شركة “TSMC” تقود تايوان للتفوق على كوريا الجنوبية في مقياس الثروة

شركة “TSMC” تقود تايوان للتفوق على كوريا الجنوبية في مقياس الثروة

من المتوقع أن تتفوق تايوان على كوريا الجنوبية هذا العام من حيث الثروة للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين، ما يمثل تحولاً في خريطة الاقتصاد الآسيوي بفضل صعود شركة “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات” (Taiwan Semiconductor Manufacturing).

وفقاً لأحدث التوقعات الصادرة أمس عن البنك المركزي في تايوان، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة 4.55% في 2025، وهو تعديل بالزيادة عن تقدير مكتب الإحصاءات في أغسطس الماضي البالغ 4.45%.

صعود اقتصاد تايوان 

هذا المسار يضع تايوان على الطريق لتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية – وهو مقياس رئيسي لمستوى المعيشة – في 2025، أي قبل عام من توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة في أبريل الماضي.

ورغم أن كلا البلدين يتفوقان على اليابان، إلا أن نصيب الفرد من الناتج المحلي في تايوان، المتوقع أن يتجاوز 38 ألف دولار بقليل هذا العام، لا يزال أقل من نصف مستوى سنغافورة.

رغم أن الصعود في الترتيب الآسيوي الجديد تأثر بارتفاع العملة التايوانية أمام الدولار الأميركي، فإنه يقدم لمحة أخرى عن كيفية تحويل الطفرة العالمية في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي للأوضاع الاقتصادية في الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.

عاشت تايوان عقوداً من الركود بعدما بدأت الشركات الصناعية الكبرى بالانتقال إلى الصين منذ أواخر الثمانينيات للاستفادة من انخفاض التكاليف هناك. لكن نقص الرقائق في حقبة وباء كورونا دفع شركاتها إلى الواجهة العالمية، بعدما سعى قادة الحكومات والمديرون التنفيذيون من الولايات المتحدة الأميركية إلى أوروبا لتأمين أشباه الموصلات اللازمة للحفاظ على اقتصاداتهم.

ظهور “تشات جي بي تي”

ثم جاء ظهور “تشات جي بي تي” (ChatGPT) ليُعزز هذا النمو بشكل هائل لصالح “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات” وشركات أخرى مثل “فوكسكون تكنولوجي غروب”، التي تشترك في تجميع الغالبية العظمى من الرقائق والخوادم الأكثر تقدماً في العالم، الضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي.

في المقابل، تكافح “سامسونغ إلكترونيكس” -وهو تكتل تمثل إيراداته نحو 11% من اقتصاد كوريا الجنوبية-للحاق بالركب.

طفرة الذكاء الاصطناعي تنتج أعلى الاحتكارات قيمةً في التاريخ..تفاصيل أكثر هنا


رأي خبراء “بلومبرغ إيكونوميكس”:

“يمتد اقتصاد كوريا الجنوبية عبر مجموعة واسعة من الصناعات، بما فيها قطاعات متعثرة مثل البتروكيماويات، بينما يتركز اقتصاد تايوان بشكل أكبر في قطاع التكنولوجيا واستفاد بصورة أكبر من طفرة الذكاء الاصطناعي العالمية. مع تراجع معدل النمو المحتمل لكوريا الجنوبية بسبب شيخوخة السكان وقضايا هيكلية أخرى، قد يستمر هذا الاتجاه بدلاً من أن يكون مؤقتاً”.

 

أبقى الطلب العالمي على المنتجات التقنية المتقدمة من تايوان وكوريا الجنوبية البلدين بمنأى نسبياً عن الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

لكن بينما ظل اقتصاد كوريا الجنوبية راكداً، مسجلاً نمواً بأقل من 1% على أساس سنوي في الربع الثاني، حققت تايوان واحداً من أسرع معدلات النمو في العالم بزيادة تجاوزت 8%.

ويتوقع بنك كوريا نمواً سنوياً كاملاً عند 0.9%. وقد حذر محافظ البنك المركزي ري تشانغ يونغ مراراً من أن التحديات الهيكلية، مثل انخفاض معدل المواليد وشيخوخة السكان، تدفع معدل النمو المحتمل للاقتصاد إلى حدود 1%.

العملة التايوانية الأفضل في آسيا

أدت هيمنة تايوان في المنتجات التي تدعم تطوير الذكاء الاصطناعي إلى طفرة في صادراتها، التي تجاوزت صادرات كوريا الجنوبية في أغسطس الماضي للمرة الأولى. ويُعد هذا الإنجاز مؤشراً لافتاً بالنظر إلى أن عدد سكان كوريا الجنوبية وحجم اقتصادها يزيدان عن ضعف حجم تايوان.

ويمثل الصعود السريع للدولار التايواني هذا العام عاملاً آخر يسفر ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بهذه السرعة.

اقرأ المزيد: أسواق تايوان تهتز وسط ارتفاع العملة لأعلى مستوى منذ الثمانينيات

كانت العُملة التايوانية الأفضل أداءً بين العملات الآسيوية هذا العام بارتفاع يقارب 9%. ويُعزى ذلك إلى أن المُصدرين سارعوا إلى بيع الدولار جزئياً على خلفية توقعات بأن تسمح السلطات للعملة بالارتفاع للمساعدة في إبرام اتفاق تجاري مع إدارة ترمب. في المقابل، ارتفع الوون الكوري الجنوبي بنسبة تزيد قليلاً على 6% مقابل الدولار الأميركي على مدى العام الجاري حتى الآن.

مع أن تقلبات العملة لم تؤثر على شركات التكنولوجيا العملاقة مثل شركة “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات”، فإن قوة سعر الصرف الأكثر تقلباً تمثل تهديداً للمصدرين التقليديين الآخرين في تايوان.

مخاوف اقتصاد تايوان

تكمن المخاوف المستقبلية في أن اعتماد الاقتصاد التايواني المفرط على قطاع واحد -مع استحواذ الولايات المتحدة الأميركية على حصة متزايدة من صادرات تايوان- قد يُحول نقطة القوة إلى مصدر هشاشة، لا سيما بوقت يتسم بالاضطرابات الجيوسياسية والتوترات مع الصين.

اقرأ المزيد تصنيع الرقائق في أميركا وعوائد الذكاء الاصطناعي.. هواجس قادة التكنولوجيا في آسيا

قال وودز تشين، كبير خبراء الاقتصاد في “يوانتا سيكيوريتيز إنفستمنت كونسالتينغ” (Yuanta Securities Investment Consulting) في تايبيه: “نظراً لمحدودية الموارد، من الصعب للغاية أن تنوع تايوان أنشطتها الاقتصادية لتتوسع في قطاعات أخرى”.

وأضاف أن “المطلوب هو تحويل القطاعات التقليدية إلى موردين لشركات التكنولوجيا مثل شركة ‘تايوان لتصنيع أشباه الموصلات’، بعد ذلك يتعين على الحكومة أن تبتكر آليات لإعادة توزيع العوائد المتولدة من شركات التكنولوجيا”.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف