غزة ولبنان والانتخابات الرئاسية الأمريكية

غزة ولبنان والانتخابات الرئاسية الأمريكية

عمرو جوهر
كاتب صحفي مقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن

الصراعات الدائرة بين إسرائيل وغزة ولبنان تشكل قضايا بالغة الأهمية، ولها آثار عالمية وعلى الاستقرار الإقليمي ايضا، ومع ذلك، لهذه الصراعات تأثير منعدم على الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العقود الأخيرة،

ومن غير المرجح أن يؤدي التصعيد الحالي إلى اى تغيير في مسار سباق عام 2024 للوصول إلى البيت الأبيض.

تساهم عدة عوامل في التأثير المنعدم لهذه الأحداث على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث ان أولويات الناخبين الأمريكيين، وتعقيد السياسة الخارجية في الحملات الانتخابية، والدعم الحزبي الطويل الأمد لإسرائيل، تحول من ان تؤثر الاحداث العالمية على الناخب الأمريكي.

الناخبون الأمريكيون، وخاصة في الانتخابات الأخيرة، يركزون في المقام الأول على القضايا المحلية، وتُظهِر استطلاعات الرأي باستمرار أن الاقتصاد والرعاية الصحية والهجرة هي الشواغل الأكثر إلحاحاً بالنسبة للناخبين الأمريكيين.

بحلول عام 2025، يظل الاقتصاد الأمريكي والتضخم والأجور والمخاوف بشأن القدرة على تحمل تكاليف الرعاية الصحية على رأس قائمة أولويات أغلب الناخبين.

وتؤثر هذه القضايا اليومية بشكل مباشر على جودة حياة الأمريكيين ومن المرجح أن تؤثر على تفضيلات الناخبين أكثر من الصراعات الخارجية، وخاصة تلك التي تقع في مناطق يُنظر إليها على أنها بعيدة أو يصعب فهمها.

وفي حين قد تتصدر الأزمات الدولية عناوين الأخبار، فإن الواقع هو أنها نادراً ما تحول التركيز بعيداً عن المخاوف المحلية الملحة للناخب الأمريكي.

على سبيل المثال، على الرغم من الحرب الطويلة نسبيا في أوكرانيا، فإنها تظل قضية ثانوية بالنسبة للناخبين الأمريكيين مقارنة بالتضخم وتكاليف المعيشة.

وعلى نحو مماثل، في حين أن الصراع في الشرق الأوسط مأساوي ومعقد، فإن تأثيره على حياة الأمريكي العادي غير مباشر. وبدون تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي أو الأمن القومي، من المرجح أن تظل الحرب بين غزة وإسرائيل في مرتبة منخفضة على قائمة الأولويات بالنسبة لغالبية الناخبين.

نادراً ما تصبح السياسة الخارجية قضية حاسمة في الانتخابات الأمريكية، ما لم تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي أو تنطوي على مشاركة عسكرية واسعة النطاق من جانب الولايات المتحدة ذاتها.

وحتى في الحالات التي تشارك فيها الولايات المتحدة عسكرياً، فإن مشاركة الجمهور في تفاصيل الصراعات الخارجية تميل إلى أن تكون سطحية ما لم تنطوي على خسائر أميركية مباشرة أو تهديدات إرهابية.

ولعبت الحروب في العراق وأفغانستان، والتي شملت مشاركة عسكرية أميركية كبيرة، دوراً أكبر في انتخابات عامي 2004 و2008، ومع ذلك، فإن الصراعات التي لا تنطوي على مشاركة جنود أميركيين بأعداد كبيرة أو لا تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي، مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تلعب عادة دوراً أصغر في عملية صنع القرار لدى الناخبين.

ورغم أن السياسة الخارجية الأمريكية في التعامل مع الشرق الأوسط كانت موضوعاً للنقاش، الا إن أغلب المرشحين الرئاسيين يميلون إلى تقاسم وجهات نظر متشابهة فيما يتصل بدعم إسرائيل، وضمان أمن المصالح الأمريكية، وتعزيز مفاوضات السلام.

وعلى هذا فإن الاختلافات بين المرشحين في هذه القضايا تميل إلى أن تكون طفيفة، ولا تفرق بينهم بشكل كبير في نظر الناخبين.

إن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الحرب الحالية في غزة ولبنان لا تؤثر على الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو الإجماع الحزبي الواسع النطاق على دعم إسرائيل.

فمن الناحية التاريخية، كان كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يحافظ على موقف قوي مؤيد لإسرائيل، حيث أعرب المرشحون من كلا الجانبين عن دعمهم لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وإدانة حماس وحزب الله لهجماتهما.

علاوة على ذلك، فإن فهم الجمهور الأمريكي وانخراطه في تفاصيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط محدود بشكل عام.

 

ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو صحيفة الوئام السعودية