خلال 2029.. هل تخسر أمريكا سباق العودة إلى القمر أمام الصين؟

لا تستبعد تقارير أمريكية أن يشهد عام 2029 هبوط رواد فضاء صينيين على سطح القمر قبل الأمريكيين، في سيناريو مفزع لواشنطن التي كانت صاحبة الريادة لحظة هبوط مركبة “أبولو 11” في 1969، عندما نجح الإنسان من خلالها في الوقوف والسير على سطح القمر للمرة الأولى.
ووفق تقرير لصحيفة “التايمز” البريطانية، فإن نقاشاً ساخناً بدأ في مجلس الشيوخ الأمريكي، الأسبوع الماضي، تحت عنوان مثير للجدل “قمر سيئ في طور الظهور: لماذا يجب على الكونغرس وناسا إحباط الصين في سباق الفضاء”.
وكشفت النقاشات عن انقسام عميق بين السياسيين والخبراء حول تداعيات خسارة السباق الفضائي في القرن الحادي والعشرين، إذ يُقدّر أن نحو 200 مليون أمريكي شاهدوا هبوط 1969 مباشرة، وفي السيناريو الافتراضي، يتكرر المشهد لكن مع تغيير اللاعبين.
ويخطو رواد الفضاء خطوة صغيرة، يرفعون علم الصين ذا النجوم الصفراء، وسط فرح عالمي يوحده الفضاء كما في الماضي، لكن هذه المرة، تكون الدولة الأقوى في العالم هي “بكين”، التي تحقق إنجازاً في توقيت أكثر ملاءمة لجمهورها، كما ورد في السيناريو “الافتراضي” لصحيفة “التايمز”.
ويثير هذا التصور مخاوف جيوسياسية، حيث حذّر السيناتور الجمهوري تيد كروز من أن “نحن في سباق فضاء في القرن الحادي والعشرين. الصين الشيوعية لا تلتزم بالقواعد نفسها، وهي تستثمر مواردها بشراسة للسيطرة على الفضاء”.
يرى كروز أن الخسارة ستعني فقدان السيطرة على قواعد الاشتباك في الفضاء، وهو أمر يوافقه فيه ألين كاتلر، رئيس تحالف استكشاف الفضاء العميق، الذي أكد أن “الدولة التي تهبط على القمر أولاً ستحدد قواعد الاشتباك في الفضاء لعقود مقبلة”.
أما مايك جولد، المسؤول عن خطط ناسا القمرية، فقد رسم صورة أكثر درامية، محذّراً من أن سبق الصين سيؤدي إلى “إعادة تنظيم عالمية ستؤثر على اقتصادنا، وقاعدتنا الضريبية، وقدرتنا على الابتكار، وأمننا القومي”.
وتعكس هذه المخاوف قلقاً من أن يصبح القمر ساحة للتنافس الجيوسياسي، حيث يخطط كلا البلدين لبناء قواعد قمرية تستغل المياه عند القطبين كوقود، مما قد يمهد لاقتصاد فضائي يشمل الصناعة وتوليد الطاقة.
ومع ذلك، يشكك خبراء آخرون في جدوى هذا القلق المفرط، فنظرياً، لدى ناسا برنامج أرتميس الذي يهدف إلى هبوط رواد فضاء في 2027، قبل الموعد الصيني المقدر بحوالي 2030.
لكن التاريخ يظهر تأخيرات متكررة في البرامج الأمريكية، ففي 1989، أعلن جورج بوش الأب عن مبادرة للعودة إلى القمر في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تلاها جورج دبليو بوش في 2004 بموعد 2020، ثم دونالد ترامب في 2017 بـ2024، وأخيراً جو بايدن بـ2026.
أما الصين، فلم تتأثر بتغيرات الرؤساء أو مشاكل الميزانيات، وواصلت تقدمها بثبات، وهنا يحذّر جيم بريدنستين، المدير السابق لناسا، في الجلسة: “ما لم يتغير شيء، فمن غير المرجح، إلى حد كبير، أن تتمكن الولايات المتحدة من التغلب على الجدول الزمني المتوقع للصين”.
من جانبه، يرى سعيد مستشار، مدير معهد لندن لسياسات وقوانين الفضاء، أن الحديث عن المخاطر الجيوسياسية والأمنية مبالغ فيه، قائلاً: “يتحدثون كثيراً عن هذه المخاطر… لكنهم لا يوضحون ماهيتها”. ويشير إلى أن الفضاء محكوم بمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، التي تحول دون احتكار أي دولة للقمر.
أما بليدين بوين، الأستاذ المشارك في السياسة الفلكية بجامعة دورهام، فيعترف بإمكانية تأثير غير رسمي، حيث “كلما رسخوا مكانتهم، زاد تأثيرهم في وضع أفضل الممارسات. سيقودون علم القمر”.
وبالنسبة للصين، سيكون الفوز إنجازاً سياسياً كبيراً للحزب الشيوعي، يعزز شرعيته بقوله: “نحن مذهلون، نحن نقلب قرن الإذلال”. لكن الفوائد ستكون علمية بشكل أساس، دون مكاسب عسكرية أو اقتصادية مباشرة على المدى القريب، بحسب “التايمز”.
نقلاً عن: إرم نيوز