بعد اعتقال أوباما افتراضيًا.. كيف حول ترامب المكتب البيضاوي  إلى مسرح ذكاء اصطناعي؟


في مشهدٍ يختزل سنوات من العداء، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيديو مصمم بالذكاء الاصطناعي على منصته “تروث سوشيال”، يُظهر الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وهو يُعتقل داخل المكتب البيضاوي. 
الفيديو – الذي استلهمه ترامب من حساب على “تيك توك” – يصور عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وهم يقتحمون اجتماعاً بين الرجلين، يُطوّقون أوباما، يطرحونه أرضاً على ركبتيه، ويكبلون يديه بالأصفاد، بينما يبتسم ترامب من خلف مكتبه،  فيما ينتقل المشهد لاحقاً إلى زنزانة يرتدي فيها أوباما البدلة البرتقالية للسجناء، مصحوبة بأنغام أغنية “YMCA” الشهيرة التي يفضلها ترامب في تجمعاته . 

اتهامات “جريمة القرن”

لم تأتِ هذه الخطوة من فراغ، بل هي ذروة تصعيد يعود لسنوات. يعتقد ترامب أن أوباما وقّع “جريمة القرن” خلال انتخابات 2016، بتلفيق مزاعم التدخل الروسي لتقويض شرعيته.
وقد وجد في تقرير صدر يوم 18 يوليو 2025 من مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد – موالية لترامب – “أدلة دامغة” على أن إدارة أوباما حجبت تقارير استخبارية تؤكد أن روسيا “لم تكن لديها نية أو قدرة” لاختراق الانتخابات، وروّجت عمداً لرواية التواطؤ الروسي . 
هذا التقرير يُكمل ما خلص إليه تقرير المستشار الخاص جون دورهام عام 2023، الذي برأ ترامب وأكد أن التحقيق القضائي في قضية روسيا استند إلى “معلومات خام وغير محللة” . 

ترامب يطالب بمحاكمة أوباما

ترامب، في منشوره المصاحب للفيديو، هاجم “أوباما وبلطجيته” – على حد تعبيره – وطالب بمحاكمتهم بتهمة “تزوير الانتخابات”، لقناعته الراسخة أن لديه بأن أوباما زرع عناصر موالية له في أجهزة الاستخبارات (ما يُسمى “الدولة العميقة”) لمراقبة إدارته وإعاقتها، فيما أشار في خطابات سابقة إلى أن مسؤولين استخباراتيين “منخازين” (مخبرين سريين) ظلوا أوفياء لأوباما، ونسقوا مع وسائل الإعلام لتشويه سمعته . 

من السخرية إلى الذكاء الاصطناعي 

العلاقة بين الرجلين لم تتعافَ قط من اللحظة التي التقيا فيها في المكتب البيضاوي نوفمبر 2016، بعد فوز ترامب المفاجئ. وصف أوباما اللقاء بـ”الغريب”، فيما بدا ترامب متصلباً، ولاحقاً، تصاعد التوتر حين وصف أوباما ترامب بأنه “غير مؤهل” للرئاسة، واتهمه ترامب بالتجسس عبر “الواقعة المسماة بلا سبب سبايجيت” (في إشارة إلى اتهامات التنصت غير المثبتة) . 

الذكاء الاصطناعي سلاح استفزازي

استخدم ترامب الذكاء الاصطناعي سابقاً كسلاح استفزازي ضد خصومه، لكن استهدافه المباشر لأوباما يعد تصعيداً غير مسبوق. فقبل أشهر، نشر صوراً لنفسه بالذكاء الاصطناعي مرتدياً زيّ البابا، ومزحاً بأنه “يود أن يصبح بابا الفاتيكان”، كما نشر البيت الأبيض صورة له كـ”سوبرمان” بنفس التقنية، واليوم، تحوّلت النكتة إلى أداة تصويرية خطيرة: الفيديو ليس مجرد سخرية، بل تجسيدٌ لرغبة ترامب في “محاسبة” أوباما علناً. 

الديمقراطيون يحذرون والمؤيدون يصفقون 

أثار الفيديو عاصفة من الانتقادات. وصفه الناشط لاوسن بأنه “تجاوز للخط الأحمر”، محذراً من أن استخدام السياسيين للذكاء الاصطناعي لتزوير العدالة “يُهدد الحقيقة نفسها”. فيما رأى المحلل سيفيك أنه “تلاعب خطير بالوعي العام” و”تصعيد لثقافة تجريم الخصوم” . الديمقراطيون، من جهتهم، اعتبروا الاتهامات السياسية الجديدة “مضللة” و”محاولة لإعادة كتابة التاريخ” لصرف الانتباه عن قضايا شائكة تواجه ترامب، مثل علاقته بالملياردير جيفري إبستين . 

في المقابل، دافع مؤيدو ترامب عن الفيديو باعتباره “رسالة رمزية”. كتب رونان: “لسنوات صُوّر ترامب كخطر على الديمقراطية، بينما كان هو الضحية الحقيقية. الفيديو يقول: لن أنسى من حاولوا إسقاطي” . بل إن البعض، مثل مينز، طالبوا بتحويل المحتوى الافتراضي إلى واقع: “إذا كان الدليل حقيقياً، يجب اعتقال أوباما. لا استثناءات” . 

 

ذاكرة سياسية لا تنسى 

 

يُظهر هذا التصعيد أن عداء ترامب لأوباما ليس تكتيكاً مرحلياً، بل جزءاً من سردية “الاضطهاد” التي يروّج لها منذ 2016. فبينما يرى ترامب في أوباما رمزاً “للمؤسسة التي حاولت تدميره”، يرى خصومه أن استهداف رئيس سابق عبر فيديو مزيف يمثل اختراقاً خطيراً لأخلاقيات السلطة.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *