لا ينسيكم بريق الذهب مخاطر الاستثمار فيه

لا ينسيكم بريق الذهب مخاطر الاستثمار فيه

يذكّرنا الارتفاع المذهل في أسعار الذهب بمدى بدائيتنا معشر البشر، وخاصةً من نسميهم التجار النشطين. لكن هذا الارتفاع يجب أن يذكرنا أيضاً بأهمية استعمال الأجزاء الأكثر تطوراً من أدمغتنا.

تذكروا أنه لا يوجد سبب منطقي يجعل الذهب، الذي ارتفع بنسبة 50% هذا العام ووصل تقريباً إلى 4000 دولار للأونصة يوم الإثنين، ذا قيمة جوهرية.

يميل سعره إلى الارتفاع عندما يبدو العالم متقلباً- فهو يُفترض أنه “ملاذ آمن” كبديل للدولار. لكن لماذا يتمتع الذهب بهذه المكانة؟ يمكن استخدام الدولار لشراء الأشياء، وتتيح سوق الأسهم التملك في شركات مُربحة. أما السندات فتَعِد بتدفقات مدفوعات. لكن ما الذي يقدمه الذهب؟

الذهب يتراجع والدولار يرتفع وسط ضبابية سياسية في واشنطن وباريس

للذهب بعض الاستخدامات الصناعية، لكن يبدو أن جاذبيته تكمن في بريقه وندرته. عندما تكون الأوقات غير مستقرة، تجد الأجزاء الأكثر بدائية من أدمغتنا هذه الصفات مُقنعة.

علينا مقاومة هذا الدافع. لا يوجد ما يضمن أمان الذهب كأصل. فمثل أي سلعة أخرى، أسعاره متقلبة جداً، وكل ما يضيفه إلى محفظتك الاستثمارية هو المخاطرة.

للإنصاف، يلجأ المستثمرون أيضاً إلى الذهب نظراً لتاريخه الطويل كعملة. فعندما يبدو أن التجربة الاقتصادية الحديثة العظيمة بمكوناتها من أسواق وديون آمنة وعملات ورقية قد تفشل، أو تصبح معقدة بعض الشيء، يميل المستثمرون بطبيعتهم إلى اللجوء إلى مخزن القيمة الأصلي وهو الذهب.

أداء جيد على مدى عقود

مؤكد أن الذهب حقق أداءً جيداً على مدى العقود الستة الماضية تقريباً، حتى بالمقارنة مع مؤشر ”ستاندرد آند بورز 500“ وخاصة بالمقارنة مع سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات. لكن لا شيء فيه خالٍ من المخاطر. فسعره متقلب جداً، وقد حصل المستثمرون على عوائد جيدة لأنهم تحمّلوا تلك المخاطرة.

لا يوفر الذهب حتى تحوطاً ثابتاً. صحيحٌ أن أداء الذهب في بعض الأسواق قد يتفوق على أداء الأسهم، وأحياناً يرتبط بها سلباً. لكن هذا لا يعني أنه أصلٌ أكثر استقراراً. فإذا تغيّرت الأسواق، لا ضمانة لاحتفاظ الذهب بقيمته. خلال بعض أسوأ فترات الأزمة المالية عام 2008، انخفض سعر الذهب بنسبة 6%.

لماذا يتدافع المستثمرون نحو الذهب وبتكوين؟

كما يحبّ المستثمرون أن يقولوا، ربما، هذه المرة مختلفة. في نهاية المطاف، هناك أسباب وجيهة للقلق بشأن الأسواق في الوقت الحالي. على عكس عام 2008، يشكل التضخم مصدر قلقٍ بالغ في الولايات المتحدة: فهناك مؤشرات على احتمال ارتفاعه في الوقت الذي بدأ فيه الاحتياطي الفيدرالي دورةً من خفض أسعار الفائدة. وهذا قد يزيد التضخم سوءاً.

المخاطر موجودة بوضوح لكن الذهب ليس استثناءً

نظراً لهذه المخاوف المتجددة بشأن التضخم والالتزام الحزبي بمستقبل يشي بديون مرتفعة لأميركا، فإن آفاق السندات بعيدةٌ كل البعد عن أن تكون خاليةً من المخاطر. صحيح أنه على مدار العقود الستة الماضية، لم يتفوق أي شيءٍ على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات (باستثناء السندات قصيرة الأجل) بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن عائدٍ مستقرٍ ومؤكد. لكن ربما لن يستمر هذا الوضع طويلاً. في هذه الأثناء، تبدو سوق الأسهم أيضاً في حالة من التذبذب، حيث يتوقع المستثمرون، وحتى رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أن الأسهم باهظة الثمن وأن التصحيح قادم. ولا داعي للحديث عن العملات المشفرة.

لكن مجدداً، لا شيء من هذا يجعل الذهب بديلاً منخفض المخاطر.

الاستثمار في الذهب مقبول إذا كنت تستمتع بالمضاربة وتعتقد أنه سيرتفع أكثر. ولكن عندما تكون الحجة “هذا أصل منخفض المخاطر ويتفوق على السوق أيضاً”، فهذا يجعلني أتشكك. إن كلا الأمرين غير صحيح. وأي مستثمر يعتقد ذلك، سيُصاب بخيبة أمل بالتأكيد.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف