لماذا لسعر النفط عند 53 دولاراً معنى مختلف في العراق؟

لماذا لسعر النفط عند 53 دولاراً معنى مختلف في العراق؟

هل تتسارع وتيرة انزلاق العراق نحو أزمة؟ إن ثالث أكبر مصدّر للنفط في العالم يضخ حالياً كميات تفوق حصته المحددة باتفاق “أوبك+”، بموازاة إعادة فتح خطوط الأنابيب الشمالية (في كردستان العراق) بعد توقف دام عامين. هذه الزيادة في الإنتاج تغذي تخمة المعروض، بما يهدد بهبوط الأسعار إلى حوالي 53 دولاراً، وهو المستوى الذي يحتاجه العراق لدفع الرواتب والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

لماذا يُعتبر سعر 53 دولاراً للنفط هو الخط الفاصل بين الهدوء والفوضى؟

لدى العراق التزامات إنفاق متعددة، لكن بنداً واحداً يتفوّق على سواه: رواتب الموظفين الحكوميين ومعاشات التقاعد. وبحسب المستشار الحكومي المخضرم مضر صالح: “ستدفع الحكومة الرواتب ولو كلّف الأمر كل شيء. الرواتب مقدّسة في العراق”. في عام 2025، تُقدّر هذه الالتزامات “المقدّسة” بنحو 64 مليار دولار.

يهيمن النفط على صادرات البلاد وعائدات الدولة بقدر كبير، إذ يصدّر العراق حوالي 3.5 مليون برميل يومياً. وعند سعر 70 دولاراً للبرميل، تجني بغداد 89 مليار دولار، وهو مبلغ يكفي لتغطية رواتب موظفي القطاع العام. أما الانخفاض إلى 50 دولاراً، فيعني انكماش الإيرادات إلى 64 مليار دولار، وهذا بالكاد يغطي الأجور والمعاشات التقاعدية.

أسعار النفط تتراجع وسط ترقب لاجتماع “أوبك+” والطلب الأميركي

يبيع العراق نفطه عادةً بخصم مقارنةً بسعر خام برنت، وهو المعيار العالمي. بين عامي 2021 و2023، بلغ متوسط ​​هذا الخصم حوالي 3 دولارات للبرميل، ما يعني أنه إذا احتاجت بغداد إلى 50 دولاراً لاستمراريتها المالية، فيجب أن يكون سعر خام برنت عند 53 دولاراً.

نفياً للخطأ، إن هذا التقدير تقريبي ولا يشمل كل التفاصيل المالية المعقّدة، إلا أن العوامل المؤثرة عليه تميل إلى التوازن. فالعراق لا يحتفظ بكامل عائدات النفط، إذ تذهب حصة منها إلى الشركات الدولية، في حين يمكن للصادرات غير النفطية أو زيادة الإنتاج في إطار “أوبك+” أن تعوّض جزئياً هذا النقص.

لكن طالما بقيت هذه العوامل محدودة الأثر، فإن تقدير سعر التعادل عند 53 دولاراً يبدو قريباً من الواقع. وهنا يواجه العراق مفترق طرق عسيراً: إما خفض فاتورة الرواتب في عام انتخابي، أو إقناع “أوبك+” بتقليص المعروض رغم استمرار تجاوزه الحصص.. يبقى الأمل الوحيد معقوداً على تعطّل الإنتاج في دول أخرى، لتفادي انهيار الأسعار إلى ما دون مستوى الصمود الاقتصادي للعراق.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف