لماذا تتزايد حالات سرطان البروستات المتقدم؟

لماذا تتزايد حالات سرطان البروستات المتقدم؟

تشهد الولايات المتحدة ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بسرطان البروستات، وهذا تطورٌ مُقلقٌ جداً يخص أكثر أنواع السرطان شيوعاً وقابليةً للعلاج بين الرجال شريطة اكتشافه مُبكراً.

بعد سنواتٍ من الانخفاض المُستمر، ارتفعت الحالات بنسبة 3% سنوياً بين عامي 2014 و2021، وفقاً لدراسة جديدة أعدتها الجمعية الأميركية للسرطان. الأسوأ من ذلك، أن هذه الزيادة مدفوعةٌ بتشخيصاتٍ مُتأخرةٍ للسرطان، وخاصةً بين الرجال الذين تبلغ أعمارهم 55 عاماً فأكثر. ونتيجةً لذلك، توقف انخفاض الوفيات الناجمة عن المرض، على الرغم من التقدم الكبير الذي شهده العلاج على مدى عقد.

ما هو سرطان البروستات الذي أصاب جو بايدن؟

في الوقت نفسه، ما يزال الرجال السود يُعانون من أسوأ عواقب سرطان البروستات. فهم أكثر عُرضةً بنسبة 67% من الفئات الأخرى للتشخيص في مرحلةٍ مُتأخرة، وأكثر عُرضةً للوفاة بسبب المرض بمرتين إلى ثلاث مرات.

لكن هناك أمل. مع زيادة الفحوصات الشخصية ودعم أفضل للأطباء الذين يُجرون الفحوصات، يُمكن عكس هذه الاتجاهات.

عند اكتشاف سرطان البروستات في مراحله الأولى يكون علاجه سهلاً جداً. إن أكثر من 99% من المصابين بالمرض في مراحله المبكرة يظلون على قيد الحياة بعد خمس سنوات من التشخيص. لكن الارتفاع المُلاحظ في حالات السرطان في مراحله المتأخرة -حيث ينخفض ​​معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات إلى 37% فقط- يُبرز صعوبة تقديم توصيات الفحص على مستوى السكان والحاجة إلى التقييم المُستمر لمدى فعاليتها.

لماذا لا يعمد الأطباء لفحص يسهل التشخيص المبكر؟

كان فحص سرطان البروستات صعباً. عندما أصبح فحص مُستضد البروستات النوعي (PSA) مُتاحاً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ارتفعت التشخيصات بشكل كبير مع اكتشاف الأطباء للمزيد من حالات السرطان في مراحله المُبكرة.

أُنقذت أرواح. لكن كانت هناك مُشكلة: كان العلاج غالباً ما يكون جراحياً وبالنسبة لبعض الرجال، كان يغير حياتهم؛ ويسبب عجزاً جنسياً وسلس البول. تزايدت التساؤلات حول ما إذا كانت جميع الأورام بطيئة النمو في مراحلها المبكرة تتطلب علاجاً، لا سيما لدى الرجال المسنين الذين قد يموتون لأسباب أخرى قبل فترة طويلة من ظهور مخاطر السرطان.

فقدان الوزن المفاجئ مؤشر مبكر على الإصابة بالسرطان

بلغ الجدل حول فوائد الكشف المبكر ذروته في عام 2012 عندما منحت فرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية  وهي مجموعة مؤثرة يميل أطباء الرعاية الأولية إلى اتباع نصائحها- اختبار المستضد البروستاتي النوعي (PSA) تصنيف (D)، ما يعني فعلياً أن أضراره تفوق فوائده. تراجعت المجموعة قليلاً في عام 2018، مشيرةً إلى أنه ينبغي على الأطباء مناقشة الاختبار مع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و69 عاماً، لكنها لم توصي به.

للأسف، وقع جيل من الرجال في فخّ هذا الخيار. قال ويليام داهوت، كبير المسؤولين العلميين في الجمعية الأميركية للسرطان وخبير سرطان البروستات: “كان كثير من أطباء طب الأسرة ينصحون مرضاهم بعدم إجراء الاختبار… حتى عندما تغيرت الإرشادات، ظلوا يعتقدون أن الضرر أكبر”.

على الأطباء مواكبة تطور العلاج والفحوصات

لقد حان الوقت لأطباء الأسرة لتطوير نهجهم في فحص سرطان البروستات. على مدى العقد الماضي، شهد فهمنا للمرض تغيرات كبيرة، ومن ذلك معايير أدق لتحديد من يجب مراقبته ومن يجب علاجه، وتحسين التصوير لتحديد مرحلة السرطان بدقة، وتقنيات جراحية أفضل، ومجموعة علاجات جديدة.

يجب أن تكون الخطوة الأولى تحديث إرشادات فريق العمل للخدمات الوقائية الأميركية، وهي قيد المراجعة حالياً. على الرغم من أن منظمات طبية أخرى – بما في ذلك الجمعية الأميركية للسرطان؛ قد راجعت توصياتها، إلا أن فريق العمل يميل إلى أن يكون مرجعاً لأطباء الرعاية الأولية، ويعود ذلك جزئياً إلى تأثير قراراته على التغطية التأمينية.

لكن حتى مع تعديل الإرشادات، سيحتاج أطباء الأسرة إلى الدعم لتطبيقها بفعالية. تجدر الإشارة إلى أن معظم فحوصات السرطان الأخرى – سواء تصوير الثدي بالأشعة السينية أو تنظير القولون أو مسحات عنق الرحم؛ عادةً ما يُفسرها أخصائيون يعرفون متى يُجرى الاختبار وماذا يفعلون بالنتائج. من ناحية أخرى، يتخذ أطباء الرعاية الأولية قرارات الفحص بناءً على توصيات عامة لا تقدم أي توجيهات بشأن ما يلي، كما يقول دانيال جورج، أخصائي الأورام في جامعة ديوك.

صانعة عقار “زانتاك” تتكتم لأربعة عقود على مخاطر سرطانية

افترض جورج وزملاؤه أن غياب الدقة الدقيقة كان يُثني كثيراً من أطباء الأسرة عن إجراء الفحص، وأن الفئات الأكثر عرضة للخطر كانت تعاني من نتائج أسوأ نتيجة لذلك. لذلك، طوروا خوارزمية تعتمد على السجلات الصحية الإلكترونية، ونشروها في جميع أنحاء نظام الرعاية الصحية بجامعة ديوك. تُصنف الخوارزمية المرضى بناءً على العمر والتاريخ العائلي والعرق وعوامل أخرى، أي تقدم خارطة طريق لتحديد موعد إجراء الفحص وكيفية تفسير النتائج.

قال جورج إن ممارسات أطباء الأسرة تغيرت بين عشية وضحاها تقريباً، مع زيادة في الفحص بين الرجال الأكثر عرضة للخطر وانخفاض في الفحص بين الفئات الأقل عرضة للخطر. النظام حديث العهد جداً بالنسبة لبيانات النتائج، لكن الأمل معقود على أن يكتشف السرطان مبكرًا وينقذ الأرواح.

خيارات العلاج تتقدم 

هذا النوع من أنظمة التوجيه -الذي يُزود الأطباء بتوجيهات شخصية أوضح- قد يكون له تأثير خاص على الرجال السود، الذين تميل إصابتهم بالسرطان إلى الظهور في وقت مبكر من حياتهم، ومع ذلك غالباً ما تشخص في مراحل أكثر تقدماً.

يمكن للأطباء أيضاً القيام بعمل أفضل في دحض هذه الادعاءات وتفنيد المخاوف المتعلقة بمستضد البروستات النوعي (PSA).

صحيح أن سرطان البروستات هو ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال، لكن غالبية المرضى ستكون نتائج فحوصاتهم سلبية، كما يقول جورج. وليس كل الرجال الذين يعانون من ارتفاع مستويات مستضد البروستات النوعي بحاجة إلى علاج. أما بالنسبة لمن يحتاجون إليه، فالخيارات المتاحة لهم أفضل بكثير مما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة عقود.

سيظل صعباً دائماً تنفيذ أي برنامج فحص بدقة. لكن وضع الأدوات المناسبة في أيدي أطباء الرعاية الأولية قد يُسهم بشكل كبير في تحسين الكشف عن سرطان البروستات، ويجنب بعض الرجال قلقاً لا داعي له، وينقذ حياة آخرين.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف