هل الجميع يحتاج إلى دعم؟!

هل الجميع يحتاج إلى دعم؟!

 

سلطان بن ناصر القاسمي

في مقالي المنشور بجريدة الرؤية بتاريخ 25 فبراير 2024، والذي تناولتُ فيه قضية مهمة تتعلق بطلبة الجامعات والكليات الخاصة وأهمية الدعم المادي الذي يحتاجونه؛ حيث إن هذه الفئة من المجتمع تشكل دعامة أساسية لمستقبل البلاد، وبالنظر إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها الأسر، يصبح الدعم المالي ضرورة ملحة.

علاوة على ذلك، وبفضل التوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه-، تم اتخاذ قرار حكيم بمنح طلبة الجامعات والكليات الخاصة منحًا شهرية، على غرار ما يحصل عليه طلبة الجامعات الحكومية، تقديرًا لحاجة هذه الفئة المهمة وللتخفيف من العبء الذي يعانيه الطلاب وأسرهم، لا سيما الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط.

إضافة إلى ذلك، عند الحديث عن هذا القرار التاريخي، يظهر بوضوح اهتمام جلالة السلطان بتلبية احتياجات الطلبة، وهو أمر ينبع من شعور عميق بأهمية هذه الفئة وما تمثله للمجتمع من آمال وطموحات. ومع ذلك، تم وضع معايير وشروط قد تحد من استفادة جميع الطلبة من هذا الدعم. إلى جانب ذلك، هذه الشروط تشمل من يستحق الدعم ومن لا يستحقه، مما يثير تساؤلات حول الإنصاف في التطبيق!

وعلى نحو مشابه، إذا تأملنا قليلًا في دعم الجامعات الحكومية لطلابها، نجد أن الجميع يحصل على الدعم بناءً على أماكن سكنهم؛ بما في ذلك طلبة الضمان الاجتماعي الذين يتلقون الدعم بشكل مباشر. هنا، يتضح الفرق بين الدعم المقدم لطلبة الجامعات الحكومية وبين ما يتم تقديمه للطلبة في الكليات والجامعات الخاصة، وهذا يخلق فجوة قد تؤثر سلبًا على الطلبة الذين لا يحصلون على الدعم الكافي.

ومن زاوية أخرى، إذا ألقينا نظرة على نظام دعم صندوق الحماية الاجتماعية الموجه لكبار السن، نجد أن الدعم يشمل الجميع دون تمييز بين الغني والفقير، أو التاجر والعامل. على صعيد آخر، هذا النظام يطبق بمساواة وبدون فروق بين الأفراد، مما يجعلنا نتساءل عن سبب التفرقة عندما يتعلق الأمر بدعم طلبة الجامعات. أليس الطلبة من الأسر المتوسطة يستحقون الدعم أسوة بزملائهم؟ فالأسر التي تضم عدة أبناء في مؤسسات التعليم العالي تواجه مصاريف شهرية تصل إلى 600 ريال عماني وربما أكثر، وهي مصاريف تشكل عبئًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المتوسط.

وبناءً على ذلك، يمكن القول إن هذه الأسر تحتاج إلى الدعم بقدر ما تحتاجه الأسر ذات الدخل المحدود، خاصة إذا كان الدعم الشهري الذي حددته التوجيهات السامية بمقدار 45 ريالًا عُمانيًا. هذا المبلغ قد يبدو ضئيلًا، ولكنه يشكل فرقًا كبيرًا بالنسبة للأسر التي تسعى جاهدة لتوفير التعليم العالي لأبنائها.

ومن النقاط الأخرى التي يجب التطرق إليها هي أن الدعم الحكومي المقدم لطلبة الجامعات الحكومية لا يشمل الطلاب الذين يسكنون في نفس المحافظة التي تقع فيها الجامعة. على سبيل المثال، طلبة محافظة مسقط لا يحصلون على الدعم الحكومي لمجرد أن سكنهم قريب من الجامعة، دون النظر إلى أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية. هذا التمييز قد يحرم البعض من فرصة الاستفادة من الدعم الذي يستحقونه، ويعزز الحاجة إلى إعادة النظر في معايير توزيع الدعم.

وعليه.. أوجه رسالتي إلى وزارة المالية ووزارة التعليم العالي والابتكار العلمي، بضرورة إعادة النظر في هذا الأمر؛ حيث تنبغي دراسة احتياجات جميع الطلبة بعناية؛ سواءً كانوا في الجامعات الحكومية أو الخاصة، وأن يوضع في عين الاعتبار أن القرب أو البُعد من الجامعة لا يجب أن يكون معيارًا لتحديد أهلية الحصول على الدعم. بدلًا من ذلك، نأمل دراسة أوضاع الأسر بشكل شامل، لتحديد من هم بحاجة فعلية إلى الدعم المالي، بعيدًا عن المعايير الصارمة التي قد تحرم البعض من الاستفادة.

وأخيرًا.. أؤكد أن دعم الطلبة في جميع مؤسسات التعليم العالي هو استثمار في المستقبل. وهؤلاء الطلبة هم قادة المستقبل وأمل الوطن في التطور والازدهار، ويجب أن تتوفر لهم كل السبل الممكنة لتحقيق نجاحهم الأكاديمي والمهني. والدعم المادي ليس مجرد مساعدة مالية؛ بل هو رسالة قوية من الدولة تعكس اهتمامها بأبنائها وحرصها على توفير الفرص المتكافئة للجميع.

ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو جريدة الرؤية العمانية