حافظوا على فلذات الأكباد قبل فوات الأوان

حافظوا على فلذات الأكباد قبل فوات الأوان

 

خليفة بن عبيد المشايخي

 [email protected]

 

غدا عالمنا المعاصر يشهد اليوم تحولات جذرية في كل مفاصل الحياة، وباتت تلوح وتتسطر في الأفق مشاكل كثيرة متنوعة ومختلفة، ويعج واقعنا المعاش حتى اللحظة بمشاهد مخيفة ومرعبة، من حيث أن القادم بقدر ما سيكون أكثر رفاهية وراحة، وسيشهد تطورًا وتقدمًا هائلًا في الصناعات الرقمية والإلكترونية والتكنولوجيا، بقدر ما ستواجه المجتمعات والأسر المحافظة، صعوبات كثيرة.

وتتمثل هذه الصعوبات في عدم قدرتها النأي بأجيالها عن سيئات ومساوئ القادم، وتلك الثورات التكنولوجية، والأيام المنفتحة المقبلة علينا بخيرها وشرها، جنبنا الله تعالى كل الشرور والآفات. فالجيل الحالي والمقبل، سيواجه مشقة في تحمل مسؤولية المحافظة على نفسه من الأهواء والإغواء، ومن الانجرار وراء الشهوات والشبهات والملذات واللهو واللعب، والوقوع في الفساد والمحرمات وتفريغ الوقت فيما لا فائدة منه، والركون الى براثن تلك السلبيات والأخطاء والذنوب، التي ستفرخ تبعاتها هنا وهناك، وستكون السائدة آنذاك ونمط الحال والواقع، وستقودة تلك الإخفاقات والمعطيات، ليكون جيلا انهزاميا وضعيفا وهشا ومفلسا من كل الأخلاق الحسنة ومقومات الرجولة والشدة والعصامية.

قد يصل به الحال ليكون مُنسلخًا من هويته الإسلامية والدينية، وخاوٍ تماما من الوازع الديني الذي من الممكن أن يثبته على الاستقامة والصلاح والإصلاح.

وهنا يتوجب وسيتوجب على أولياء الأمور، تحصين أنفسهم وأولادهم بالدين والإيمان، والفرار إلى الله تعالى، والتمسك بتعاليمه وشرعه ومنهاجه. واذا ما تعهد الجيل الحالي بالتربية الحسنة، فتصرفاته وسلوكه تنزع إلى أمر خطير، وتنذر بشرر يتطاير وسيتطاير هنا وهناك. والصورة من جراء ما نجزم به ونتوقعه، أضحت مُقلقة الى حد التشاؤم من أن المستقبل قد يخبئ لنا الكثير من المفاجآت غير السارة.

نحتاج إلى تضافر الجهود؛ افرادا وجماعات ومؤسسات المجتمع المدني، لا سيما بيئات الدين والإيمان التي يجب على الرجال أن يهبوا إليها، ويصبروا أنفسهم فيها ويفرغوا جهدهم ووقتهم الحلال من أجلها، وفي أن يستخدمنا الله تعالى لخدمة ونصرة دينه، وأن لا يستبدلنا بقوم آخرين.

بعض شبابنا اليوم يرون الغث والسمين، والصالح والطالح، ويتابعون من خلال الشاشات والجوالات المشهورين على اختلاف فئاتهم وأنواعهم، وصار تعلقهم بالممثل الفلاني ولاعب كرة القدم العلاني، يستحوذ على معظم أوقاتهم وطاقاتهم، التي يفرغونها في اللعب وعلى الأجهزة اللوحية والرقمية والمحمولة.

حقيقة ما جعلني أهوي على كتابة هذا المقال الذي سطرت كلماته ونحت أحرفه من حرقة وضيق أصابني، حينما رأيت طفلة في مقطع فيديو، تبكي لأنها لم تتمكن من التقاط صورة مع (سون) وهو لاعب المنتخب الكوري. وأقول يا لها من مصيبة إن كنَّا وصلنا إلى هكذا أمور. ولو حللنا الأسباب التي أدت بتلك الطفلة كالتي شاهدناها وعمرها أقل من عشر سنوات تبكي على (سون) لوجدنا أن الأسرة والوالدين يتحملون وزر ذلك. فماذا عسانا نقول عنها وعن والديها وأسرتها والجو الذي كانت تعيشه، غير أن نسأل الله الهداية والصلاح لكل المسلمين.

علينا أن نحاسِب أنفسنا قبل أن نحاسَب، ونزن أعمالنا قبل أن توزن علينا، ووالله سنقف بين يدي الله وسيحاسبنا على تقصيرنا في تربية أنفسنا وأبنائنا، وفي تفويتنا للاستقامة والصلاح، والله تعالى يقول ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾؛ فالله الله في طلب الصلاح والاستقامة.. الله الله في أن نكون قدوة صالحة لأبنائنا وأهلنا، الله الله في تربية النشء تربية حسنة، فإنهم مستقبل الأوطان وعمادها وسلاحها، والله نسأل الهداية والصلاح والعمل بما يرتضيه.

ملحوظة: مصدر الخبر الأصلي هو جريدة الرؤية العمانية