بيبي و”سايكس بيكو 2″!

بيبي و”سايكس بيكو 2″!

 

الطليعة الشحرية

يُعاد الترويج حاليًا لـ”حل الدولتين”، فعن أيّ دولتين يتحدث قادة هذا العالم؟! هل هي الدولة التي قسمتها فرنسا وبريطانيا بموجب الاتفاقية السرية “سايكس- بيكو”، وكأنَّ الحال نزاع بين ورثة على اقتسام تركة “الدولة العُثمانية”!

لم يعرف العرب شيئًا عن تفاصيل بنود الاتفاقية إلى أن نشرت الحكومة البلشفية في روسيا نصوصها أواخر عام 1917، تلك الاتفاقيات السرية التي تمَّ توقيعها أثناء الحرب العالمية الأولى لم يتم تنفيذها قط، ولكن مُؤتمر سان ريمو الدولي عام 1920، هو الذي تمت بموجبه القسمة، فحصلت فرنسا على سوريا ولبنان، وحصلت بريطانيا على فلسطين والعراق. في حين أن “وعد بلفور” المشؤوم صدر في 9 نوفمبر 1917 وجرى إعلان قيام الكيان اللقيط- إسرائيل- في 14 مايو 1948، ومن هنا يتوجب حل كيان لقيط إمبريالي استعماري. أما تدليس الحقائق ووضع مبادرات مسمومة ومغموسة بمذابح وتطهير عرقي فما هي إلّا خيانةً، بغض النظر عن التلاعب بالوقائع أو كما أوضح بتسي نتنياهو (أب رئيس وزراء الاحتلال) عند سؤاله عن حقيقة تأييد ابنه “بنيامين” لحل الدولتين، فأجاب: “بيبي (يقصد بنيامين) لا يُؤيد حل الدولتين. لقد وضع شروطًا لا يمكن للعرب قبولها. وهذه بلاد اليهود ولا مكان للعرب فيها”.

قبول حلّ الدولتين ما هو إلّا اعتراف من الفلسطينيين والعرب بإسرائيل دولةً للشعب اليهودي، وتكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وأن تُحل قضية اللاجئين خارج تخوم إسرائيل، لتكون بذلك تمهيدًا لـ”سايكس- بيكو” ثانية وتقسيم التركة من جديد!

وعلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 23 سبتمبر 2023، رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خارطة “شرق أوسط جديد” تظهر فيها مساحة بالأخضر الداكن بجوارها سهم يشير إلى أنها دولة “إسرائيل”، تضم الخريطة الأردن ولبنان وفلسطين والعراق وأجزاء من مصر. في حين كانت اتفاقية سايكس بيكو سرية لعقدٍ من الزمن، أما اليوم فإنَّ خطط إسرائيل ومن خلفها التحالف الاستعماري الرأسمالي جلية وواضحة وضوح الشمس، فكل تلك الأبواق المدعية للحريات وحقوق الإنسان لم ترمش لها شعرة وبيروت تُقصف. تواصل إسرائيل العربدة وتضرب قرى وومدنًا لبنانية، في حين تُموِّل الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل، فقد وافقت على أكثر من 100 صفقة مبيعات سلاح لإسرائيل منذ بداية حربها على غزة، وذلك حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية. الولايات المتحدة وحلفاؤها شركاء في الحرب الهمجية على لبنان وفي التطهير العرقي في فلسطين.

تتلقى إسرائيل المساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وبلغت المساعدات الإجمالية المُقدمة بين عامي 1946 و2023 نحو 158.6 مليار دولار.

ويروي الكاتب البريطاني جميس بار في كتابة “خط في الرمال” قول مارك سايكس للمندوب السامي لمتابعة شؤون الشرق الأدنى والمعين من الحكومة الفرنسية جورج بيكو في اجتماعهم بالقاهرة بإشراف مندوب الاتحاد السوفييتي (آنذاك): “قول سايكس إنه يريد أن “يرسم خطًا يبدأ بحرف الألف (يقصد مدينة عكا الفلسطينية، التي تسمى بالإنجليزية Acre)، وينتهي بالحرف الكاف في إشارة إلى مدينة كركوك العراقية”، قسم هذا الخط الشرق الأوسط على الخرائط وقسم معه النسيج القبلي والعشائري والانتماءات الدينية”.

وإن كان تقسيم هذه المنطقة خُطط له في غرف سرية، غير أنه اليوم يُخطط علنًا ومبادرات مغموسة بالدم وتقدم على أطباق من الذهب بأيدٍ خبيثة خائنة مُتصهيِنة.

“بيبي” كما يحب أن يسميه والده “بتسي” ولاحقًا زوجته “سارة نتنياهو” العقل المُدبر لبنيامين نتنياهو، هو موظف التسويق الذي أصبح رئيسًا للوزراء. واشتهر بيبي بالكذب التلقائي أثناء عمله كموظف للتسويق في تجارة الخشب واشتهر بقدرته على بيع كل شيء وأي شيء يصلح ولا يصلح، فهو مراوغ ومحتال. انتقل للعمل السياسي وعُين ممثلاً لإسرائيل في الأمم المتحدة ثم تتدرج في السلك الدبلوماسي وصولاً إلى رئيس وزراء حاملًا مع شخصية موظف تسويق المراوغ الكذاب.

يتعامل نتنياهو مع قضية الأسرى والإسرائيليين وحلفائه على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية كزبائن، جميعهم تحركهم نقاط ضعفهم، فلن يرضخ لمطالب أهالي الأسرى بعقد صفقة مع حماس وهو جالس على فوهة بركان من الفضائح وقضايا الرشاوى التي تطاله وتطال زوجته سارة، والتي تتدخل في أعمال الحكومة بما يصل إلى تعيينات تعتمدها هي بنفسها!

يعلم بنيامين أنَّ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في أمسّ الحاجة لوجوده لتمهيد “سايكس- بيكو” ثانية، وإذا ارتكب ألف مذبحة وقتل أكثر من 16859 طفلًا في غزة، وأودى بحياة أكثر من ألف شهيد في لبنان، وأكثر من 200 ألف نازح، فلن يعترض عليه أحد.

لطالما ردد نتنياهو وزوجته سارة مقولة: “احمدوا الرب على أنه حباكم بقائد مثلي”، وفي حالة أنه أراد أن يتواضع يُشبه نفسه برئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل. هكذا يرى المنافق نفسه قائدًا تاريخيًا أُرسِل ليقود معركة الغرب المقدسة.

وكحال أي محتال منافق تتفجر في وجهه تُهم الفساد والرشاوى والتي طالت زوجته سارة، لذا سعى هذا المنافق المدلس إلى شن حرب شعواء باسم الصليب الصهيوني تارة واسم السلام والأمان تارة أخرى، كل ذلك يكشف عن مدى هشاشة النظام وتأصل فكرة جوهرية إسرائيل لن تنعم بالسلام في محيطاها وإن قُدمت لها كل مبادرات وتسهيلات خاضعة وخانعة متصهينة. اللحظة التي يترك بها “بيبي” منصبه بصفته رئيس حكومة، سيسهل على الجهاز القضائي الحكم عليه بالسجن، وإذا بقي رئيس حكومة، ستسير محاكمته ببطء شديد كما هي الحال اليوم

وكموظف مبيعات مُتمرِّس يسوق نتنياهو بضاعته الفاسدة مهاجمًا الجميع بقوله “إسرائيل دولة يوجد لها جيش وليس جيشا يوجد له دولة” هكذا جر بيبي الجميع الى حرب إقليمية لينقذ عنقه، وسيُكرس الجميع من أسرى وعائلتهم وأمريكيا وجيوب دافعي الضرائب ليُجهض أي صفقة أو هدنة أو مبادرة ستنتهي بتنحيه. وإن حقق مكاسب سيمحي سجلات الفساد، وإن عاد خائبًا سيتهم الجميع بمحاولات إفشال مخططاته. وسيحاول إثبات صحة اتهاماته في حرب عبثية على غزة وقصف لبنان وقتل المدنيين وبث الأكاذيب لتثبيط معنويات المرابطين، مُستخدِمًا سياسية وصفات موظف المبيعات المتلاعب المحتال، وكما قال “بتسي” واصفًا ابنه أنه “ليس بالأهبل”، ولكنه منافق محتال لفَّ الحبل حول أعناق الجميع.

ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو جريدة الرؤية العمانية