الأنبا باخوميوس , ليس مجرد أسقف أو شخصية دينية ، بل هو شخصية وطنية شامخة، أحب الوطن بصدق، وتعلّم في مدارسه، وتخرّج من جامعاته، وعمل على خدمته طوال سنوات عمره. لم يفارق حب الوطن قلبه، بل لازمه في كل مراحل حياته.

كانت محبته للوطن ظاهرة في علاقاته الطيبة مع جميع المسؤولين، بدءًا من محافظ البحيرة وحتى مختلف القيادات التنفيذية، وهو أمر حافظ عليه على مدى خمسين عامًا من الخدمة المتواصلة.
تميز نيافته في كل تلك السنوات بالهدوء والحكمة ، وكان دائمًا يسعى إلى العمل العاقل الذي يضمن سلام الجميع، ويعبر عن الروح الوطنية الصادقة. لم يتوانَ يومًا عن تهدئة الأزمات أو المساهمة في حفظ الأمن الاجتماعي، فكان رمزًا للسلام في أوقات كثيرة مرت بها البلاد.

الأنبا باخوميوس خادم كنسي عابر للحدود
لم يكن نيافته قامة وطنية فقط، بل أيضًا قامة كنسية بارزة ساهمت في تأسيس وانتشار الخدمة خارج حدود مصر. سيامته كأسقف عام 1971 كانت نقطة تحول لإيبارشية البحيرة، التي كانت حينها منطقة منسية وغير مخدومة بالشكل الكافي.
قبل أن يُرسَم أسقفًا، بدأ خدمته شماسًا مكرّسًا في أول كنيسة قبطية خارج مصر بالكويت عام 1962. وبعدها، انتقل إلى السودان بدعوة من البابا كيرلس السادس، وهناك قدم خدمة مميزة لا يزال السودانيون يذكرونها حتى اليوم. المدهش في شخصيته أنه ما زال يتذكّر أسماء الأسر التي خدمها هناك، ويميز أبناءهم وأحفادهم عندما يزورونه في مصر.
خدمته امتدت من البحيرة إلى ربوع واسعة داخل وخارج مصر، وتعاون خلالها مع رؤساء دول ومحافظين ومسؤولين، وهو ما جعله نموذجًا للكنيسة المنفتحة والمنظمة في خدمتها. خدم ليبيا، الجزائر، تونس، ومالطا، وغيرها، وترك فيها جميعًا أثرًا طيبًا لا يُنسى.

حكمة الأنبا باخوميوس في زمن الأزمات
الحكمة فضيلة نادرة، لكنها كانت سمة أساسية في حياة أبينا الراحل . فقد كان صوت الحكمة في الكنيسة وفي الوطن، لا سيما خلال الأوقات الحرجة. حين واجهت الكنيسة أزمة عام 1981 قبيل اغتيال الرئيس السادات، كان أحد أعضاء اللجنة الخماسية التي أدارت الكنيسة بحكمة ورويّة.
وفي عام 1974، أرسله البابا شنودة الثالث إلى أستراليا لحل أزمة صعبة داخل الكنيسة هناك، ونجح بهدوئه وحكمته في إنهاء المشكلة وتجنيب الكنيسة تداعياتها. كذلك، حينما اختارته العناية الإلهية قائمقام البطريرك بعد وفاة البابا شنودة، واجه واحدة من أدق الفترات في تاريخ الكنيسة والوطن، لكنه أدارها بكل تعقّل وروح محبة وسلام.
كان دائمًا ما يردد أن “صُنع السلام هو أولوية أولى في حياة الإنسان”، وعاش بهذه القناعة، فسعى إلى تحقيق السلام في كل قراراته وأعماله. ولذلك لم يكن فقط قامة وطنية أو كنسية، بل كان أيضًا قامة حكيمة نادرة في تاريخ الكنيسة والوطن.
نقلاً عن مقال للبابا تواضروس نُشر في مجلة “الكرازة”، عدد ديسمبر 2021.
نقلاً عن : صوت المسيحي الحر
- موعد انطلاق امتحانات شهر أبريل لصفوف النقل.. التفاصيل كاملة - 2 أبريل، 2025
- تعرف على رسوم الاستعلام عن الرصيد في انستاباي - 2 أبريل، 2025
- حكاية ظهور السيدة العذراء فوق قباب كنيستها في الزيتون - 2 أبريل، 2025
لا تعليق