التعليم للجميع… مصر تطلق مرحلة جديدة لدمج ذوي الهمم بدعم ياباني وخبراء: نقطة تحول


في خطوة جديدة تعكس اهتمام الدولة بتطوير منظومة التعليم الشامل، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع مذكرتي تفاهم بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني وحكومة طوكيو الحضرية، بهدف دعم وتطوير التعليم الفني، وتعزيز خدمات التعليم المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، وتأتي هذه الشراكة الدولية في إطار رؤية الدولة المصرية لدمج ذوي الهمم في العملية التعليمية بشكل كامل، مع توفير تدريب متخصص للمعلمين، بما يضمن بيئة تعليمية متكاملة تراعي الفروق الفردية وتدعم مبدأ تكافؤ الفرص.

وفي هذا السياق، قال الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، في تصريحات خاصة لموقع كشكول، إن الدولة المصرية تولي اهتمامًا خاصًا بطلاب ذوي الهمم منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن هذه الفئة تمثل شريحة مهمة من الطلاب يجب دمجها في التعليم والمجتمع، وأكد أن تخصيص عام كامل لهم كان دلالة واضحة على حرص القيادة السياسية على توفير الدعم اللازم لضمان حصولهم على فرص تعليمية متكافئة.

وأوضح شوقي، أن الاهتمام تجلى أيضًا في مذكرات التعاون التي وقعتها مصر مع اليابان، للاستفادة من خبراتها في تدريب وتأهيل المعلمين العاملين مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وأشار إلى أن مصر تمتلك بالفعل العديد من الكليات والمراكز المتخصصة في هذا المجال، إلى جانب إنشاء كليات جديدة مؤخرًا لإعداد معلمين قادرين على التعامل مع مختلف أنواع الإعاقات وفق أحدث النظم التعليمية.

وأضاف شوقي، أن الدولة تعمل على تزويد مراكز ذوي الهمم بالمعدات والأجهزة التي يحتاجها الطلاب والمعلمون على حد سواء، سواء كانت سمعية أو بصرية أو أدوات تعويضية وحركية، وشدد على أن هذه الجهود تسهم في تمكين الطلاب ذوي الهمم من مواصلة تعليمهم دون شعور بفجوة بينهم وبين أقرانهم، بما يعكس اهتمام الدولة المستمر بدعمهم ودمجهم في المجتمع بشكل فعال.

خبير تربوي: التعاون الدولي يُعزّز الابتكار في رعاية ذوي الهمم

قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لموقع “كشكول”، إن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة أصبح قضية تحظى باهتمام عالمي واسع، ما يجعل التعاون الدولي أمرًا بالغ الأهمية في تطوير السياسات والممارسات الخاصة بهم.

وأوضح، أن وجود تجارب دولية فريدة في مجال رعاية ذوي الهمم يمثل فرصة لتبادل الخبرات وتبنّي نماذج ناجحة قابلة للتطبيق محليًا، مشيرًا إلى أن العالم يشهد تطورًا مستمرًا في طرق وأساليب التعليم والرعاية الخاصة، وهو ما يتطلب تعاونًا مستمرًا للاطلاع على كل ما هو جديد.

وأضاف أن التعاون الدولي لا يقتصر فقط على تبادل الخبرات، بل يسهم في إيجاد جهود مشتركة تعزز الابتكار في تقديم الخدمات، وتفتح المجال أمام حلول إبداعية تلبي احتياجات هذه الفئة بشكل أفضل، وأشار أيضًا إلى أن من أهم مزايا هذا التعاون إنتاج برامج رعاية تعليمية قابلة للتطبيق عبر ثقافات متعددة، بما يضمن بيئة أكثر شمولًا وإنصافًا لذوي الاحتياجات الخاصة حول العالم.

مدارس الدمج تسير على خطى المصرية اليابانية في الانضباط والجودة

قال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، في تصريحات خاصة لموقع كشكول، إن التعليم في مصر يشهد نقلة جديدة لطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال الاسترشاد بالتجربة اليابانية في تدريب وتأهيل معلمي هذه الفئة، إلى جانب تطوير مدارس الدمج الحالية باعتبارها نموذجًا حديثًا في تعليم أصحاب الهمم.

وأوضح شحاتة، أن الهدف هو أن تعكس مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة نفس تجربة المدارس المصرية اليابانية، التي تمثل نموذجًا متميزًا في الانضباط والجودة التعليمية، بما يسهم في خلق أجيال قادرة على المنافسة محليًا وعالميًا، مع دمج قيم الانضباط والابتكار في العملية التعليمية.

وأشار، إلى أن الدعم الياباني يأتي بشكل فوري عبر “مركز الريادة المصري الدولي” بمدينة العاشر من رمضان، لتمكين برامج وأنشطة وتقنيات مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، ويشمل ذلك توفير برامج تدريبية حديثة قائمة على التقنيات، لتنمية المعلمين مهنيًا وتمكينهم من الجدارات والقدرات والمهارات اللازمة للتفاعل المثمر مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأكد شحاتة، أن هذه الجهود تمثل خطوة واسعة نحو ديمقراطية التعليم، باعتبار أن من حق هؤلاء الطلاب الحصول على تعليم أكاديمي مناسب، إلى جانب تدريب مهني عالي الجودة يضمن لهم فرص التشغيل في المؤسسات الخدمية والإنتاجية على حد سواء.

التجربة اليابانية نموذج رائد يناسب البيئة المصرية

قالت الدكتورة حنان إسماعيل، الخبيرة التربوية، في تصريحات خاصة لموقع كشكول، إن الاتفاقية المصرية اليابانية في مجال دمج الطلاب من ذوي الهمم لم تبدأ من فراغ، بل جاءت استكمالًا لجهود الدولة منذ عام 2016 بدمج هذه الفئات في العملية التعليمية، وإتاحة الفرصة لهم للحصول على شهادات تؤهلهم للاندماج في سوق العمل.

أوضحت إسماعيل، أن القيادة السياسية أطلقت عام 2021 الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي أولت اهتمامًا خاصًا بالفئات الأولى بالرعاية، ومن بينهم أصحاب الهمم، مؤكدة أن هذه الاستراتيجية رسخت حقهم في الحصول على تعليم مناسب لقدراتهم وميولهم، كجزء من رؤية مصر 2030 لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص.

أكدت الخبيرة التربوية، أن التجربة اليابانية تعد من التجارب الرائدة عالميًا في التعليم، حيث تعتمد على فلسفة الأنشطة والتعلم النشط، وهو ما يتناسب مع احتياجات الطلاب ذوي الهمم، وأشارت إلى أن التعاون المصري الياباني يشمل إنشاء 100 مدرسة على الطراز الياباني، مع تطوير البنية التحتية، وإعادة النظر في المناهج والأنشطة، وإعداد بيئة تعليمية أكثر شمولًا تراعي الفروق الفردية.

لفتت إسماعيل، إلى أن نجاح الدمج يتطلب تطويرًا شاملًا في العملية التعليمية، يبدأ من تدريب المعلمين بجميع تخصصاتهم على أساليب تدريس تراعي تنوع قدرات الطلاب، بجانب تجهيز المدارس بغرف مصادر ومعامل وأنشطة تتناسب مع أصحاب الهمم، وأضافت أن دور الأسرة والمجتمع لا يقل أهمية، إذ يمثلان شريكًا أساسيًا في دعم العملية التعليمية وتهيئة الطلاب للانتقال من المنزل إلى المدرسة بسلاسة.

واختتمت الخبيرة التربوية، تصريحاتها بالتأكيد على أن الاتفاقية المصرية اليابانية ستمثل نقلة نوعية في مجال الدمج الشامل والتربية الخاصة، حيث ستتحول من مجرد سياسات إلى ممارسات يومية قابلة للقياس داخل المدارس، وشددت على أن الهدف من الدمج لا يقتصر على “التعليم” فقط، بل يشمل “التعلم” الحقيقي الذي يمكّن الطلاب من ذوي الهمم من استكمال تعليمهم حتى المرحلة الجامعية، وضمان حصولهم على فرص عمل عادلة.
 


نقلاً عن : كشكول

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف