علياء المنذر.. المطربة اللبنانية المغمورة التي صنعت فريد الأطرش

تمر هذه الأيام ذكرى مرور 115 عامًا على ولادة الفنان الراحل فريد الأطرش الذي تخفي شهرته الكبيرة خلفها جهود المحيطين به، الذين أدوا أدوارًا مختلفة في بروز المغني والملحن والمؤلف والممثل السينمائي البارز في العالم العربي، بمن فيهم والدته علياء المنذر.
إذ قلما تُذكر سيرة تلك المطربة اللبنانية التي أسهم امتهانها للفن والغناء في بدايات القرن الماضي بكل ما في تلك الخطوة من صعوبات اجتماعية، في تربية الموسيقار فريد الأطرش ضمن بيئة فنية.

كما أن قرابة 15 كتابا تتناول تجربة فريد الأطرش الفنية، قلما تتحدث عن دور والدته التي غنت في لبنان وسوريا قبل استقرارها في مصر، فقد باتت مطربة محترفة يدر عليها عملها دخلاً مادياً شأن كبار مغنيات النصف الأول من القرن الماضي.
وولدت علياء سلمان المنذر عام 1985، في لبنان، إبان حكم الدولة العثمانية للمنطقة، قبل أن تتزوج عام 1909 في سوريا بفهد الأطرش الذي ينتمي لعائلة عريقة من السويداء في جنوبي البلاد.
وأثمر ذلك الزواج عن ثلاثة أولاد وابنتين: أنور، فؤاد، وداد، آمال التي ستصبح فيما بعد المغنية أسمهان، بالإضافة لفريد الذي ولد يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر عام 1910.
وأتقنت علياء في بداية شبابها غناء فن الميجانا والعتابا الذي ينتشر في سوريا ولبنان منذ القدم، معتمدةً على صوتها المميز والجميل بنظر كل من كان يسمعها ويشجعها على الاستمرار، لكن تجربة الزواج وإنجاب الأولاد منعتها من مواصلة السير في حلم الغناء.
وفي العام 1925، قررت السفر مع أولادها نحو مصر هرباً من مضايقة السلطات الفرنسية التي كانت تحتل سوريا يومها، بسبب انتماء زوجها لعائلة معروفة بمقاومة الفرنسيين.
وعاشت علياء في القاهرة ممتهنة صنعة الخياطة في بداية استقرارها هناك، واستطاعت تأمين حياة أطفالها في عاصمة الفن والثقافة آنذاك قبل أن تتمكن من دخول عالم الغناء وتصبح مطربة في عدد من مطاعم وصالات القاهرة.
وخلال تلك التجربة الفنية والصعوبات التي أحاطت بصاحبتها، استطاعت علياء تأمين دراسة ابنها فريد، لا بل ودراسته للموسيقى التي ستجعل منه فيما بعد أحد أبز عازفي العود والملحنين في عصره.
ورغم قلة المعلومات عن حياة علياء، فإن ما عُرف عنها هو علاقتها بالوسط الفني من ملحنين ومغنين كانت ترتبط بهم بعلاقات عائلية جعلت من بيتها بيئة فنية تربى فيها فريد الأطرش وشقيقته أسماء.
وتوفيت علياء عام 1968 في لبنان الذي عادت إليه في آخر سنوات عمرها، بعد أن شهدت نجاح ابنها فريد في مصر، الذي صار أحد أبرز نجوم الفن في عصره، وابنتها أسمهان التي رحلت مبكراً عام 1944 عن عمر 32 عاماً كانت كافية لها لتكون نجمة في زمانها أيضاً.
وتتوفر تسجيلات محدودة للفنانة الراحلة علياء المنذر في منصات الموسيقى المعاصرة، بعد أن طغت شهرة ابنها فريد الأطرش على العائلة برصيد كبير من الأغاني التي أداها أو لحنها لنفسه ولفنانين بارزين آخرين، بجانب بطولاته في عشرات الأفلام السينمائية التي كتب أو أنتج بعضها حتى وفاته عام 1974.
نقلاً عن: إرم نيوز