غدة الإرهاب تُفرز قيحها في لبنان

غدة الإرهاب تُفرز قيحها في لبنان

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

يبدو أنَّ الكيان اللقيط سيستمر في إرهابه بصفته وشخصه، بعد أن فشلت غُدد أدواته- مثل داعش وأخواتها- في تنفيذ عملياته الإرهابية نيابة عنه، فها هو يسير متبجحًا مُتغطرسًا فوق جثث الأبرياء وجراحهم بإرهابه في لبنان،  الذي كان يُدير أدواته التي اصطنعها خارج جرائمه التي يرتكبها بنفسه داخل فلسطين.

كيان لن يكون له قبل ولا بعد، وغدة إرهابية، كبرت وتقيحت في مدار الإرهاب وفنونه، والإرهاب شرط وجود هذا الكيان الذي زرع في تربة لا تقبله.. أشك في مقدرتي على اللحظة التي أبدأ فيها عندما أروم ولوج خبايا كيان هو الإرهاب؟، ولا المعاني والمسميات التي يدركها القارئ الكريم، والرسائل التي يتسلمها العالم، وهو يشاهد غدة الإرهاب هذه تتقيح بنتانة في لبنان، ولا المتاهات والأدوات التي يستخدمها الكيان اللقيط؟، ولا إلى أين يأخذ البشرية جمعاء بإرهابه؟ إنها أسئلة أجد نفسي من خلالها في مناخ عالمي يضع كمامات لكي لا يشم رائحة تقيح غدة صهيونية سرطانية عانى من نتانتها  وقيحها المسموم جسم الأمة العربية منذ 76 عامًا.

بدأت المنطقة العربية تعرف معنى الإرهاب ومسمياته منذ اليوم الأول الذي زرع فيروس الإرهاب في فلسطين، على ما أذكر كانت بذرته الأولى النتنة، هي المنظمات الصهيونية- الهاجانا وأخواتها- التي مارست جرائم إرهابها البشعة في حق سكان الأرض، حدد الكيان اللقيط كيفية انتشار فيروسه عسكريًا وأمنيًا، استهدف حق الحياة للبشرية، لكنه هذه المرة طور “كروسومات” فيروس إرهابه، خرق كل خطوط القواعد في لبنان.

تشغلني قضيتان أساسيتان: العدالة الدولية، والحرية.. إن شتى مظاهر الظلم الدولي تثيرني بجزئياتها الصغيرة، وتملؤني غيظًا، فلا أجد في غير الكتابة للتنفيس عن ما تحمله نفسي، مع إيماني بأنَّ العدالة تستطيع أن تقضي على هذا الظلم.. إلا أنَّ الخطر يكمن في تمدد غدة الإرهاب هذه، وأولئك الذين تتقاطع مصالحهم معها، ويحافظون على الأمراض التي يعاني منها واقع الأمة، ويزيدونها تعقيدًا وخطرًا، لتبقى الحاجة إليهم قائمة باعتبارهم خبراء بدائها، وعرّافو دوائها.. هكذا عاشت غدتهم التي زرعوها وتكاثرت كالعلق على جسد الأمة، وبخاصة فلسطين وما حولها.. إن نقمتي هذه، تجعل كتابتي أحيانًا أشبه ما تكون بتقشير في تقيح هذه الغدة الخبيثة لتبقى مفتوحة – رغم بشاعة رائحتها – أمام شمس العدالة والحرية.

أحدد في موضوعي طبيعة انشغال الشعوب بهذه الغدة السرطانية في جسد الأمة العربية والإسلامية، تتخذ هذه الطبيعة أساسًا واضحًا، منذ 76 عامًا، كما إن شعوب المنطقة خبرت خطر هذه الغدة الإرهابية، ونالتهم نتانتها كل هذا الزمن الطويل، وكان الشعب الفلسطيني، واللبناني، والسوري، والمصري، والأردني، هم أول من تقايؤا بشاعة إفرازات أس شرنقتها، ولن تزول إلا باجتثاث كيانها من جسد الأمة.. قاومته الشعوب، وخاضت معه الحرب تلو الأخرى، بصورة متصلة ومتقطعة منذ عام 1948م، حتى يومنا هذا.

لقد أثر كل ذلك في مسيرة أطول قضية تحرر في هذا العالم الظالم، وكان الأساس الراسخ لمجمل هذه المسيرة مقاومة الظلم والظلمة، وإزالة الورم الخبيث الذي أصاب الأمة.. إذا كانت المقاومة اليوم هي محصلة لأشكال معاناة الشعب الفلسطيني، فإنها كذلك هي حصيلة لنضال الأمة التحرري.. بدأ نضالًا متفرقا في مرحلة، كانت ميادينه حامية بين مضامين القومية الوطنية والصهيونية، فتخلخلت قيم وأعراف الوحدة العربية.. في المرحلة نفسها تفجرت ثورات، إلا أن فلسطين بقيت تنزف، ونال شعبها عذابات إرهاب الكيان اللقيط، أعانه في ذلك طغاة العالم وأثرياء الحروب، كما ظلت شعوب الأمة تدافع عن أوطانها، آمنت بالمقاومة، وبضرورة وحدة ساحاتها في نضالها ضد غدة الإرهاب الكبرى في المنطقة، والتصدي للاستغلاليين من حماتها، والانخراط في صفوف مُتراصة للدفاع عن إنسانية الإنسان، واسترجاع الحقوق بالقوة، لأن ما أخذ بالقوة يُستعاد بالقوة.

لكن.. هل نحن متفائلون؟ نعم بضرورة تشخيص جسد الأمة تشخيصًا دقيقًا.. نعم بضرورة إجراء عملية جراحية ناجحة لزوال غدة الإرهاب العسكري في غزة، ولبنان، واليمن، وسوريا، والعراق، وإيران، الذي رام الكيان إلى تكبير حجمها، وتوسيع رقعة مساحتها، بمساعدة العالم الظالم الذي تقاطعت مصالحه معه، بهدف القضاء على المقاومة، وتفتيت حواضن بيئتها.

لقد فشل الكيان اللقيط، ولم يستطع تحقيق ما رام.. ها هو يفجر غدة إرهابه الأمنية في لبنان لذات الهدف.. لكن كل جرائم إرهابه ترتد في شرنقة إرهابه خبالًا يتبعها وبال عظيم.. لقد زادت حصانة وحدة الشعب اللبناني، وأصبح أكثر قربًا من مقاومته.. لا عدو للبنان إلا الكيان اللقيط، وأدركت شعوب الأمة كلها وأحرار العالم، أن شرنقة غدة الإرهاب وأسها هو الكيان اللقيط، وعدو الإنسانية جمعاء.

نعم.. يبدو أنَّ عملية تقيح غدة الإرهاب في لبنان، أسقطت الشرنقة الكبرى، وغددها المعاونة والمساندة في مستنقعات التخبط والزوال، إن الكيان اللقيط عندما فرز قيح غدته في لبنان أبرز بما لا يدع مجالاً للتأويل والتحليل بأنه بؤرة الإرهاب العالمي، وأنه يعيش خيبة وإفلاس قياداته وجيشه ومنظومته الأمنية، وأسقط مجتمعه في مستنقع الخيبة والكآبة والإحباط..

ولذا يُمكن القول إن الكيان اللقيط منذ زرعه في جسد الأمة حمل في تكوينه جينات غدة الإرهاب والحروب، تضخمت عبر أفعاله وجرائمه، وإشتهاء القتل والدماء، وفي أيامه هذه تفقست بإرهاب التكنولوجيا لترتع جرائمه العسكرية والأمنية كالطاعون، ليكثر ضحاياه من الأبرياء، والعالم الظالم ينظر ويتفرج، لذلك تلفظه الأرض، وتطرده الإنسانية، وتقاومه شعوب الأمة.

ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو جريدة الرؤية العمانية