في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن بدائل طبيعية وآمنة للمكونات الصناعية، ما زالت بعض الكنوز الطبيعية في عالمنا العربي والأفريقي تعاني من التجاهل رغم قيمتها الاستراتيجية الهائلة، وعلى رأسها تأتي أشجار السنط، التي يُستخرج منها الصمغ العربي، تلك المادة الطبيعية التي تتمتع بتاريخ طويل من الاستخدامات وفوائد لا تُعد ولا تُحصى، سواء على المستوى الصحي أو الصناعي أو حتى البيئي.
هذه الأشجار التي تنمو في البيئات الجافة وشبه الصحراوية تعتبر من أكثر الأشجار قدرة على التكيّف مع التغيرات المناخية، ما يجعلها مثالية لمناخاتنا العربية والأفريقية، فضلًا عن مساهمتها في مشروعات التشجير ومكافحة التصحر.
الصمغ العربي
بحسب الدكتورة مها إبراهيم كمال، الباحثة بقسم الأغذية الخاصة والتغذية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، فإن الصمغ العربي يُعد من أقدم المواد الطبيعية التي استخدمها الإنسان، حيث يعود تاريخه إلى أكثر من 5000 عام، وكان له دور في العديد من الحضارات.
يُستخرج الصمغ من أشجار السنط، المنتشرة في مناطق مثل السودان وأفريقيا الوسطى وغرب إفريقيا، ويتمتع بمكانة مرموقة في الصناعات الحديثة لما يجمعه من خصائص تقنية وصحية متميزة، مما يجعله يتفوق على كثير من الإضافات الغذائية والصناعية التقليدية.
فوائد علاجية مذهلة للصمغ العربي
الصمغ العربي ليس مجرد عنصر مضاف للنكهة أو التماسك، بل يمثل عنصرًا غذائيًا فعّالًا يمتلك خصائص علاجية مثبتة علميًا، جعلته عنصرًا أساسيًا في الطب التقليدي والحديث، ومن أبرز فوائده:
1. دعم الجهاز الهضمي:
يعمل كألياف قابلة للذوبان، مما يُعزز نمو البكتيريا النافعة.
يحسن حركة الأمعاء ويقلل الإمساك المزمن.
2. خصائص مضادة للالتهابات والأكسدة:
يساعد في الوقاية من أمراض الكبد والقولون.
يثبط تكوّن الشوارد الحرة المسببة للعديد من الأمراض المزمنة.
3. مفيد لمرضى السكري والسمنة:
يحد من الشهية ويقلل من امتصاص الدهون، ما يجعله داعمًا في برامج خسارة الوزن.
يُنظم مستويات السكر في الدم بشكل فعّال.
4. دعم صحة الكلى والقلب:
يساعد في زيادة تصفية الكرياتينين.
يُقلل من مستوى البروتين في البول لدى مرضى السكري.
يساهم في خفض ضغط الدم الانقباضي لدى الأصحاء.
5. العناية بصحة الأسنان:
يُعيد تمعدن مينا الأسنان ويمنع تآكلها الناتج عن المشروبات الحمضية.
6. تقليل الكوليسترول الضار:
بفضل أليافه الذائبة، يُقلل امتصاص الكوليسترول من الأطعمة، مما يُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
استخدامات صناعية وغذائية واسعة النطاق
يمثل الصمغ العربي أحد الركائز الطبيعية للصناعات الغذائية والدوائية، لما له من خصائص فيزيائية وكيميائية فريدة تجعله عنصرًا متعدد الاستخدامات، وأبرزها:
1. صناعة الأغذية والمشروبات:
يُستخدم كمثبت ومستحلب للدهون والزيوت في العصائر والمشروبات الغازية.
يدخل في صناعة منتجات الألبان مثل الآيس كريم والزبادي لتثبيت القوام ومنع الفصل.
يُضاف إلى العلكة والحلويات الطرية لتحسين الليونة والملمس.
يُستخدم في إنتاج الزبادي منخفض الدسم لتحسين القوام بدون إضافة السكر.
2. تحسين القوام في المخبوزات والحلويات:
يُمنح العجين مرونة ونعومة، ويمنع تكتل المنتجات.
يُحسن من نسيج الحلويات مثل الكراميل والجيلي ويُقلل من التبلور.
3. الصناعات الدوائية:
يُستخدم في تغليف الحبوب والمستحضرات الطبية لحماية الأدوية من الرطوبة.
يدخل في تصنيع مستحضرات لعلاج المعدة والحلق.
4. الرياضة والمكملات الغذائية:
يُضاف لمشروبات الطاقة لتحسين الثبات واللزوجة والمذاق.
أشجار السنط في مصر
في مصر، تنتشر زراعة أشجار السنط في مناطق متعددة خاصة ذات الطابع الصحراوي والجاف مثل:
أسوان
الوادي الجديد
جنوب سيناء
وتُزرع أيضًا ضمن مشروعات التشجير الكبرى التي تُشرف عليها وزارة الزراعة، خصوصًا في الطرق الصحراوية ومخرات السيول. وتتميز هذه الأشجار بقدرتها على النمو في ظروف مناخية صعبة، مما يجعلها مثالية لمكافحة التصحر وتحسين الغطاء النباتي.
دعوة للاستثمار في كنز طبيعي عربي – أفريقي
رغم هذه القيمة الاقتصادية والغذائية والصحية الهائلة للصمغ العربي، لا يزال استغلاله محدودًا في بعض الدول العربية، في حين تحتل السودان مثلًا مركزًا عالميًا متقدمًا في تصديره.
لذا، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر في توسيع زراعة أشجار السنط وتعزيز استثمارات البحث والتصنيع المتعلقة بالصمغ العربي، ليكون عنصرًا محوريًا في دعم الاقتصاد القومي وتحقيق الأمن الغذائي والصحي في العالم العربي والأفريقي.
نقلاً عن : تحيا مصر
- بعد شكاوى أولياء الأمور.. إجراءات «التعليم» بشأن رسوب 400 طالب في مدرسة واحدة - 26 أغسطس، 2025
- مدرب نيوكاسل يونايتد علاقتنا ب ألكسندر آيزاك قوية والتجديد متوقف حالياً - 26 أغسطس، 2025
- الاحتلال دمر 160 مدرسة حكومية في غزة - 26 أغسطس، 2025