نمو صادرات الصين عند أعلى مستوى في 6 أشهر مع تصاعد الحرب التجارية

سجلت الصادرات الصينية أسرع وتيرة نمو في 6 أشهر، متجاوزة جميع التوقعات، في إشارة إلى متانة الأداء الاقتصادي الذي يمنح بكين موقفاً أقوى في خضم الحرب التجارية الأميركية الصينية المتجددة.
ارتفعت الصادرات 8.3% في سبتمبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لبيانات صادرة عن الإدارة العامة للجمارك اليوم. فاقت هذه النسبة متوسط توقعات خبراء الاقتصاد في استطلاع بلومبرغ البالغ 6.6%، ما يُظهر أن تدفق بضائع الصين إلى الأسواق العالمية ما زال عند مستويات قياسية دون أي تباطؤ يُذكر.
قوة صادرات الصين
وقالت ميشيل لام، كبيرة خبراء الاقتصاد لمنطقة الصين الكبرى في بنك “سوسيتيه جنرال”: “ظلت الصادرات الصينية متينة رغم الرسوم الجمركية الأميركية، بفضل تنوع أسواق التصدير وتمتع الشركات الصينية بقدرة تنافسية عالية. الأثر المحدود للرسوم الأميركية على التجارة الإجمالية حتى الآن شجع الصين على اتخاذ موقف أكثر تشدداً في المفاوضات التجارية مع واشنطن”.
طالع المزيد: الصين تطالب الولايات المتحدة بالكف عن التهديد بالرسوم الجمركية
يعني استمرار الطلب القوي من الأسواق غير الأميركية أن الشركات الصينية ستتأثر على نحو أقل بالزيادة الجديدة في الرسوم التي يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرضها. كما أن ارتفاع المبيعات الخارجية يوفر دفعة لاقتصاد داخلي يعاني من الانكماش ومن صعوبات في وقف تراجع الطلب على العقارات والأسعار في سوق الإسكان.
من المقرر أن تعلن الصين في 20 أكتوبر الجاري بيانات النشاط الاقتصادي للربع الثالث من العام، ويتوقع معظم المحللين أن تُظهر تباطؤاً مقارنة بالنصف الأول. رغم ذلك، فإن الأداء القوي في الربعين الأولين يجعل من شبه المؤكد أن تحقق البلاد هدف النمو الرسمي البالغ نحو 5%.
صعدت الواردات بنسبة 7.4% في سبتمبر الماضي، متجاوزةً أيضاً التوقعات، لتسجل الصين فائضاً تجارياً قدره 90.5 مليار دولار.
قال وانغ جون، نائب رئيس مصلحة الجمارك، للصحفيين في بكين: “البيئة الخارجية الحالية ما تزال قاتمة ومعقدة، إذ تواجه التجارة الخارجية مزيداً من حالات عدم اليقين والصعوبات. مع الأخذ في الاعتبار مستوى الأساس المرتفع من العام الماضي، نحتاج إلى جهد كبير للحفاظ على استقرار نمو التجارة خلال الربع الأخير من العام الجاري”.
رأي خبراء “بلومبرغ إيكونوميكس”:
“المحادثات التجارية تدخل مرحلة مضطربة جديدة، والطريق نحو أي اتفاق أصبح طويلاً ومعقد. بما أن الولايات المتحدة الأميركية أبرمت اتفاقات تجارية مع اقتصادات كبرى أخرى، فإنها تستطيع الآن تركيز اهتمامها أكثر على الصين، فيما يستعد الجانبان لمزيد من التصعيد”.
ضوابط صادرات الصين
كانت الصين قد كشفت الأسبوع الماضي عن ضوابط تصدير شاملة على المنتجات التي تحتوي حتى على آثار من بعض العناصر الأرضية النادرة، ما دفع ترمب إلى الرد بتهديد إلغاء لقائه المخطط مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهو الأول بينهما منذ 6 سنوات. كما أعلن ترمب عن خطط لفرض رسوم إضافية بنسبة 100% على البضائع الصينية، إلى جانب قيود واسعة على “جميع أنواع البرمجيات الحساسة”.
اقرأ المزيد: ترمب يلغي لقاءه بالرئيس الصيني ويهدد بكين برسوم جمركية “هائلة”
في وقت لاحق، أبدت إدارة ترمب استعدادها للتوصل إلى اتفاق مع الصين لتهدئة التوترات التجارية الجديدة، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن قيود التصدير الأخيرة التي أعلنتها بكين تمثل عقبة كبيرة أمام المفاوضات.
ووفقاً لتقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”، فإن زيادة الرسوم الأميركية 100% سترفع معدل الجمارك الفعلي المفروض على البضائع الصينية إلى نحو 140%، وهو مستوى كفيل بشل حركة التجارة تماماً. رغم أن نسبة الرسوم الجمركية الحالية تزيد بنحو 25 نقطة مئوية عن المتوسط العالمي، فإن هيمنة الصين على قطاع التصنيع ما زالت تُبقي صادراتها متدفقة.
قال خبراء اقتصاديون في بنك “مورغان ستانلي” بقيادة روبن شينغ في تقرير صدر قبل نشر البيانات: “قد يؤدي تصعيد طويل الأمد إلى إطالة فترة الانكماش في الصين، ما قد يدفع المسؤولين إلى مزيد من سياسات إعادة التوازن الاقتصادي. في حال تشديد الصين قيودها على صادرات المعادن النادرة وتطبيق الولايات المتحدة الأميركية لرسوم جمركية دائمة 100%، فإن نمو الصادرات الصينية قد يتباطأ سريعاً نتيجة الصدمة المباشرة للرسوم الجمركية واضطرابات سلاسل التوريد العالمية”.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج