المتضرر الأكبر.. لماذا لم يعد محمد صلاح “مخيفا” لخصوم ليفربول؟

لم يعد اسم محمد صلاح يثير الرعب في نفوس المدافعين، كما كان يفعل قبل عام واحد فقط، ما تسبب بموجة غضب كبيرة من جماهير الريد تجاه نجمهم الأول.
السؤال الذي يتردد في أوساط الجماهير هو ما الذي يحدث للملك المصري؟ وهل بدأت السنوات تفرض أثرها في هداف ليفربول التاريخي؟
الواقع يقول إن الإجابة ليست بسيطة، صلاح الذي بلغ عامه الثالث والثلاثين، لا يزال يتمتع بلياقة بدنية استثنائية، لكنه يمر بمرحلة تراجع نسبي في التأثير، جعلت خصومه أكثر جرأة في مواجهته.
تراجع مفاجئ بعد موسم استثنائي
في الموسم الماضي، صنع صلاح التاريخ بتسجيله أو صناعته لـ47 هدفًا قاد بها ليفربول إلى لقب الدوري الإنجليزي في واحد من أعظم المواسم الفردية في تاريخ البريميرليغ.
وقتها، كان تسجيل أو صناعة هدف من صلاح أمرًا شبه حتمي، وطالبت جماهير ليفربول الإدارة بمنحه شيكًا مفتوحًا لتجديد عقده دون شروط، لكن منذ توقيعه على العقد الجديد في 11 أبريل الماضي، بدأ المنحنى في الانحدار.
صلاح سجل هدفين فقط في آخر 8 مباريات من الدوري الماضي، بمعدل 0.25 هدف في المباراة، مقارنة بـ0.9 هدف قبل التجديد، لتشهد الأرقام بأن شيئًا تغيّر بالفعل.
الأسوأ أن بداية الموسم الحالي لم تبدد المخاوف، فقد سجل 3 أهداف وصنع مثلها في 10 مباريات بكل البطولات، وهي حصيلة جيدة لأي لاعب آخر، لكنها لا تليق بمعاييره الخاصة.
تأثير رحيل ألكسندر أرنولد
أحد أبرز العوامل التي أضعفت فاعلية صلاح هو رحيل زميله التاريخي ترينت ألكسندر أرنولد إلى ريال مدريد، ولسنوات عدة شكل الثنائي أخطر شراكة هجومية في إنجلترا، حيث كانا يعرفان تحركات بعضهما دون حتى النظر.
اليوم، يلعب صلاح إلى جوار ظهيرين مختلفين تمامًا كونور برادلي أو جيريمي فريمبونغ، وكلاهما يعتمد على الانطلاق العرضي أكثر من الاختراق نحو العمق كما كان يفعل أرنولد، والنتيجة أن المساحات التي كان يجدها صلاح أصبحت أضيق.
إضافة إلى ذلك، فإن تمركزات صانع الألعاب الجديد فلوريان فيرتز، والمهاجمين ألكسندر إيزاك وهوغو إكيتكي، جعلت من منطقة صلاح المفضلة مزدحمة أكثر من اللازم.
النجم المصري اعتاد اللعب خلف مهاجم متأخر مثل فيرمينو أو جوتا، أما الآن فيجد نفسه مضطرًا للتكيف مع مهاجمين تقليديين لا يشاركونه المساحات ذاتها.
واين روني يتنقد صلاح
بعد الخسارة أمام تشيلسي، انتقد واين روني أسطورة مانشستر يونايتد أداء صلاح قائلاً: “عندما تسير الأمور جيدًا ويتألق الفريق، الجميع يتقبل أن صلاح لا يدافع كثيرًا، لكن في المباراة الأخيرة كان ظهيره يتعرض للضغط وهو يكتفي بالمشاهدة. لا أرى الجهد الذي اعتدناه منه”.
لكن هذه التصريحات تغفل جوهر القضية، فصلاح ومدربه آرني سلوت اتفقا منذ بداية الموسم على أن يُعفى من الأدوار الدفاعية مقابل التركيز الكامل على الهجوم.
وكان الاتفاق ناجحًا في السابق، لأن وجوده الدائم قرب خط المنتصف منح ليفربول أفضلية هجومية ساحقة.
الفرق الآن أصبحت أكثر جرأة في استغلال ذلك، فقد طلب مدرب تشيلسي إنزو ماريسكا من مارك كوكوريّا التقدم وترك صلاح خلفه، وهو ما أدى مباشرة إلى هدف الفوز القاتل الذي صنعه الإسباني في الدقيقة 95 لمصلحة إستيفاو ويليان.
نهاية “رهبة صلاح” أمام المرمى
قبل عام، كان أي انفراد لصلاح يعني هدفًا شبه مؤكد، والجماهير كانت تهمس في المدرجات: “هدف”، قبل أن تسكن الكرة الشباك. هذا الموسم، الصورة مغايرة تمامًا.
في ستامفورد بريدج السبت الماضي، أضاع صلاح 3 فرص محققة بالطريقة نفسها التي اشتهر بها، يقطع إلى الداخل ويسدد بيسراه، لكن تسديداته ذهبت بعيدًا عن المرمى.
هذه ليست مجرد سوء حظ، بل إشارة إلى اهتزاز الثقة.
ليفربول فاز في 7 من أصل 10 مباريات هذا الموسم، وهو رقم لا يستدعي الذعر، لكن الثلاث مباريات الأخيرة انتهت كلها بالهزيمة، لتكشف عن خلل جماعي لا يقتصر على صلاح وحده.
أزمة جماعية داخل ليفربول
صلاح جزء من منظومة تعاني خللاً واضحًا. الدفاع مهتز، الصفقات الجديدة لم تقدم المردود المتوقع، ورحيل ألكسندر أرنولد ترك ثغرة كبيرة، ووسط الملعب الذي كان مصدر قوة الفريق أصبح هشًا، وبناء الهجمات صار أبطأ وأكثر تعقيدًا.
إنفاق النادي 446 مليون جنيه إسترليني هذا الصيف غيّر نصف التشكيلة الأساسية تقريبًا، وأدخل الفريق في مرحلة انتقالية مليئة بالمشاكل التكتيكية.
خصوم ليفربول مثل أندوني إرايولا (بورنموث) وأوليفر جلاسنر (كريستال بالاس) استغلوا جميعًا المساحة التي يتركها صلاح خلفه في الجهة اليمنى، ونجحوا في تحويلها إلى مصدر ضغط فعال.
هل يجب أن يدافع صلاح أكثر؟
سؤال يطرحه البعض الآن هل على سلوت أن يُجبر صلاح على أداء أدوار دفاعية أكبر؟ من يعرف فلسفة المدرب الهولندي يدرك أنه لن يفعل ذلك.. سلوت يفضل المخاطرة من أجل الفوز، حتى لو كان الثمن تلقي الأهداف.
في الموسم الماضي، كانت هذه الجرأة سببًا في واحدة من أفضل المواسم للريدز في تاريخ الدوري الإنجليزي.
أما التراجع الحالي لا يعني فشل المنظومة، لكنه يفرض على صلاح والمدرب إعادة التوازن بين الحرية الهجومية والانضباط التكتيكي.
الملك المصري يبحث عن استعادة هيبته
رغم كل شيء، صلاح لا يبدو مستسلماً، فقد عاد إلى التدريبات في اليوم التالي مباشرة، محتفظًا بعادته في الالتزام الصارم بنظامه البدني والغذائي، ويستعد الآن للمشاركة مع منتخب مصر في تصفيات كأس العالم أمام جيبوتي وغينيا بيساو.
سجل صلاح 7 أهداف في التصفيات حتى الآن، بينها أربعة في مرمى جيبوتي ذهابًا، وهذه المباريات قد تمثل فرصة ذهبية لاستعادة الثقة والعودة إلى التسجيل.
قائد الفراعنة الذي يملك 61 هدفًا دوليًا في 107 مباريات يدرك أنه بحاجة لاستعادة حساسيته التهديفية قبل عودته إلى إنجلترا، لأن ليفربول يحتاجه أكثر من أي وقت مضى، كما يسعى النجم المصري لاستعادة مكانته كأكثر لاعبي البريميرليغ هيبة.
نقلاً عن: إرم نيوز