مغادرة أعضاء مجلس الشيوخ واشنطن تفاقم إغلاق الحكومة الأميركية

مغادرة أعضاء مجلس الشيوخ واشنطن تفاقم إغلاق الحكومة الأميركية

رفض الديمقراطيون في مجلس الشيوخ أمس مشروع قانون للإنفاق قدمه الجمهوريون، في تصويت سيؤدي على الأرجح إلى استمرار إغلاق الحكومة الأميركية خلال الأيام المقبلة، بينما يصر الحزب على موقفه في مواجهة تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفصل آلاف الموظفين الفيدراليين والانتقام سياسياً.

مع تمسك الجانبين بمواقفهما في مواجهة مأزق يرفع احتمالات فترات توقف طويلة عن العمل وتعطل ممتد للخدمات الحكومية، غادر أعضاء مجلس الشيوخ واشنطن لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. في الجهة المقابلة من مبنى الكابيتول، أشار رئيس مجلس النواب مايك جونسون إلى أن النواب، الذين يتواجدون في مقاطعاتهم، قد لا يعودون الأسبوع المقبل كما كان مخططاً إذا استمر الجمود في مجلس الشيوخ.

أول إغلاق منذ 7 سنوات 

يواصل قادة الحزبين التمسك بخطاباتهم المكررة، فيما يدخل أول إغلاق حكومي منذ ما يقرب من 7 سنوات يومه الثالث. شهد أمس الرفض للمرة الرابعة من الديمقراطيين لمشروع قانون مؤقت لإعادة فتح الحكومة حتى 21 نوفمبر من دون شروط. بدورهم، عرقل الجمهوريون بديلاً قدمه الديمقراطيون يتضمن إنفاقاً إضافياً بقيمة 1.5 تريليون دولار، معظمها على الرعاية الصحية.

اقرأ المزيد: استمرار الإغلاق الحكومي.. “الشيوخ” يفشل في تمرير مشروعي قانون لتمويل مؤقت

يمثل هذا الموقف تحولاً للديمقراطيين، الذين خضعوا في مارس لمطالب ترمب وسط مخاوف من أن الرئيس الجديد كان قوياً وشعبياً إلى حد لا يسمح بمواجهته. لكن الحزب يراهن الآن على أن جهودهم لحماية إعانات أقساط التأمين الصحي في برنامج “أوباما كير” والتراجع عن تخفيضات برنامج “ميديكيد” ستلقى صدى لدى الناخبين، وأن المواجهة تستحق تحمل أسلوب ترمب القاسي.

قال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز للصحفيين أمس الأول: “السلوك الانتقامي من ترمب وأتباعه الجمهوريين في إطار هذا الإغلاق لا يؤدي سوى إلى إبراز قسوة هذه الإدارة”.

تهديدات ترمب

تلاشت بوادر أمل ظهرت في وقت سابق من الأسبوع بوجود اتفاق محتمل، إذ إن تهديدات ترمب لم تفعل سوى تأجيج السجالات الحزبية وتشجيع الديمقراطيين. خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع قادة الكونغرس الأميركي الاثنين الماضي، قال جيفريز إن ترمب كان ودوداً، وخاطبه باسمه الأول، وأبدى دعماً لإصلاح نظام الرعاية الصحية الأميركي الذي اتفق على أنه “معطل”.

لكن بعد ساعات قليلة، قال جيفريز إنه أصيب بالذهول عندما نشر ترمب مقطع فيديو زائفاً بتقنية الذكاء الاصطناعي يصوره وهو يرتدي قبعة “سومبريرو”. ووصف جيفريز الفيديو بأنه “عنصري”، لكنه أقر بعدم إمكانية تجنب التفاوض مع الرئيس الأميركي.

أوضح جيفريز: “هل كنت أفضل التفاوض مع رئيس جمهوري تقليدي أكثر؟ الجواب نعم، لكن هذه ليست هي الحقيقة التي نواجهها”.

عواقب استمرار الإغلاق

فيما يخيم تهديد فصل الموظفين الفيدراليين على واشنطن، حذر الجمهوريون من أن عواقب استمرار الإغلاق لن تتوقف عن التفاقم.

قال جونسون: “إذا أبقوا الحكومة مغلقة فسوف تصبح المعاناة أكبر وأكبر. أضاف أن أي محادثات بشأن إعانات “أوباما كير” لا يمكن أن تتم إلا بعد أن يصوت الديمقراطيون لإعادة فتح الحكومة.

ما الذي يحدث عند إغلاق الحكومة الأميركية؟

قدم جونسون أمس بادرة حسن نية للديمقراطيين، وقال إن المشرعين يمكنهم “بالتأكيد” العمل معاً على صفقة محتملة بشأن “أوباما كير” في أكتوبر الجاري إذا أعيد فتح الحكومة. لكن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثيون أضاف فوراً أنه لا يستطيع تقديم أي “وعود” باتخاذ إجراء، لأنه لا يعرف ما إذا كان تمديد الإعانات سيجري تمريره.

يجادل قادة الديمقراطيين بأن ترمب ومدير مكتب الموازنة في البيت الأبيض راسل فوت خططوا بالفعل لمحاولة تقويض الوكالات الفيدرالية وإجراء عمليات فصل جماعية سواء وقع الإغلاق أم لم يقع.

قالت رئيسة لجنة الإنفاق في مجلس الشيوخ باتي موراي للصحفيين أمس الأول إن أي عمليات تسريح للموظفين خلال فترة الإغلاق سيتم الطعن فيها بالتأكيد أمام القضاء. أشارت موراي وديمقراطيون آخرون إلى قوانين الاعتمادات، التي يقولون إنها تمنع الحكومة من إنفاق الأموال خلال الإغلاق على أنشطة مثل الإعداد لتقليص القوى العاملة ودفع تعويضات نهاية الخدمة للموظفين المسرحين.

قالت موراي: “الإغلاق لا يمنح الرئيس أي قدرة إضافية على فصل الموظفين”.

تهديد الوظائف الأميركية

كما يشير الديمقراطيون إلى تعهد فوت بتجميد 20 مليار دولار من تمويل البنية التحتية في نيويورك وشيكاغو و8 مليارات دولار من مشاريع الطاقة النظيفة في الولايات الديمقراطية، معتبرين أن ذلك يهدد الوظائف الأميركية ويرفع أسعار خدمات المرافق — وهو سجل يقولون إنه لن يخدم الجمهوريين جيداً في انتخابات منتصف الولاية لعام 2026.

تباطؤ متوقع لنمو الوظائف الأميركية قبيل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي

ساعدت هذه الحجج في تأكيد معارضة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، إذ يحتاج الجمهوريون إلى خمسة أصوات إضافية على الأقل من الديمقراطيين لتجاوز عرقلة مشروع قانون الإنفاق. أيد بالفعل 3 من أعضاء الكتلة الديمقراطية التشريع.

قال عدد من الجمهوريين البارزين في مجلس الشيوخ أمس إنهم كانوا متفائلين في محادثات غير رسمية ثنائية بين الحزبين، لكن تقدم محدود انهار بحلول فترة بعد الظهر.

صرح السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث داكوتا مايك راوندز، الذي قال إنه يريد تسوية بشأن إعانات الرعاية الصحية، بأنه يخشى أن يصبح الإغلاق أصعب على الحل عندما يعود مجلس النواب للانعقاد ويضيف المشرعون الغاضبون مزيداً من اللوم المتبادل.

تابع راوندز: “ستكون هناك فقط مزيد من الوقود للنار”.

جهود منع الإغلاق الحكومي

أكثر الأهداف المحتملة للجمهوريين هم الديمقراطيون المعتدلون الذين صوتوا في مارس الماضي لصالح منع إغلاق الحكومة، وأولئك في الولايات المتأرجحة. تشمل القائمة جين شاهين وماجي حسن من ولاية نيوهامبشر وغاري بيترز من ولاية ميشيغان وجميعهم صوتوا لتمويل الحكومة قبل 6 أشهر.

يُنظر إلى مارك وارنر وتيم كين من فيرجينيا على أنهما حريصان على إنهاء الإغلاق الحكومي نظراً لعدد الموظفين الفيدراليين في ولايتهم. ومن بين أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين في الولايات المتأرجحة الذين يراهم الجمهوريون كأصوات محتملة قابلة للتغيير روبن غاليغو ومارك كيلي من ولاية أريزونا وجاكي روزن من ولاية نيفادا وإليسا سلوتكين من ولاية ميشيغان.

الإدارة الأميركية تمهد لطرد جماعي لموظفين خلال الإغلاق الحكومي

شارك العديد من هؤلاء الأعضاء في محادثات غير رسمية مع الجمهوريين، لكن انعدام الثقة في الرئيس هائل، ويقول الديمقراطيون إنهم لن يقبلوا ما يعتبرونه وعوداً فارغة من الجمهوريين. يرى الديمقراطيون أن الإنفاق الحكومي هو أقوى أوراق ضغط لديهم، والطريقة الوحيدة للحصول على أي شيء يتعلق بإعانات “أوباما كير” من خلال مجلس النواب، إذ يعارض جونسون تمديد هذه الإعانات.

قالت السيناتورة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا إيمي كلوبوشار قبل التصويت أمس: “نحن جميعاً نصمد هنا لحماية الرعاية الصحية للشعب”.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف