كيف يمكن أن تؤثر قضية المعارضة الحاسمة في تركيا على الأسواق؟

كيف يمكن أن تؤثر قضية المعارضة الحاسمة في تركيا على الأسواق؟

قد تبلغ المواجهة السياسية في تركيا ذروتها عندما يُصدر القضاء حكماً يُهدد وجود حزب المعارضة الرئيسي، وبالتالي مستقبل الديمقراطية في بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة.

تعد هذه القضية جزءاً من حملة غير مسبوقة وواسعة النطاق تستهدف سياسيي المعارضة في تركيا، ويقول هؤلاء إنها مدفوعة بمحاولة الرئيس رجب طيب أردوغان تمديد أكثر من 20 عاماً قضاها في السلطة.

أدى التوتر السياسي المتصاعد والاحتجاجات الحاشدة، بما فيها تظاهر عشرات الآلاف يوم الأحد، إلى توتر الأسواق. وتراجعت الأسهم التركية بأكثر من 8% الشهر الجاري بالقيمة الدولارية، في أسوأ أداء على مستوى العالم بعد الأرجنتين. كما تراجعت أيضاً السندات المقومة بالليرة التي تُصدرها الحكومة. وقد يتعمق هذا التراجع إذا ما قرر القضاء، الذي يؤكد أردوغان وحزب العدالة والتنمية أنه يتحرك بشكل مستقل، إبطال تصويت جرى عام 2023 اختار قيادة “حزب الشعب الجمهوري” (CHP).

اقرأ المزيد: توتر بين مستثمري تركيا قبيل الحكم على قيادة المعارضة

القضية المنظورة في أنقرة، وهي واحدة من بين عديد من القضايا المرفوعة ضد “حزب الشعب الجمهوري” وأبرز أعضائه، معقدة. بدأت الجلسة قبيل الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي (وأصدر القاضي أمراً بتأجيل القضية حتى جلسة 24 أكتوبر)، وافتتح مؤشر “بي آي إس تي-100” (BIST-100) تداولاته منخفضاً بنسبة 0.14%، في حين لم تشهد الليرة تغيراً يُذكر عند 41.38 مقابل الدولار الأميركي.

هناك عدة نتائج محتملة، وفيما يلي أبرزها وتأثيرها المرجح.

سيناريو 1: تحكم المحكمة ببطلان نتائج مؤتمر حزب الشعب الجمهوري لعام 2023 وتعيد تعيين الزعيم السابق 

يُعد هذا أحد السيناريوهات الأكثر ترجيحاً، والأكثر خطورة على الأغلب بالنسبة للمستثمرين الأجانب. وقد يُشعل احتجاجات في إسطنبول ومدن أخرى، وبموجبه سيتعين على زعيم “حزب الشعب الجمهوري”، أوزغور أوزال، الحليف لرئيس بلدية إسطنبول المسجون أكرم إمام أوغلو، التنحي عن منصبه. كما أن عودة كمال كليجدار أوغلو، الذي قاد الحزب لمدة 13 عاماً دون تحقيق فوز انتخابي كبير حتى تصويت 2023، قد تُعرقل الجهود الرامية إلى الإفراج عن إمام أوغلو. وسيُشكّل ذلك انتكاسة كبيرة لحزب حقق مكاسب كبيرة في الانتخابات البلدية خلال العام الماضي، وهي نتائج أظهرت أن الناخبين بدأوا في التخلي عن حزب العدالة والتنمية في معظم أنحاء البلاد.

قد يُؤجل كمال كليجدار أوغلو عقد مؤتمر حزبي جديد لأشهر أو حتى لسنوات، مستغلاً ذلك الوقت لتعزيز سيطرته على السلطة.

علق إريك مايرسون، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في بنك “إس إي بي” (SEB) السويدي قائلاً: “الخطر الحقيقي من هذه التطورات هو مزيد من التآكل في المؤسسات السياسية التركية”، وأضاف: “تركيا تُواجه مخاطر انخفاض الابتكار، وتزايد هجرة العقول، واستمرار ما يُعد بالفعل عدة عقود ضائعة من التنمية الاقتصادية”.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن الانتخابات البلدية في تركيا و”معركة إسطنبول”

في حال صدور مثل هذا الحكم، قد تتعرض الليرة لضغوط إذا اندفع الأتراك لشراء الدولارات. وقد يستغل أردوغان أيضاً تشرذم “حزب الشعب الجمهوري” من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة وربما زيادة الإنفاق قبل التصويت، وفقاً لغوردون باورز، المحلل في “كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس” (Columbia Threadneedle Investments) ومقرها لندن، والتي تُدير أصولاً تُقدّر بنحو 650 مليار دولار. وهذا بدوره سيعقد خطط البنك المركزي لخفض التضخم إلى أقل من 30% خلال الأشهر المقبلة.

سيناريو 2: المحكمة تُبطل نتائج المؤتمر وتعين وصياً

في هذا السيناريو، ستُبطل المحكمة نتائج مؤتمر “حزب الشعب الجمهوري” الذي عُقد عام 2023، لكنها ستُعيّن وصيّاً للإشراف المؤقت على الحزب. وسيكون على هذا الوصي تنظيم تصويت لاختيار القيادة خلال 45 يوماً، مما يُتيح لأوزغور أوزال فرصة إعادة انتخابه. ورغم أن الحزب سيواجه اضطراباً مؤقتاً، يرى المحللون أن تأثير هذا السيناريو على الأسواق سيكون أقل حدة مقارنة بإعادة كمال كليجدار أوغلو إلى القيادة.

سيناريو 3: تأجيل القضية

سيوفر هذا السيناريو بعض الارتياح لـ”حزب الشعب الجمهوري” وللأسواق، إلا أن هذا الارتياح قد لا يدوم طويلاً، فالمستثمرون قصيرو الأجل، مثل المتعاملين في تجارة الفائدة، سيواصلون الانجذاب إلى أسعار الفائدة التي تقترب من 40% على السندات المقومة بالليرة التركية. ومع ذلك، قد تُثني حالة عدم اليقين السياسي المستمرة عدداً من المستثمرين عن ضخ مزيد من الأموال في الاقتصاد البالغة قيمته 1.4 تريليون دولار.

سيناريو 4: إسقاط القضية

لا يرجح معظم المحللين هذا السيناريو، إذ إن رفض القضية سيُشير إلى تخفيف الضغط على “حزب الشعب الجمهوري”، ومن المرجح أن يُطلق موجة صعود في الأسواق. وقد يستغل أوزغور أوزال هذه النتيجة لزيادة الضغط على أردوغان للدعوة إلى انتخابات مبكرة.

قد يهمك: تعثر مشاريع كبرى في إسطنبول مع استمرار الاضطرابات السياسية

ولا يُتوقع إجراء الانتخابات المقبلة قبل العام 2028، ورغم أن أردوغان ممنوع من الترشح لولاية أخرى، فإنه يستطيع الترشح مجدداً إذا تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وكان أوزال قد قال في مقابلة حديثة مع “بلومبرغ” إنه يرغب في التوجه إلى صناديق الاقتراع في أواخر العام 2025 أو مطلع العام المقبل.

* تم تحديث الفقرة الرابعة بقرار تأجيل القضية

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف