إنفيديا” تستثمر 5 مليارات دولار في “إنتل

إنفيديا” تستثمر 5 مليارات دولار في “إنتل

اتفقت شركة “إنفيديا” (Nvidia) على استثمار 5 مليارات دولار في “إنتل كورب” (Intel Corp)، وقالت إن الشركتين ستطوران معاً شرائح للكمبيوترات الشخصية ومراكز البيانات، في خطوة مفاجئة لدعم منافس يعاني من صعوبات.
 
 قالت الشركتان يوم الخميس إن “إنفيديا” ستشتري أسهماً عادية في “إنتل” بسعر 23.28 دولار للسهم الواحد، أي بخصم نسبته 6.5% عن سعر إغلاق الأربعاء. وستستخدم “إنتل” تقنية الرسوميات الخاصة بـ”إنفيديا” في شرائح الكمبيوترات الشخصية المقبلة، كما ستوفر معالجاتها لمنتجات مراكز البيانات المبنية على أجهزة “إنفيديا”. ولم تعرض الشركتان جدولاً زمنياً لطرح أولى هذه الأجزاء للبيع، وأكدتا أن الإعلان لا يؤثر على خططهما المستقبلية الفردية.

ضخ سيولة جديدة في جعبة “إنتل”

وتأتي السيولة الجديدة لـ”إنتل” بعد أن وافقت الحكومة الأميركية في أغسطس على الاستحواذ على حصة تقارب 10% في الشركة، ولعب الرئيس دونالد ترمب دور المروّج للصفقة. كما ضخت مجموعة “سوفت بنك” (SoftBank Group) اليابانية استثماراً مفاجئاً بقيمة ملياري دولار الشهر الماضي، فيما تجمع “إنتل” سيولة إضافية من خلال بيع أصول لمستثمرين. ولا تستطيع عملياتها الحالية، المتأثرة بتراجع حصتها السوقية، تحمّل أعباء الإنفاق الكثيف المرتبط بمحاولة تصنيع أشباه موصلات متقدمة.

ترمب: “إنتل” وافقت على منح الحكومة الأميركية حصة 10% من أسهمها

ويبرز هذا التحالف بين الشركتين المتنافسَتين الواقعة مقراتهما في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا مدى تغيّر موازين القوى في صناعة الكمبيوتر. فـ”إنتل” تحصل على دفعة مالية وتقنية رائدة من شركة كانت قد همَّشتها بالفعل في القطاع.

رئيس إنفيديا: “حقبة جديدة من الحوسبة”

قال الرئيس التنفيذي لـ”إنفيديا”، جنسن هوانغ، في بيان: “يُقرّب هذا التعاون التاريخي بشكل وثيق بين منظومة (إنفيديا) للحوسبة المعجلة بالذكاء الاصطناعي ومعالجات (إنتل) وبيئة x86 الواسعة، وهو اندماج بين منصتين عالميتين. معاً، سنوسع أنظمتنا ونؤسس لحقبة جديدة من الحوسبة”.

“إنتل” ستطرح شرائح للكمبيوترات الشخصية تجمع بين المعالجة العامة ومكونات رسوميات قوية من “إنفيديا”، لمساعدتها على المنافسة بشكل أفضل مع “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (Advanced Micro Devices) التي تستحوذ على حصة متزايدة من سوق الحواسيب المكتبية والمحمولة. وتُعد “AMD” المنافس الأقرب لـ”إنفيديا” في مجال شرائح الرسوميات. وتواصل الشركة الرائدة في الذكاء الاصطناعي تقييم إمكانية الاستعانة بـ”إنتل” لإنتاج رقائقها، لكنها لا تملك خططاً حالية للقيام بذلك.

ترمب يوجه دفة الشركات الأميركية بشكل غير مسبوق لتحقيق أهدافه

وعلى صعيد مراكز البيانات، حيث تهيمن مسرّعات الذكاء الاصطناعي من “إنفيديا” وتدفع “إنتل” وغيرها إلى أدوار ثانوية، ستوفر “إنتل” معالجاتها لمنافستها لدمجها في بعض المنتجات. ومع توسع “إنفيديا” في دمج رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في مجموعات حوسبة أكبر، تبرز الحاجة إلى معالجات للتعامل مع المهام العامة التي لا تناسبها وحدات الرسوميات.

قال الرئيس التنفيذي لـ”إنتل”، ليب-بو تان، في البيان: “نقدّر الثقة التي وضعها جنسن وفريق (إنفيديا) فينا من خلال استثماراتهم، ونتطلع إلى العمل المقبل معاً من أجل الابتكار لعملائنا. لقد كانت بنية (إنتل x86) حجر أساس للحوسبة الحديثة لعقود، ونحن نبتكر عبر محفظتنا لتنظيم أعباء العمل المستقبلية”.

معالجات “إنفيديا”

تصمم “إنفيديا” حالياً معالجاتها الخاصة التي تعمل بجانب المسرّعات باستخدام تقنية من “آرم هولدينغز” (Arm Holdings). وأكد ممثلو الشركة أن خططها المتعلقة بالمعالجات الداخلية لم تتغير.

وبحسب إغلاق الأربعاء، بلغت القيمة السوقية لـ”إنتل” 116 مليار دولار، ما يعني أن حصة “إنفيديا” تقل عن 5%. فيما تتجاوز القيمة السوقية لـ”إنفيديا” 4 تريليونات دولار.

إنفوغراف: “إنفيديا” الشركة الأعلى قيمة سوقية متجاوزةً 4 تريليونات دولار

ومن شأن قوة “إنفيديا” في رسم مستقبل الصناعة، وسعي “إنتل” للعمل معها الآن، يعكسان هيمنة “إنفيديا” المطلقة على حوسبة الذكاء الاصطناعي. فقد رأت الشركة الحاجة إلى أنواع جديدة من الشرائح والبرمجيات قبل ظهور خدمات مثل “تشات جي بي تي” من “أوبن إيه آي”، وكانت جاهزة قبل منافسيها. وعندما سارعت أكبر شركات العالم لبناء مراكز بيانات لتأمين قدرتها على المنافسة في حقبة الحوسبة الجديدة، لجأت إلى شرائح “إنفيديا”.

حتى عام 2022، كانت إيرادات “إنتل” تعادل أكثر من ضعفي إيرادات “إنفيديا”. وهيمنت الشركة -التي أعطت وادي السيليكون اسمه- على قطاع الحوسبة، من أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى مراكز البيانات، بمعالجاتها الدقيقة. (ارتبط اسم “إنتل” بمادة “السيليكون” المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، ومنها جاءت تسمية “وادي السيليكون” (Silicon Valley)). لكنها تباطأت في تطوير شرائح مسرّعة على غرار ما تقدمه “إنفيديا”، وفشلت في انتزاع حصة سوقية مؤثرة في هذا المجال.

ويُتوقع أن تسجل “إنفيديا” هذا العام مبيعات تقارب 200 مليار دولار، بحسب تقديرات وول ستريت. ومن المرجح أن تحقق العام المقبل إيرادات فصلية تتجاوز ما تحققه “إنتل” خلال عام كامل. ويُعد قسم مراكز البيانات لديها أكبر من مبيعات أي شركة رقائق أخرى.

تأخر “إنتل” في سباق الذكاء الاصطناعي

تجدر الإشارة إلى أن إخفاق “إنتل” في التنبؤ بالإنفاق الضخم على الحوسبة المخصصة للذكاء الاصطناعي واستغلاله، فاقم المشكلات الناجمة عن فقدانها ريادة التصنيع. فقد امتلكت مصانع “إنتل” على مدى عقود أفضل تقنيات الإنتاج، ما جعل منتجاتها أفضل حتى لو كانت تصميمات الآخرين قابلة للمقارنة.

أما الآن، فاضطرت للاعتماد على شركة “تي إس إم سي” (Taiwan Semiconductor Manufacturing) لتصنيع أفضل رقائقها. وقد سمحت التحسينات السريعة في تقنيات “تي إس إم سي” للعديد من الشركات، مثل “أبل” (Apple) و”إنفيديا”، بتحويل تصميمات جيدة إلى منتجات رائدة في الصناعة.

“سوفت بنك” تركز على الذكاء الاصطناعي بالاستثمار في “إنفيديا” و”TSMC”

وتحت قيادة ليب-بو تان الجديدة، الذي تولى منصبه في وقت سابق هذا العام خلفاً لبات غيلسنغر المُقال، قالت “إنتل” إنها ستنتهج نهجاً أكثر انفتاحاً، عبر البحث عن شراكات وفتح مصانعها أمام المنافسين.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف