صراع “السيطرة على الأرض” في السودان يحاصر المساعدات

صراع “السيطرة على الأرض” في السودان يحاصر المساعدات

يعيش السودان واقعاً معقداً وغير مسبوق، حيث تتنازع أربع سلطات على النفوذ والشرعية، ما يتسبب في عرقلة وصول المساعدات الأساسية للمدنيين، ويجعل الأوضاع الإنسانية في البلاد أكثر مأساوية.

خارطة النفوذ والسيطرة في السودان

وفي المشهد السوداني، تتواجد أربعة أطراف تسيطر على مناطق مختلفة وتتصارع على الأرض:

الحكومة السودانية بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وهي السلطة المعترف بها دولياً وتسيطر على ولايات الشرق والشمال والوسط، كما تتواجد في أجزاء من إقليم كردفان، بالإضافة الى أجزاء من مدينة الفاشر بشمال دارفور.

حكومة تأسيس الموازية، وهي جناح سياسي لقوات الدعم السريع، ومقرها المعلن مدينة نيالا بجنوب دارفور، وتنتشر قواتها على أجزاء واسعة من ولاية غرب كردفان، وتتواجد في غرب ووسط وجنوب دارفور، بالإضافة إلى مناطق حول مدينة الفاشر وأجزاء منها.

حركة جيش تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور، تسيطر على سلطة محلية في جبل مرة، التي تقع في ثلاث ولايات بدارفور (جنوب ووسط وشمال)، بالإضافة إلى منطقة طويلة وعدد من القرى.

الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وتتركز سلطتها في منطقة كاودا بجنوب كردفان، حيث تنتشر قواتها والدعم السريع في المناطق المحيطة وتحاصر مدينتي كادقلي.

وجعل هذا التشرذم في السيطرة على الأرض من التنسيق وإيصال المساعدات أمراً بالغ الصعوبة، خاصةً في مناطق النزاع الحساسة، حيث تعد مدينة الفاشر مثالاً حياً للتنازع في قرار إيصال المساعدات الانسانية.

الحصار الإنساني.. المدنيون الضحية الأولى

وتعتبر الأوضاع في مناطق مثل الفاشر، وجبل مرة، وكادقلي مثالاً صارخاً على الكارثة الإنسانية. ففي حادثة مأساوية بمنطقة ترسين بجبل مرة، فشلت المساعدات في الوصول إلى المتضررين بسبب صراع النفوذ وغياب ممرات آمنة، حيث اشتكت منظمات أممية من اضطرارها لإيصال المساعدات باستخدام الدواب، مما يترك المدنيين محاصرين بين نيران الصراع.

نميري عيسى موسى، مسؤول الشؤون الإنسانية بحركة تحرير السودان، أكد أن موقف حركته الحيادي يقتضي إيصال المساعدات، وأنهم ناشدوا الأمم المتحدة للضغط على الأطراف المتحاربة.

وشدد على أن الحل يكمن في وقف إطلاق النار الشامل ليتمكن جميع السودانيين من العيش بسلام.

في المقابل، حمّلت سليمى إسحق، وزيرة الدولة بوزارة التنمية الاجتماعية والموارد البشرية، قوات الدعم السريع مسؤولية منع المساعدات، مؤكدة أن الحكومة “توفر كافة إمكانياتها لتسهيل الوصول الإنساني للمتضررين دون تمييز”.

وقال مسؤول الإعلام ببرنامج الغذاء العالمي محمد جمال أن البرنامج يلتزم الحياد، وأن هدفه الأساسي هو إنقاذ الأرواح، مشيراً إلى أنه يتواصل بشكل دائم مع كافة الأطراف لتسهيل الوصول، وإلى تعاون كبير من الحكومة السودانية، إلا أنه قال إن إيصال المساعدات الإنسانية يشكل “تحدياً مستمراً للمنظمات الدولية”.

حكومات وهمية

ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد الماحي الأنصاري أن خطوة إعلان الدعم السريع عن “حكومة تأسيس” الموازية، هي رد فعل على الهزائم العسكرية التي لحقت به، ويسعى من خلالها لتحقيق أهداف سياسية.

وأضاف أن الهدف الأول هو تعويض الخسائر وإجبار الجيش والوسطاء على الاعتراف به كطرف في المشهد السياسي، أما الهدف الثاني فهو محاولة لتغيير صورته النمطية، حيث يريد أن يظهر بمظهر القوة التي تتبنى مشروعاً مدنياً ديمقراطياً.

أما عبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية شمال، فيرى الأنصاري أنه يسعى لإنهاء أزماته الداخلية بعد تخلي جنوب السودان عن دعمه، و”وجد في الدعم السريع ضالته لتجديد سلاحه”.

وأشار الأنصاري إلى رفض المجتمع الدولي والإقليمي، ممثلاً في مجلس السلم والأمن الإفريقي والجامعة العربية ومجلس الأمن، هذه الخطوة، مما يجعلها “قفزة في الظلام”.

وخلص إلى أن حل الأزمة الإنسانية الحقيقي لا يكمن في تعدد مراكز القرار، بل في إنهاء الحرب عبر التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وفقاً لاتفاقيات جدة والمنامة والعودة إلى المسار المدني.

نقلاً عن: الشرق

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف