرايحي، التي تعكس روح الانتصار والغلبة على الموت.

دلالات لاهوتية وروحية لعيد الصعود في الكنيسة
يُعد عيد الصعود أحد أبرز الأعياد المسيحية من حيث الدلالة الروحية، إذ يُنظر إليه كتمجيد إلهي للسيد المسيح الذي أكمل رسالته على الأرض وصعد إلى السموات، جالسًا عن يمين الآب. وتوضح النصوص أن صعود المسيح لم يكن نهاية حضوره، بل تحول من حضور مرئي خارجي إلى حضور داخلي غير منظور من خلال الروح القدس.
كما تشير إلى أن صعود المسيح كان ضروريًا لتهيئة التلاميذ لحلول الروح القدس في عيد العنصرة، إذ تقول التعاليم الكنسية: “اختفاء السيد المسيح سابق للحلول”، أي أن الصعود كان خطوة تسبق التجلي الكامل للروح القدس الذي سيحل على التلاميذ بعد عشرة أيام من العيد.

القداسات والوصية الكبرى في الكنيسة
تشهد الكنائس القبطية في عيد الصعود طقوسًا مميزة، تبدأ برفع صلوات الساعة الثالثة والسادسة، يليها تقديم الحمل (الذبيحة المقدسة)، ثم قراءة فصول الإنجيل الخاصة بالمناسبة. ويُتلى مرد خاص من سفر “الإبركسيس” (أعمال الرسل) يستمر حتى عيد العنصرة، وهو تذكير دائم بترابط الأحداث بين الصعود وانطلاق كنيستنا في مهمتها الرسالية.
كما تحتفظ في هذا العيد بمعنى رسولي هام، حيث يوصي السيد المسيح تلاميذه قبيل صعوده: “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم…”، وهي وصية تُعتبر حجر الزاوية في رسالتها المستمرة في الكرازة والتبشير، ما يجعل من عيد الصعود ليس فقط ذكرى تاريخية، بل دعوة دائمة لكل مؤمن للانخراط في رسالة الإنجيل.
وهكذا، يأتي عيد الصعود كتجسيد للفرح، واستعداد روحي لما هو أعظم، مُعلِنًا اكتمال عمل الخلاص .
نقلاً عن : صوت المسيحي الحر
لا تعليق