
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن توقعات سوق العمل والتضخم تواجه مخاطر، مؤكداً وجهة نظره بأن صناع السياسات النقدية ربما يواجهون طريقاً صعباً في ظل محاولتهم دراسة المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.
باول قال يوم الثلاثاء، في تصريحاتٍ أُعدّت لفعاليةٍ في غرفة تجارة بروفيدنس الكبرى بولاية رود آيلاند: “تميل مخاطر التضخم على المدى القريب إلى الارتفاع، بينما تتجه مخاطر التوظيف إلى الانخفاض -وهو وضعٌ صعب”. وأضاف: “إن المخاطر المتناقضة تعني أنه لا يوجد طريقٌ خالٍ من المخاطر”.
ولم يقدّم باول أي تلميحات بشأن ما إذا كان سيدعم خفضاً إضافياً للفائدة في اجتماع “الفيدرالي” المقبل في أكتوبر.
باول: المخاطر التي تواجه سوق العمل كانت محور قرار خفض الفائدة
ملاحظات باول تكرر إلى حد كبير ما قاله في مؤتمر صحفي يوم 17 سبتمبر عقب خفض الفيدرالي سعر الفائدة المرجعي للمرة الأولى في 2025 إلى نطاق 4% و4.25%. ووصف باول الخطوة آنذاك بأنها “خفض لإدارة المخاطر” استجابة لمؤشرات متزايدة على ضعف سوق العمل.
تباطؤ سوق العمل الأميركية
تشير البيانات الأخيرة، إلى جانب مراجعات للأرقام السابقة، إلى تباطؤ حاد في خلق الوظائف، وهو ما يحاول المسؤولون تقييمه. وقد تعقّد هذا الوضع بسبب تراجع عرض العمالة في ظل تشديد الرئيس دونالد ترمب سياسات إنفاذ قوانين الهجرة.
تعديل بيانات سوق العمل الأميركية بخفض 911 ألف وظيفة
وقال باول: “هناك تباطؤ ملحوظ في كل من عرض العمالة والطلب عليها– وهو تطور غير معتاد وصعب. في سوق عمل أقل ديناميكية وأكثر ضعفاً إلى حد ما، ازدادت المخاطر الهبوطية على التوظيف”.
التركيز على التضخم
مع ذلك، واصل باول يوم الثلاثاء التأكيد على أن “الفيدرالي” يجب أن يبقى يقظاً لاحتمال أن تؤدي رسوم ترمب الجمركية إلى آثار تضخمية مستمرة.
وأوضح أن الزيادات في الرسوم الجمركية ستستغرق وقتاً لتنتقل عبر سلاسل الإمداد، ما يؤدي إلى ارتفاع غير متكرر في مستوى الأسعار يمكن أن يمتد على عدة أرباع. وأضاف أن أسعار السلع تقود تسارع التضخم.
وأضاف: “تشير البيانات والتقارير إلى أن تلك الزيادات في الأسعار تعكس في الغالب الرسوم الجمركية المرتفعة بدلاً من ضغوط سعرية أوسع”.
مسار الفائدة
التحديات الراهنة أمام صانعي السياسة النقدية تجلت في اتساع نطاق الآراء بين المسؤولين حول المسار الأمثل لأسعار الفائدة. ففي التوقعات الفصلية المحدّثة التي صدرت بعد اجتماع الأسبوع الماضي، أدرج المسؤولون خفضين إضافيين للفائدة بواقع ربع نقطة هذا العام، وفقاً لأوسط التقديرات.
لكن عدداً منهم توقع خفضاً إضافياً واحداً فقط أو عدم الحاجة إلى المزيد من خفض أسعار الفائدة في 2025. واستمر بعض صانعي السياسة النقدية في الدعوة لاتباع نهج حذر في خفض الفائدة، بالنظر إلى أن التضخم لا يزال فوق مستهدفه البالغ 2%.
أبرز الاستنتاجات من قرار الفيدرالي الأميركي خفض الفائدة
في المقابل، ركز آخرون بشكل أكبر على سوق العمل. وفي وقت سابق الثلاثاء، قالت عضو مجلس المحافظين ميشيل بومان إن على المسؤولين التحرك بحزم لخفض أسعار الفائدة مع ضعف سوق العمل، محذرة من أن صانعي السياسة النقدية قد يتأخرون عن الاستجابة. أما ستيفن ميران، أحدث الأعضاء المنضمين لمجلس المحافظين، فقد تبنى موقفاً مخالفاً بالدعوة إلى خفض حاد للفائدة خلال ما تبقى من العام.
يُذكر أن ترمب، الذي عيّن بومان وميران في مجلس “الفيدرالي”، مارس ضغوطاً كبيرة على جيروم باول والبنك المركزي لخفض الفائدة بشكل حاد. كما تحرك الرئيس لعزل عضو مجلس المحافظين ليزا كوك، في خطوة غير مسبوقة تمهد لحكم مهم من المحكمة العليا، له تداعيات على قدرة البنك المركزي في وضع السياسة النقدية بعيداً عن التأثيرات السياسية.
وقال باول يوم الثلاثاء إن أزمتي 2008-2009 والوباء “خلّفتا ندوباً ستبقى معنا لفترة طويلة”.
وأضاف: “في الديمقراطيات حول العالم، تم تحدي ثقة الجمهور في المؤسسات الاقتصادية والسياسية. نحن الذين نخدم في القطاع العام حالياً بحاجة للتركيز بشكل مكثف على أداء مهامنا الأساسية بأفضل ما نستطيع وسط بحار عاصفة ورياح متقاطعة قوية”.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج