عمير العشيت
alashity4849@gmail.com
يمتد تاريخ سوق الحصن الكائن في منطقة الحصن بولاية صلالة إلى مئات السنين وكان يمثل السوق الأول في محافظة ظفار والمناطق المُحيطة به، ومركزًا تجاريًا يجتمع فيه كل تجار وسكان المحافظة من كل حدب وصوب، ويتم فيه تبادل وشراء السلع التجارية بالمقايضة، أو النقود؛ حيث تعرض على باحات السوق كافة السلع التجارية مثل اللبان والبخور والجامر وجوز الهند والتمور والفواكه والخضروات والأسماك والماشية، فضلًا عن الأدوات الحرفية، وكان هذا السوق الكائن قبالة بحر العرب المكنون برماله الفضية الناعمة في منطقة الحصن إكسير الحياة والمتنفس الوحيد للمحافظة، والسبيل الوحيد لاقتناء السلع الاستهلاكية والكماليات.
أما من حيث العراقة التاريخية، فإن سوق الحصن في منطقة الحصن– بحسب المسميات الرسمية والتقسيم الإداري لولاية صلالة- فإنه شبيه بسوق مطرح التاريخي العريق المقابل لبحر عمان، والذي تم إعادة هيكلته المعمارية التقليدية وترميمه بشكل يتناسب التطورات التي يشهدها عالم السياحة في السلطنة. وبات هذا السوق تحفة معمارية بديعة وقبلة لملايين السياح طول العام، وأشاد به الجميع من حيث جمالية هندسته المعمارية محتفظًا في ذاته بالطراز العماني القديم، ويعد نافذة اقتصادية وسياحية تدر المنفعة للبلاد، بينما سوق الحصن ما زال قابعًا على حالته القديمة منذ أكثر من أربعين سنة، يستنجد من الجهات الرسمية بإنقاذه وانتشاله من ذاكرة النسيان، ولم يتم تطويره وإعادة هيكلته ليتماشى مع الطفرة المعمارية التي تشهدها المحافظة ومتطلبات السياحة حتى الآن، علماً بأنَّ هذا السوق يستقطب أغلب المواطنين والسياح أثناء خريف ظفار، وكل زائر للمحافظة لا يفوته التوجه لزيارة هذا السوق ويكون حريصًا كل الحرص على اقتناء وشراء الهدايا التذكارية كمثل اللبان والبخور والجامر والأدوات الحرفية وغيرها من السلع، على الرغم وضعه الحالي، ويكون مزدحمًا في مهرجان خريف ظفار بصورة غير عادية.
متى سنعيد الرونق التاريخي لهذا الصرح التراثي التليد، وأن يشهد مرحلة جديدة من التشييد والبناء والتطوير، ويتم البدء في التنفيذ ليكون أحد أهم الروافد التجارية لعُمان الغالية وقلعة سياحية وتحفة معمارية تستقطب الزوار طول العام، شأنه شأن سوق مطرح وغيره من الأسواق الموجودة في المحافظات الأخرى، ويدشن بذلك كأول سوق تقليدي على مستوى محافظة ظفار دون منافس، كما يتمنى الجميع أن يستبشروا بميلاد هذا السوق من جديد ويرجع أمجاده الخالدة بحلية جديدة في موسم الخريف القادم، ويستمتع الزائرون والسياح بعبق روائح اللبان والبخور والعطور بنهكة حديثة وتشكيلة بديعة.
من ناحية أخرى، سيوفر هذا السوق الكثير من الوظائف للباحثين عن عمل ويفتح المجال للزوار في التعرف عن كثب للصناعات الحرفية والتقليدية التي تشتهر بها المحافظة. والأسواق التقليدية تعتبر إحدى الرموز الرئيسية لأي دولة في العالم وتجدها منتشرة في كل منطقة وموقع في البلدان المضيفة، كما إن الشعوب تنتشي بالفخر والاعتزاز عند عرض مقتنياتهم وسلعهم التقليدية وإقبال الزوار والسياح عليها، لذا فإنه من الأحرى أن يكون سوق الحصن ضمن إحدى هذه الأسواق.
وسوق الحصن في وضعه الحالي لا يستطيع احتواء حتى زوار المحافظة؛ نظرا لمساحته ومحلاته الصغيرة وحاراته الضيقة التي يصعب التسوق فيها، وفي أثناء خريف ظفار يتم تعزيزه بمظلات وأكشاك للباعة الآخرين، ودعمهم بمكائن صغيرة لتوليد الكهرباء تعمل بوقود الديزل، والمشهد العام لهذا السوق شبيه بورشة صناعية، لا يتناسب مع التطور العمراني والسياحي والحضاري الكبير في قلب مدينة صلالة وفي المقابل نلاحظ مشروع شاطئ الحصن القريبة من السوق جهة الشرق على وشك الانتهاء من تنفيذه، مع أن الأولوية كان يفترض الانتهاء من مشروع سوق الحصن كونه المركز والرمز الأساسي والتاريخي لظفار.
من جانب آخر، يوجد بمحاذاة سوق الحصن مسجد الشروق المطل على الشاطئ والواقع في (صلالة/ الحصن) كما هو مُسجَّل في ملكية أرضه الصادرة من وزارة الإسكان، والذي يعد ضمن المساجد القديمة التي تم تشييدها في أواخر السبعينيات من القرن الفائت وبقي على حالته حتى الآن، الأمر الذي يتطلب ضرورة إعادة إعماره لتلافي تساقط القطع الأسمنتية من سقف المسجد على رؤوس المصلين، وأيضًا تشقق الجدران كون موقعه معرض للرطوبة المرتفعة والتي تؤثر على المباني بحكم قربه من الشاطئ، كما يحبذ توسعة مساحته ليكون جامعًا شاملًا، ليتواكب مع التخطيط الحديث لولاية صلالة، مع توفير مصلى للنساء ومواقف للمركبات.
ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو جريدة الرؤية العمانية