تجربة العملاء وأهميتها في مؤسساتنا

تجربة العملاء وأهميتها في مؤسساتنا

 

رقية اللواتية

في ظل التطور السريع الذي تشهده القطاعات الخدمية في سلطنة عُمان والعالم، أصبحت تجربة العملاء واحدة من الركائز الأساسية التي تميز المؤسسات الناجحة عن غيرها.

وتؤدي تجربة العملاء دورًا محوريًا في تعزيز رضا العملاء، وزيادة ولائهم، وبالتالي تحسين الأداء المالي للمؤسسات على المدى القريب والبعيد. ومع دخولنا في مرحلة التحول المؤسسي في السلطنة، يتزايد الاهتمام بتحسين تجربة العملاء كجزء لا يتجزأ من رؤية “عُمان 2040”. وتجربة العملاء هي الانطباع الذي يتشكل لدى العملاء من خلال جميع التفاعلات التي تحدث بينهم وبين المؤسسة. تبدأ تجربة العملاء من اللحظة التي يتعرف فيها العميل على المؤسسة مرورًا بكافة مراحل التفاعل، سواء كان ذلك عبر الخدمات المباشرة أو القنوات الرقمية، لأن تجربة العملاء الناجحة تعتمد على تلبية توقعات العملاء أو تجاوزها، مما يخلق ولاءً طويل الأمد ويعزز سمعة المؤسسة.

وهناك العديد من الأدوات الأساسية لتحسين تجربة العملاء يأتي في مقدمتها تصميم رحلة العميل، حيث  يعتبر تصميم رحلة العميل أداة أساسية لفهم نقاط الاتصال المختلفة التي يمر بها العميل مع المؤسسة. من خلال خريطة رحلة العميل، يمكن للمؤسسة تحديد النقاط القوية والضعيفة في التجربة، والعمل على تحسينها بشكل استراتيجي لضمان تجربة متكاملة وسلسة.

إضافة إلى ذلك استبيانات العملاء؛ حيث تمثل استبيانات العملاء وسيلة فعّالة لجمع آراء العملاء حول تجاربهم مع المؤسسة. توفر هذه الاستبيانات بيانات قيمة يمكن استخدامها لتحليل مستوى رضا العملاء وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.

وأخيرًا “التسوق الخفي”؛ إذ يُعد التسوق الخفي من أهم الأدوات لتقييم تجربة العملاء بشكل موضوعي. ويتمثل دور المتسوق الخفي في التفاعل مع المؤسسة كعميل عادي، وتقييم الخدمة من منظور العميل، مما يساعد على كشف جوانب القصور التي قد لا تكون ظاهرة للمؤسسة.

ومن أجل تقييم وتحسين تجربة العملاء بشكل مستمر، فإن من الضروري تطوير مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) التي تتيح متابعة وتحليل تجربة العملاء. من أبرز هذه المؤشرات معدل رضا العملاء (Customer Satisfaction Score – CSAT): يقيس مدى رضا العملاء عن المنتجات أو الخدمات التي تقدمها المؤسسة. يعتبر CSAT أداة فعالة لمعرفة مدى تحقيق توقعات العملاء. وكذلك مؤشر صافي الترويج (Net Promoter Score – NPS): يقيس احتمال أن يوصي العملاء بالمؤسسة للآخرين. يعتبر NPS مقياسًا هامًا لولاء العملاء وقدرتهم على الترويج للمؤسسة.

ومعدل الاحتفاظ بالعملاء (Customer Retention Rate)، الذي يقيس نسبة العملاء الذين يستمرون في التعامل مع المؤسسة على مدار فترة زمنية معينة. يساعد هذا المؤشر على تحديد مدى فعالية استراتيجيات الاحتفاظ بالعملاء.

ومعدل التخلي عن العملاء (Customer Churn Rate)، الذي يقيس نسبة العملاء الذين يتركون التعامل مع المؤسسة. يعد هذا المؤشر أساسيًا لفهم الأسباب التي تدفع العملاء للابتعاد عن المؤسسة والعمل على تحسينها.

ومع التوجه نحو التحول الرقمي لتحقيق رؤية “عُمان 2040″، يصبح تصميم تجربة المستخدم أمرًا بالغ الأهمية. من الضروري أن تأخذ المؤسسات في الاعتبار كيف يؤثر التحول الرقمي على تجربة العملاء، خاصة عند أتمتة الخدمات الحكومية. يجب أن تكون العمليات الإلكترونية مصممة بطريقة تسهّل على المواطنين استخدام الخدمات، مع التأكد من تبسيط العمليات وتقليل التعقيدات.

إن تصميم تجربة مستخدم فعالة لا يقتصر فقط على الجانب التقني، بل يتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجات العملاء وتوقعاتهم. كلما كانت التجربة الرقمية سلسة وسهلة، زادت نسبة رضا العملاء وولائهم للمؤسسة. المؤسسات التي تعطي الأولوية لتجربة العملاء خلال مراحل التحول المؤسسي تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق و التكنولوجيا، مما يعزز من قدرتها على البقاء والتطور.فاما عن المؤسسات التي تهمل تجربة العملاء تجد نفسها في مواجهة تحديات كبيرة، بما في ذلك تراجع ولاء العملاء، وزيادة معدلات الشكاوى، وتراجع الأداء المالي على المدى الطويل.

في الختام.. إنَّ تجربة العملاء ليست مجرد قسم أو مهمة إضافية، بل هي الركيزة الأساسية التي يجب أن تبني عليها المؤسسات استراتيجياتها لتحقيق النجاح في مرحلة التحول المؤسسي. المؤسسات التي تدرك هذه الحقيقة ستكون قادرة على تحقيق نتائج إيجابية على المدى القريب والبعيد، وتكون في طليعة المؤسسات المساهمة في تحقيق رؤية “عُمان 2040”.

** رئيسة التغيير ببنك الإسكان العُماني

ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو جريدة الرؤية العمانية