هل يستمر زخم ارتفاع الذهب ليبلغ 5000 دولار؟

لقد ارتفع سعر الذهب بأكثر من 37% هذا العام، وهو في طريقه لتحقيق أقوى أداء سنوي له منذ أكثر من ثلاثة عقود. كما أن بلوغه 4000 دولار للأونصة يبدو معقولاً نظراً لمساره الحالي. لكن يبدو كل هذا غريباً على خلفية أن مؤشر ناسداك المركب سجل رقماً قياسياً جديداً بدوره.
لكن الذهب مدعوم بمجموعة عوامل: التضخم المستمر، وجمود السياسة النقدية، والآثار المزعزعة للاستقرار التي تتأتى من النزعة القومية التجارية لدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
فوضى في سوق الذهب العالمية جراء رسوم أميركا المفاجئة
لقد عزز التشكيك بدور الدولار كعملة احتياطية عالمية مكانة الذهب. حتى الآن في هذا العقد تجاوز ارتفاع سعر الذهب المكاسب المبهرة التي سجلها مؤشر ”ستاندرد آند بورز 500“ بدعم من الذكاء الاصطناعي.
مقارنةً بأداء الأسهم في بقية العالم، يُعدّ ارتفاع الذهب أكثر إثارة للإعجاب، لا سيما في العام الماضي.
كان تراكم السيولة لدى البنوك المركزية أمراً بالغ الأهمية. بيّن روهيت بول من شركة ”أكويتي نولدج بارتنرز“ (Acuity Knowledge Partners) أن مشتريات الذهب تجاوزت 1000 طن للعام الثالث على التوالي. وقد يستمر هذا مع دفع التوترات الجيوسياسية الدول إلى تنويع احتياطياتها ابتعاداً عن التركيز على الدولار. التالي هو مقياس صندوق النقد الدولي لاحتياطيات الصين من الذهب.
لكن نقطة الضعف الذي تعتري الذهب أنه ليس كالأسهم أو السندات، إذ إنه لا يُولد أي تدفقات نقدية. كما هو حال أي خزنة قيمة غير منتجة، تتوقف قيمته على الاعتقاد الجماعي.
إذاً هل إضافته إلى محفظتك الاستثمارية منطقي؟ تحاول ورقة بحثية حديثة من مجموعة ”دي إي شو“ (D.E. Shaw) الإجابة على هذا السؤال. يُفترض أن ترتبط عوائد الذهب نظرياً بالمحركات الرئيسية مثل أسعار الفائدة الحقيقية والنمو والتضخم، لكن هذه العوامل غالباً ما تعوض بعضها بعضاً، والأدلة التجريبية متباينة. يوضح هذا الرسم البياني ارتباط الذهب بالأسهم الأميركية، وسندات الخزانة الاسمية والمرتبطة بالتضخم، والتضخم الضمني.
لا يخفى على أحد تقلب علاقة الذهب بالأسهم- إذ تهيمن عوامل دفع فردية في أوقات مختلفة، لكنها عادةً ما تُحقق صافي ربح مع طول الأمد. تاريخياً، ارتبط الذهب ارتباطاً إيجابياً بالسندات المرتبطة بالتضخم، لا سيما منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
منذ عام 2004، كانت علاقته بالتضخم إيجابية إلى حد ما، وهذا يدعم فرضية أن ارتباطه السلبي بأسعار الفائدة الحقيقية يُعوّض ارتباطه الإيجابي المتوقع بالتضخم. بيّنت ”دي إي شو“ أن عدم تعرض الذهب بشكل كبير لمخاطر الأسهم قد يكون مفيداً لمحفظة تشمل أسهماً وسندات.
ليس ارتباط الذهب بالأسهم والسندات هو المهم فحسب: ما زلنا بحاجة إلى مراعاة علاقتهما ببعضهما البعض، وهي إحدى أهم العلاقات للمستثمرين. بعد أن كان ارتباط الأسهم بالسندات إيجابياً لمعظم الفترة الممتدة من سبعينيات إلى تسعينيات القرن الماضي، أصبح سلبياً مع مطلع القرن الحالي، وظل كذلك لأكثر من عقدين.
الآن، عادت ارتباطات الأسهم بالسندات الأميركية إلى أعلى مستوياتها في 27 عاماً. ويجادل أكاش دوشي، من شركة ”ستيت ستريت إنفستمنت مانجمنت“ (State Street Investment Management) لإدارة الاستثمارات، بأن هذا يُعزز أهمية الذهب كغطاء لمحفظة كلّية وكتحوط عبر التنويع لتخفيف التأثيرات السلبية المحتملة.
الذهب ليس بديلاً عن السندات الحكومية أو الائتمان ذي الدرجة الاستثمارية. ولكن في بيئة تضخمية متقلبة وغير مؤكدة، وفي ظل مخاطر جيواقتصادية مستمرة قد تتفاقم بسبب التجارة وسياسات الاحتياطي الفيدرالي، يمكن استخدام الذهب بقدر ما كتحوط مرحلي من قبيل التنويع.
يشهد الذهب زخماً متعاظماً بعدما تجاوز سعر الأونصة منه 3500 دولار الأسبوع الماضي. ولا تستبعد سامانثا دارت، من مجموعة ”غولدمان ساكس“، سيناريو يؤدي فيه ضعف استقلال الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع التضخم، وانخفاض أسعار الأسهم والسندات، وتآكل مكانة الدولار كعملة احتياطية. وتحاجج بأن الذهب، إن حدث ذلك، قد يرتفع بشكل كبير فوق خط الأساس لدى البنك وهو 4000 دولار في منتصف عام 2026.
نقدّر أنه إذا تدفق 1% من سوق سندات الخزانة الأميركية المملوكة للقطاع الخاص نحو الذهب، فإن سعره سيرتفع إلى ما يقرب من 5000 دولار للأونصة، بافتراض ثبات كل شيء آخر. ونتيجة لذلك، يظل الذهب أعلى توصية طويلة الأجل لدينا في مجال السلع الأساسية.
يُرجح أن يحظى ارتفاع المعدن المستمر بمزيد من الزخم مع استعداد مجلس الاحتياطي الفيدرالي لاستئناف دورة التيسير النقدي. يصعب تحديد مدة استمرار هذا الارتفاع، لكن على المدى القريب، الواضح أن جميع العوامل تسير في صالح السبائك الصفراء.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج