هواوي تكشف عن خطة لتطوير رقائق ذكاء اصطناعي تنافس إنفيديا

هواوي تكشف عن خطة لتطوير رقائق ذكاء اصطناعي تنافس إنفيديا

تعترف شركة “هواوي تكنولوجيز” علناً أن رقائقها الالكترونية لا تضاهي تلك التي تصنعها شركة “إنفيديا”، لا من حيث القوة ولا السرعة. ولتعويض هذا الفارق، تراهن الشركة الصينية على عناصر تفوّقها التقليدية: الكثافة الإنتاجية، والبنية الشبكية، والدعم الحكومي.

في خطوة نادرة، كشفت “هواوي” يوم الخميس عن رؤيتها الممتدة لثلاث سنوات الهادفة إلى تقليص هيمنة “إنفيديا” على طفرة الذكاء الاصطناعي. إذ قدم رئيسها الدوري إريك شو خلال مؤتمرها السنوي “هواوي كونكت” في شنجن عرضاً تفصيلياً للتقنيات التي تخطط الشركة لتطويرها، وسط تغطية إعلامية واسعة.

يأتي هذا الاستعراض الصاخب على غير عادة، قبل يوم واحد فقط من المكالمة الهاتفية الثانية في غضون أربعة أشهر، المقررة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، في تناقض واضح مع أسلوب “هواوي” المتحفّظ عادةً.

فمنذ أن مُنعت الشركة في 2020 من الحصول على خدمات شركة “تي إس إم سي” (Taiwan Semiconductor Manufacturing )، المزوّد الرئيس لـ”إنفيديا”، بسبب القيود الأميركية، اعتادت إطلاق أجيال جديدة من منتجات الذكاء الاصطناعي من دون حتى إصدار بيان صحفي.

حتى أن “هواوي” لم تكن تكشف في السنوات الماضية عن التقنية المستخدمة في معالجات هواتفها الذكية، ما دفع خبراء في القطاع إلى تفكيك الأجهزة للتعرف على مكوناتها الداخلية.

“هواوي” تكشف عن آخر ابتكاراتها

لكن الخميس، أعلنت الشركة عن خطتها الطموحة بزخم لا يقل عن إعلانات “إنفيديا”. إذ اعتلى إريك شو المنصة ليعرض الجيل الجديد من رقائق الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تصاميمها المطوّرة “سوبر بود” (SuperPod) — وهو مصطلح استعارته من قاموس “إنفيديا” ويشير إلى منصة لمراكز البيانات تجمع بين الحوسبة والتخزين والشبكات والبرمجيات وتقنيات إدارة البنية التحتية.

نظرياً، تتيح هذه التقنية لـ “هواوي” ربط ما يصل إلى 15,488 رقاقة ذكاء اصطناعي من نوع “أسيند” (Ascend) الخاصة بها عبر بروتوكول “يونايفايد باص” (UnifiedBus) الذي طوّرته داخلياً وكشفت عنه رسمياً في اليوم ذاته. 

ويعادل ذلك، عملياً، إغراق المنافس بالتفوق العددي، مدعوماً بقدرة على نقل البيانات بين الرقائق بسرعة تصل، وفقاً للشركة، إلى 62 ضعف سرعة تقنية “إنفيديا” المرتقبة “NVLink144”. في المقابل، تتيح تقنية “إنفيديا” الحالية “NVLink72” ربط 72 وحدة معالجة رسومية من طراز “بلاكويل” و36 وحدة معالجة مركزية من فئة “غريس”.

قال محللو “بيرنستاين” (Bernstein) بقيادة تشينغيوان لين، في مذكرة صدرت الاثنين، إن “إقدام هواوي على الكشف العلني عن خريطة طريقها في مجال الذكاء الاصطناعي يعكس ثقة كبيرة بمرونة إمداداتها المستقبلية من المصانع المحلية. وتشير هذه الخطوة إلى أن الشركة ضمنت قدرات تصنيع موثوقة تدعم طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يمثل محطة مفصلية في بناء منظومة محلية متينة لأشباه الموصلات قادرة على الصمود أمام اضطرابات سلاسل التوريد العالمية”.

الصين تسعى لتعويض تأخرها

وجاء إعلان “هواوي” متزامناً مع موجة من الإفصاحات عن تطورات في رقائق الذكاء الاصطناعي قادتها شركات صينية مثل “مجموعة غلي بابا القايضة” و”بايدو”.

ويبدو هذا الزخم لافتاً بما أن معظم الشركات الصينية دأبت لسنوات على إبقاء تقنياتها المتقدمة طي الكتمان تفادياً لجذب انتباه واشنطن. لكنها اليوم تكشف ابتكاراتها بوتيرة متسارعة، في وقت تضع بكين سياسة الرقائق في صميم محادثاتها الحساسة مع الولايات المتحدة.

في المقابل، تسعى واشنطن منذ سنوات إلى تطويق الصين خشية أن تسهم التكنولوجيا الأميركية في تعزيز طموحاتها الاقتصادية والعسكرية. ورداً على ذلك، تدفع بكين شركاتها التكنولوجية للصعود في سلسلة القيمة. ومؤخراً، أطلقت الحكومة الصينية سلسلة من الإجراءات استهدفت “إنفيديا”، من بينها توجيه بوقف شراء بعض المكونات التي توفرها الشركة.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ أكد مطلع العام الجاري على أولوية بلاده في دعم القطاعات الإستراتيجية حين التقى مجموعة صغيرة من رواد الأعمال، من بينهم مؤسس “هواوي” رن تشنغفي. كما أكد كبار المسؤولين الصينيين مراراً عزمهم تسخير موارد الدولة بأكملها لتسريع تحقيق اختراقات في التقنيات المحلية.

ورغم ذلك، لا تزال الرقائق الصينية متأخرة عن نظيراتها من “إنفيديا” و”أدفانسد مايكرو ديفايسز” (Advanced Micro Devices ) اللتين تستفيدان من أكثر تقنيات تصنيع الشرائح تقدماً في العالم التي توفرها “تي إس إم سي” (TSMC). وأشار محللو “بيرنستاين” (Bernstein) إلى أن أداء رقاقة “أسيند 950” (Ascend 950) الجديدة لا يتجاوز 6% من أداء رقاقة “إنفيديا” المرتقبة “VR200”.

مع ذلك، تمكنت الشركات الصينية في السنوات الأخيرة من ابتكار حلول للتغلب على قيود القوة والأداء. فقد كشفت “هواوي” الخميس عن إمكانية تجميع ما يصل إلى مليون رقاقة ضمن عنقود واحد، في محاولة لسد الفجوة نظرياً مع منافسيها.

ولإنشاء ما يُعرف بـ”العنقود الفائق”، تعتزم “هواوي” رفع سرعات الاتصال والوصول إلى الذاكرة داخل الرقائق. وتؤكد الشركة أنها طوّرت بنية ذاكرة عالية النطاق الترددي من تصميمها الخاص، تعزز قدرة المعالج على نقل البيانات بين مكوناته، رغم القيود الأميركية التي قطعت صلات “هواوي” برواد صناعة الذاكرة مثل “إس كيه هاينكس ” (SK Hynix).

كما استعرضت “هواوي” يوم الخميس تقنيتها لربط عدة رقائق بسرعات فائقة لتبادل البيانات، وهي ميزة محورية تنبع من خبرتها الطويلة في مجال معدات الاتصالات لمشغلي الشبكات. وأعلن إريك شو أن شريحة “أسيند 970″، المقرر طرحها في 2028، ستتيح سرعة ربط بيني تصل إلى 4 تيرابت في الثانية، مقابل 1.8 تيرابت في الثانية فقط لدى “إنفيديا” حالياً.

فيما يلي أبرز ما جاء في مؤتمر “هواوي”:
 




هواوي مصممة على التفوق

الزمن سيكشف ما إذا كانت مزاعم “هواوي” ستثبت صحتها، وما إذا ستقدر قادرة على إنتاج تصاميمها الجديدة على نطاق واسع. فقد فاجأت الشركة عالم التكنولوجيا في 2023 بطرح شريحة بدقة 7 نانومتر لتشغيل هاتفها “ميت 60 برو”، لكنها لم تتمكن منذ ذلك الحين من تجاوز هذا المستوى التقني. كما لم يقدّم إريك شو يوم الخميس أي تفاصيل حول كيفية تصنيع الرقائق المقبلة، وهو ما قد يشكل عنق زجاجة حقيقياً.

في غضون ذلك، تهيمن “إنفيديا” على السوق لدرجة أن “إيه إم دي” (AMD ) و”إنتل” تراجعتا إلى مراكز متأخرة في سباق الذكاء الاصطناعي. وفي جانب آخر، تهيمن “إيه إس إم إل” (ASML Holding) على معدات إنتاج الرقائق المتطورة، بينما تتولى “تي إس إم سي”  تصنيع معظم المعالجات الأكثر تقدماً في العالم، لكنها محظورة فعلياً من التعامل مع عدد كبير من الشركات الصينية، من بينها “هواوي”، بموجب العقوبات الأميركية.

قال محللو “جيفريز” (Jefferies) بقيادة إديسون لي في مذكرة صدرت الخميس إن “رقائق هواوي الجديدة ما تزال موضع شك، إذ إن خطتها العام الماضي لطرح شريحة  Ascend 910D بتقنية 5 نانومتر لم تتحقق بسبب ضعف المردود”. وأضافوا أن نقص معدات تصنيع الرقائق المتقدمة يبقى العقبة الأكبر أمام الصين لتقليل اعتمادها على رقائق “إنفيديا”.

مع ذلك، لم يبد شو أي تردد، وإن لمح إلى استمرار الاختناقات التقنية. فقد شدد مراراً على أن “هواوي” تعتزم إزاحة “إنفيديا” من موقعها في القطاع.

وقال لوكالة “شينخوا” الرسمية الأسبوع الماضي “نعتقد أن الاعتماد على تقنيتَي ’سوبر بود‘ والعناقيد هو السبيل الوحيد لتجاوز القيود التي نواجهها في عمليات تصنيع الرقائق ، وضمان إمداد غير محدود من القدرات الحاسوبية لدعم تطور الذكاء الاصطناعي في بلادنا”.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف