“S&P”: نموذج التمويل يقود طفرة بطاريات تخزين الطاقة في الخليج

يُشكّل نموذج التمويل الركيزة الأساسية لتوسع أنظمة بطاريات تخزين الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصةً السعودية والإمارات، إذ يعتمد على “تمويل المشاريع” (Project Financing) اعتماداً على إيرادات المشروع نفسه التي تكون -عادة- مضمونة بعقود شراء من كيانات مرتبطة بالحكومات، وهو ما يوفر نموذجاً مالياً مرناً يضمن تدفقات نقدية مستقرة ويعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، حسبما رأت “إس آند بي” في تقرير.
يعتمد هذا النموذج على التدفقات النقدية الخاصة بالمشروع ذاته، بعيداً عن الملاءة المالية للشركات المالكة، ما يمنح المقرضين والمستثمرين رؤية واضحة حول عائداتهم المستقبلية.
وتشير الوكالة في تقريرها إلى أن العقود طويلة الأجل التي تربط المطورين بالجهات الحكومية أو المشترين الرئيسيين للطاقة تشكل العمود الفقري لهذا النموذج الشائع في قطاعات البنية التحتية بدول الخليج، إذ إن وجود كيانات مدعومة من الدولة كمشترٍ مضمون للطاقة يعزز استقرار الإيرادات ويقلّل من المخاطر الائتمانية.
رغم أن البطاريات لا تنتج الكهرباء ذاتياً، إلا أنها تقدم مزايا عديدة مقارنة بألواح الطاقة المتجددة أو محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز، وهي الأساليب التقليدية التي تعتمدها شركات المرافق لإنتاج الكهرباء. مثلاً، يمكن إنشاء مزارع البطاريات في أي مكان تقريباً، ونادراً ما يعترض السكان على وجودها قرب منازلهم.
تساعد البطاريات أيضاً على معالجة مشكلة تواجهها الطاقة المتجددة. فغالباً ما تنتج معامل الطاقة الشمسية كمية كهرباء خلال النهار أكثر ممّا تحتاجه، بينما يتزايد الاستهلاك خلال المساء.
استثمارات ضخمة
ذكر التقرير أن دول الخليج تُعدّ من الأسواق الأكثر ديناميكية عالمياً في تبنّي مشاريع بطاريات تخزين الطاقة على مستوى عالمي، إذ تتصدر السعودية المشهد الإقليمي باستهدافها الوصول إلى سعة 48 غيغاواط/ساعة من الطاقة المخزنة بالبطاريات بحلول عام 2030، ضمن خططها لتحقيق مزيج طاقة متوازن يعتمد على مصادر متجددة، كما تشهد مشاريع ضخمة أخرى مراحل متقدمة من التنفيذ في تبوك وحائل والرياض والجوف ورابغ.
في المقابل، تمضي الإمارات في تنفيذ أكبر مشروع دمج للطاقة الشمسية والتخزين في العالم بقدرة 5.2 غيغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية و19 غيغاواط/ساعة من أنظمة التخزين، بهدف توفير إمدادات كهربائية نظيفة على مدار الساعة.
تضخ السعودية استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة النظيفة، جنباً إلى جنب مع التوسع في مشاريع الطاقة التقليدية، ساعيةً لتحقيق مستهدفها بتوليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.
في يناير، أطلقت “أبوظبي لطاقة المستقبل” (مصدر) مشروعاً جديداً لإنتاج الكهرباء بدون انقطاع عبر المصادر المتجددة، بقيمة 6 مليارات دولار، متجاوزة بذلك عقبة التخزين التي كانت تحول دون الاعتماد على هذه المصادر بصورة أساسية.
كما بدأت عُمان وقطر والبحرين خطواتها الأولى نحو تطوير قدرات تخزين الطاقة المتصلة بالشبكات، ما يعكس توسع الزخم الإقليمي في هذا القطاع الحيوي، وفق التقرير.
تواجه شبكات الطاقة حول العالم تحدياً كبيراً في توفير كميات هائلة من البطاريات لتخزين الفائض من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ليُتاح استخدامها على مدار الساعة.
تراجع تكاليف البطاريات عالمياً
يستفيد هذا النموذج من تراجع تكاليف البطاريات عالمياً، ما يجعل الاستثمار في مشاريع التخزين أكثر جدوى على المدى الطويل. كما ساعدت الشراكات بين القطاعين العام والخاص على جذب التمويل من البنوك المحلية والدولية ذات الخبرة في البنية التحتية، لتصبح هذه المشاريع جزءاً من منظومة استثمارية مستدامة في المنطقة.
تراجعت أسعار بطاريات أيونات الليثيوم بأكثر من 80% خلال العقد الماضي بفضل التصنيع واسع النطاق والتطور التقني، ما جعل التخزين الكهربائي أكثر تنافسية مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية. وأظهرت المناقصات الأخيرة في السعودية انخفاض الأسعار إلى نحو 72 دولاراً لكل كيلوواط ساعة مقابل متوسط عالمي يبلغ 165 دولاراً، وهو ما يكرّس موقع المنطقة كمركز ناشئ لتقنيات التخزين المتقدمة.
ساهمت الظروف الجغرافية والسياسات الحكومية السعودية في أن تصبح كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة، أقل من الوقود الأحفوري، وأن تصبح من الأدنى عالمياً، حسبما ذكر الرئيس التنفيذي لـ”الشركة السعودية لشراء الطاقة” مازن البهكلي في مقابلة مع الشرق في وقت سابق.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج