“نحن صُنّاع التاريخ”.. باحث مصري مقيم بنيوزيلندا يكشف هوس الغرب بحضارة مصر القديمة

“نحن صُنّاع التاريخ”.. باحث مصري مقيم بنيوزيلندا يكشف هوس الغرب بحضارة مصر القديمة

كشف الدكتور شريف عمار، الباحث والأخصائي المصري في علم الأوبئة، عن سر هوس النيوزيلنديين بحضارة مصر القديمة وسبب حلمهم في زيارة القاهرة ووضعها على رأس أولوياتهم.

 

وقال الباحث في منشور له عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: أنا أعيش في نيوزيلندا منذ 8 سنوات، وفي كل مرةٍ يسألني أحدهم أو يكتشف أنني مصري، تكون ردة فعله الأولى (والله دون أي مبالغة): “واااااو!”. منهم من يقول إنه زار مصر 5 مرات من حبه لها، ومنهم من حدثني بشغفه وهوسه بحضارة مصر القديمة، وكثيرين قالوا إن زيارة مصر على رأس قائمة أولوياتهم وأحلامهم.

 

وأضاف: حين دعوتُ مديرتي الإنجليزية وزوجها إلى العشاء في بيتي، تفاجأتُ بأن زوجها حضر مرتديًا قميص ليفربول، وعليه اسم أسطورتنا «محمد صلاح»، علمتُ بعدها أنه مشجع ليفربولي أصيل أبًا عن جدٍّ، وأنه يعشق محمد صلاح، قال لي في نهاية حديثنا الطويل عنه: “نحن مدينون لمصر، لأنها أهدتنا أعظم لاعب في تاريخ النادي والدوري الإنجليزي.”

وتابع: زميلي الهندي، المهووس بالإسكواش، حين علم أنني مصري، جاء إلى مكتبي خصيصًا ليخبرني بمنتهى الحماس أنه من أكبر المعجبين ببطل العالم السابق “علي فرج”، وأنه تابع جميع مبارياته بالبث المباشر رغم فارق التوقيت الكبير في نيوزيلندا، ثم بدأ يحدّثني بشيءٍ من الهوس عن السيطرة المصرية المطلقة على هذه اللعبة. وعندما علم أن لي ابنة في الثامنة من عمرها، ابتسم مازحًا وقال: “اجعلها تلعب الإسكواش، وسأدرّبها بنفسي مجانًا، أضمن نجاحها، لأنني متأكد بوجود تعويذة فرعونية تسري في جيناتكم!”

واستطرد قائلًا: أما أسرتنا النيوزيلندية، عندما زارت مصر العام الماضي، سألتهم إن كانت رحلتهم عند مستوى توقعاتهم، قالوا لي : “لا بد أنك تمزح!! لقد فاقت مصر جميع توقعاتنا! كان شعارنا طوال رحلتنا في الأقصر وأسوان والجيزة: How the hell did they do that? يجب أن تفتخر ببلدك و حضارتك وأجدادك!!.

وذكر الباحث المصري أنه في العام الماضي أيضًا، حضر حفلاً للفلكلور المصري في نيوزيلندا. وقال: إن العجيب أنه لم تكن بين المؤدّيات مصرية واحدة، كلّهنّ كنّ من دولٍ مختلفة يرقصن على أنغامٍ وكلماتٍ مصريةٍ شرقيةٍ خالصة، وكانت القاعة ممتلئةً عن آخرها، جمهور أغلبه لم يكن مصريا ولا حتى عربًا، من أجناسٍ وثقافاتٍ متعدّدة، جمعهم حبهم لمصر وفنها وإرثها الثقافي، وفي ختام الحفل، خرجت مديرة الحفل — وهي برازيلية — لتقول: “نختتم حفلنا اليوم بأغنيةٍ للأسطورة المصرية أم كلثوم”، ثم تابعت: “اعترف أنني أحسد المصريين على موسيقتهم وفنهم، ولأنهم يستطيعون أن يفهموا كلماتهم ويستمتعون بها، ربما أكون ولدت في البرازيل، وأعيش في نيوزيلندا، لكن روحي في مصر”. 

الدكتور شريف عمار وزوجته

وأضاف: في كل زيارةٍ لي إلى تونس، بلد زوجتي، أشعر أنّني لم أغادر القاهرة أصلًا. من المقاهي تنبعث أصوات عبد الحليم وأم كلثوم، والناس يضحكون على مسرحية لعادل إمام أو سعيد صالح. عادل إمام في تونس أسطورة حقيقية، لا أحد يقترب من منزلته في قلوبهم. وفي الأسواق، ما إن يسمعوا لهجتي المصرية حتى تسبقهم الابتسامة: “إزيّك يا باشا”، “أخبارك إيه يا كبير”، “منور الدنيا يا دكترة!” ثم يستحضرون مشهدًا أو “قفشة” من أفلامنا ومسلسلاتنا الخالدة. قال لي أحدهم يومًا مبتسمًا: “المصريين علّمونا كيفاش نضحكوا ونحبّوا بالفن!”.

 

ويكمل: وفي متحف اللوفر، رأيت بين أروقته ملامح مصر تتوزّع في كلّ أركانه. وقفت أتأمّل وجوه الزوّار من كلّ الجنسيات، كيف تتجمّد أمام جداريةٍ أو تمثالٍ أو قطعةٍ فرعونيةٍ صغيرة، وقد علتها دهشةٌ وإجلال. تقدّم مني أحدهم عندما علم أنني مصري وقال: “أريد صورةً مع أحد أحفاد صُناع هذا الجمال.”

وتابع: لم أشعر يومًا، وأنا أسير في أي شارعٍ من شوارع العالم، بأنني أقلّ من أحد. على العكس تمامًا، حين أرى آثارنا في المتاحف، ومسلاتنا في الميادين، وأسماءنا منقوشةً على حجارة التاريخ، وأفلامنا وموسيقانا في كل بيت، ومبدعينا وناجحينا من أبنائها في كل مجالٍ ومكان، ينتابني شعورٌ بالفخر والعظمة والزهو. هذه بلادي… وهذا إرثي وأثري وامتدادي في كل زمان ومكان.

هذه هي الحقيقة، حقيقةٌ لا ينكرها إلا حاقدٌ مفلسُ التاريخ والإنجازات، أو جاهلٌ مفلسُ الثقافة والوعي، أو متجاهلٌ أعماه التعصّبُ لاعتقادٍ أو جماعةٍ أو بلاد. اليوم، نحن لسنا التاريخ، اليوم نحن صُنّاع التاريخ.

واختتم منشوره قائلًا: اليوم، نقف لنحتفي بما يليق بمصر وبأبنائها… أعظم وأكبر متحفٍ على وجه الأرض، تحفةٌ معماريةٌ تليق ببُناة أعظم حضارةٍ عرفتها البشرية، وتروي للعالم أن مجدنا لم يكن فصلًا انتهى، بل قصةٌ لا تزال تُكتب. دمتم مرفوعي الرأس… في كل زمانٍ ومكان.

نقلاً عن: مصر تايمز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف