4 أسباب رئيسية.. كيف وصلت منتخبات المغرب إلى منصات التتويج العالمية؟

لم يكن تتويج منتخب المغرب للشباب بكأس العالم 2025 على حساب الأرجنتين حدثًا عابرًا، بل كان ثمرة عمل منظم ورؤية طويلة المدى بدأت منذ أكثر من عقد من الزمن، الكرة المغربية اليوم ليست مجرد موهبة، بل مشروع دولة آمنت بأن النجاح في المستطيل الأخضر لا يأتي بالصدفة، بل بالتخطيط، والاستثمار، والاحتراف.
وكتب منتخب المغرب تحت 20 عامًا، اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم العالمية، بعدما حقق إنجازًا تاريخيًّا بالتتويج بلقب كأس العالم للشباب للمرة الأولى في تاريخه.
وحقق “أشبال الأطلس” فوزًا مستحقًّا على منتخب الأرجنتين للشباب بهدفين دون رد، في المباراة النهائية التي جمعتهما، فجر الاثنين على أرضية ملعب “تشيلي الوطني”.
وقدم المنتخب المغربي أداء بطوليًّا على مدار البطولة، أنهاه بعرض قوي في النهائي أمام العملاق الأرجنتيني، ليعتلي عرش العالم عن جدارة واستحقاق.
فما الذي جعل المغرب يتحول إلى قوة كروية حقيقية في كل الفئات السنية؟
1-البنية التحتية
وضعت المغرب حجر الأساس لمشروع وطني طموح لتطوير اللعبة، وقدمت منشآت على أعلى مستوى عالمي، ملاعب تدريب مطابقة لمواصفات الفيفا، مراكز طبية متطورة، وأقسام تحليل فيديو وتغذية ورياضة حديثة.
هذا الاستثمار لم يكن مجرد إنفاق مالي، بل رؤية إستراتيجية جعلت اللاعب المغربي يعيش أجواء احترافية منذ الصغر. فاليوم؛ ما يملكه المغرب من تجهيزات لا يقل عن ما تملكه منتخبات أوروبا الكبرى، وهو ما انعكس مباشرة على جودة الأداء والنتائج.
وهذا يتضح بقوة في إنجازات المغرب في السنوات الأخيرة من وصول المنتخب الأول للمركز الرابع في كأس العالم 2022، والفوز بكأس أمم إفريقيا تحت 23 عامًا، في عام 2023، والمركز الثالث في دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024، والفوز ببطولة كأس أمم إفريقيا تحت 17 عامًا في 2025، والفوز ببطولة كأس أمم إفريقيا للمحليين في 2024.
كما أن المغرب على وشك استضافة بطولة أمم إفريقيا للمنتخبات في الفترة ما بين الـ21 من ديسمبر حتى الـ18 من يناير 2026، وهو ما يؤكد الاستعداد بملاعب مجهزة على أعلى مستوى.
وستُقام المباريات في 9 ملاعب موزعة على ست مدن (الرباط، والدار البيضاء، ومراكش، وفاس، وأكادير، وطنجة). وستشهد المسابقة 52 مباراة على مدار 29 يومًا، لتكون النسخة الكبرى من البطولة القارية.
2-مواهب أكاديمية محمد السادس
تعد أكاديمية محمد السادس لكرة القدم هي القلب النابض لنهضة الكرة المغربية، منها خرج عدد من أبرز الأسماء التي تتألق حاليًّا في المنتخبات المختلفة، مثل: ياسر الزابيري، ويوسف النصيري، ونايف أكرد، وعبد الكبير أبقار وعز الدين أوناحي وآخرين، ممن شكلوا العمود الفقري لمنتخبات المغرب المختلفة.
وبدأ إنشاء أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في مدينة سلا المغربية عام 2007، وهي تهدف إلى توفير التعليم والتوجيه وتدريب كرة القدم لطلابها، وهي مخصصة لنحو 50 رياضيًّا تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عامًا.
ووصف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” الأكاديمية بأنها “جوهرة كرة القدم المغربية” وأحد أنجح المراكز الرياضية في العالم، مشيدًا بقدرتها على الدمج بين التعليم الأكاديمي والتكوين الرياضي؛ ما جعلها مصدر فخر لقارة إفريقيا.
وانعكست فلسفة التطوير التي اعتمدها المغرب بوضوح على أداء المنتخبات الوطنية بمختلف مراحلها.
3-نجاح باهر في ملف اللاعبين مزدوجي الجنسية
أحد أنجح الملفات التي أدارها الاتحاد المغربي لكرة القدم هو ملف اللاعبين مزدوجي الجنسية.
بدلًا من خسارة المواهب التي نشأت في أوروبا لصالح منتخبات أخرى، عملت الإدارة المغربية على احتضان هؤلاء اللاعبين، وبناء علاقة فخر وهوية معهم.
أسماء مثل أمير ريشارلسون وإبراهيم دياز، نجم ريال مدريد، وإلياس بن صغير، وحتى لاعبي الفئات السنية المولودين في فرنسا وهولندا وبلجيكا، جميعهم شعروا بأنهم جزء من مشروع وطني حقيقي، وليس مجرد دعوة موسمية.
4- مدربون مغاربة مميزون ومؤهلون علميًّا
مِن وليد الركراكي الذي قاد المنتخب الأول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، إلى محمد وهبي الذي رفع كأس العالم للشباب 2025، يتضح أن المغرب كسر عقدة الاعتماد على المدرب الأجنبي.
الاتحاد المغربي ركز في السنوات الأخيرة على تأهيل الكوادر المحلية من خلال دورات تدريبية متقدمة، وشراكات مع الاتحادات المختلفة، مثل: الفرنسي، والإسباني، إلى جانب برامج تطوير مستمرة.
النتيجة: مدربون مغاربة يمتلكون فكرًا عصريًّا، وشخصية قيادية قادرة على إدارة النجوم بثقة، وفهم خصوصية اللاعب المغربي نفسيًّا وثقافيًّا.
وختامًا، فإن تتويج منتخب المغرب للشباب بكأس العالم تحت 20 عامًا ليس تتويجًا لجيل فقط، بل لمنظومة كاملة آمنت أن المستقبل يُبنى بالعمل، لا بالتصريحات.
من البنية التحتية، إلى الأكاديميات، إلى احتضان المواهب العالمية، وصولًا إلى تمكين المدرب المحلي، كل تفصيلة كانت لبنة في صرح كروي أصبح اليوم نموذجًا يحتذى به عربيًا وإفريقيًّا.
نقلاً عن: إرم نيوز