لقد كان الارتباط المحتمل بين إشعاع الهواتف المحمولة وأورام الدماغ موضوعًا للبحث العلمي المستمر واهتمامًا عامًا على مدى عقود عديدة. على الرغم من أن معظم الدراسات التي أجريت حتى الآن لم تثبت بشكل قاطع وجود علاقة سببية بين إشعاع الهواتف المحمولة وأورام الدماغ، إلا أنه من الضروري تحليل الأدلة المتاحة وفهم تعقيدات هذه القضية.
إشعاع الهواتف المحمولة و أورام الدماغ
ينبعث من الهاتف المحمول مجالات كهرومغناطيسية ذات ترددات راديوية غير مؤينة (RF-EMFs)، والتي تتميز بانخفاض طاقتها مقارنة بالإشعاعات المؤينة مثل الأشعة السينية أو أشعة جاما. حيث إن الإشعاع المؤين يمتلك طاقة كافية لإزالة الإلكترونات المرتبطة بإحكام من الذرات والجزيئات، مما يؤدي إلى تلف الحمض النووي وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
الإشعاعات غير المؤينة، مثل تلك التي تصدرها الهواتف المحموله، تفتقر إلى الطاقة الكافية لإحداث ضرر مباشر للحمض النووي. ومع ذلك، تزايدت المخاوف بشأن قدرة الترددات الراديوية والمجالات الكهرومغناطيسية على تسخين الأنسجة وإمكانية تأثيرها البيولوجي غير المباشر.
الهواتف المحمولة و وزيادة خطر الإصابة بأورام المخ
لقد أجرت العديد من الدراسات الوبائية تحليلاً للعلاقة بين استخدام الهواتف المحمولة وزيادة خطر الإصابة بأورام المخ. ومن بين هذه الدراسات، كانت دراسة الهاتف البيني، التي تُعتبر واحدة من أكبر وأشمل الدراسات، قد شملت 13 دولة ولم تُظهر أي زيادة عامة في خطر الإصابة بالورم الدبقي أو الورم السحائي، وهما النوعان الأكثر شيوعًا من أورام المخ المرتبطة باستخدام الهواتف المحمولة.
المجالات الترددية الكهرومغناطيسية
صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية المجالات الترددية الكهرومغناطيسية في عام 2011 على أنها “من المحتمل أن تكون مسرطنة للبشر” (المجموعة 2 ب)، وذلك استناداً إلى أدلة محدودة تشير إلى وجود علاقة محتملة بين استخدام الهاتف المحمول والورم الدبقي. ومع ذلك، لم يخلص هذا التصنيف إلى أن إشعاع الهاتف المحمول يسبب أورام المخ بشكل قاطع، بل أشار إلى وجود مخاوف تستدعي مزيداً من البحث.
علاقة سببية بين إشعاع الهاتف المحمول وأورام المخ
كما أن الدراسات التي أجريت على الحيوانات لم تقدم دليلاً قاطعاً يثبت وجود علاقة سببية بين إشعاع الهاتف المحمول وأورام المخ، على الرغم من أن بعض الأبحاث قد أبلغت عن تأثيرات بيولوجية، مثل تلف الحمض النووي وزيادة حدوث الأورام في القوارض التي تعرضت لمستويات مرتفعة من الترددات اللاسلكية.
على الرغم من استمرار الدراسات والنقاشات، فإن الإجماع العلمي الحالي لا يؤكد بشكل قاطع وجود علاقة سببية بين إشعاع الهواتف المحمولة وأورام الدماغ.
نظرًا لاحتمالية وجود فترات كمون طويلة في تطور السرطان، فإن البحث المستمر يعد ضروريًا لمراقبة آثار أنماط استخدام الهواتف المحمولة على المدى الطويل. من الحكمة أيضًا أن يتبع الأفراد الإرشادات الموصى بها للاستخدام الآمن للهواتف المحمولة، مثل استخدام الأجهزة التي لا تتطلب استخدام اليدين وتقليل التعرض، خاصةً بين الأطفال والمراهقين.
نقلاً عن : صوت المسيحي الحر
لا تعليق