توترات التجارة توجه ضربة لمؤشرات وول ستريت مع انطلاق موسم الأرباح

تجددت التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ما وجّه ضربة جديدة إلى “وول ستريت” يوم الثلاثاء، وأدى إلى تراجع الأسهم والعملات المشفرة والنفط، فيما تعزز الطلب على الملاذات الآمنة من العملات إلى الذهب.
بعد تعافٍ مؤقت، تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه قد يوقف تجارة زيت الطهي مع الصين، ما ضخ جرعة جديدة من التوتر في العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم. وجاءت تصريحاته أيضاً بعد أن فرضت بكين عقوبات على وحدات أميركية تابعة لعملاق شحن كوري جنوبي، ما صعّد النزاع حول الهيمنة البحرية.
وقال مات مالي من شركة “ميلر تاباك”: “بما أن مسألة الرسوم والتجارة هي القضية التي تسببت بالمشكلات لسوق الأسهم هذا العام، فسيراقب الجميع تطوراتها عن كثب”.
رغم تراجع المؤشر الأميركي الرئيسي، ارتفعت أسهم شركات تجارة المحاصيل مثل “آرتشر-دانييلز-ميدلاند” و”بانج غلوبال” (Bunge Global SA)، وقفز مؤشر البنوك الكبرى بعد نتائج قوية من المؤسسات المالية العملاقة، والتي افتتحت عملياً موسم إعلان الأرباح.
في وقت سابق من الجلسة، ارتفعت الأسهم بعدما عززت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الرهانات على خفض أسعار الفائدة في أكتوبر، وسط ضعف في سوق العمل.
توقعات بتوقف الفيدرالي عن تقليص ميزانيته
استقرت عوائد السندات لأجل عامين قرب أدنى مستوياتها منذ عام 2022، وأشار باول أيضاً إلى أن البنك المركزي قد يوقف تقليص ميزانيته العمومية خلال الأشهر المقبلة، وهي خطوة رئيسية للحفاظ على السيولة في أسواق التمويل لليلة واحدة.
وقال مايكل فيرولي من “جيه بي مورغان تشيس أند كو” إن تصريحات باول كانت “تأكيداً قوياً” للرهانات على خفض الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك. فيما قال كريشنا غوها من “إيفركور” إن تقييم باول لتوازن أهداف السياسة المزدوجة (سوق العمل والتضخم) يؤكد أن البنك في طريقه إلى تخفيف السياسة النقدية.
أما جنادي غولدبرغ وأوسكار مونيوز من “تي دي سيكيوريتز”، فاعتبرا أن رئيس الفيدرالي “مهّد الطريق لإنهاء التيسير الكمي خلال الأشهر المقبلة”، وأضافا: “نعتقد أن الفيدرالي سيعلن إنهاء تقليص ميزانيته العمومية في اجتماع أكتوبر للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة”.
وأضاف الاستراتيجيان أن الميزانية العمومية من المرجح أن تبقى مستقرة لبعض الوقت، لكن ضغوط نهاية العام قد تدفع البنك إلى استئناف عمليات الشراء النشطة لأذون الخزانة في أقرب وقت عام 2026.
وقالا إن إنهاء التيسير الكمي يجب أن يدعم فروقات المبادلة، ويوفر مزيداً من القدرة في أسواق التمويل، ويخفض علاوة الأجل عبر المنحنى”. وتوقعا أن يخفض الفيدرالي الفائدة في أكتوبر وديسمبر، وأن ينفذ ثلاث تخفيضات أخرى في 2026 ليصل إلى معدل فائدة نهائي عند 3%.
تُسعّر عقود المبادلة حالياً نحو 1.25 نقطة مئوية من خفض الفائدة بنهاية العام المقبل، من النطاق الحالي بين 4% و4.25%.
باول يوازن بين التضخم وسوق العمل
قال سكوت هلفستين من “غلوبال إكس”: “كما أشار رئيس الفيدرالي باول، لا توجد مسارات سهلة أمام البنك في هذه المرحلة”. وأضاف أن “خفض الفائدة ينطوي على خطر تسارع التضخم، فيما يمثل الإبقاء على الفائدة مرتفعة خطراً على سوق العمل”.
ورجّح أن البنك سيخفض الفائدة في أكتوبر وديسمبر، لكنه دعا المستثمرين إلى الاستعداد لسيناريوهات متعددة مع سعي باول لإبقاء جميع الخيارات مفتوحة.
هلفستين أضاف أن الأسواق ارتفعت بلا توقف خلال الأشهر الماضية، وقد يكون التراجع الطفيف “أمراً صحياً”، مضيفاً: “هناك الكثير لتقييمه في ظل ضعف سوق العمل، وغموض السياسات التجارية، والإغلاق الحكومي، ومستهلكين متماسكين، وأساسيات شركات قوية. المشهد العام لا يزال إيجابياً، لكن التناقضات كثيرة أمام المستثمرين”.
مخاوف من “فقاعة” في أسهم الذكاء الاصطناعي
أظهر استطلاع أجراه “بنك أوف أميركا كورب” أن نسبة قياسية من مديري الصناديق العالميين يرون أن أسهم الذكاء الاصطناعي في فقاعة، بعد الارتفاع المحموم هذا العام.
نحو 54% من المشاركين في استطلاع أكتوبر قالوا إن أسهم التكنولوجيا تبدو باهظة الثمن، في تحوّل عن الشهر الماضي، حين قلل نحو نصفهم من هذه المخاوف. كما بلغت المخاوف من المبالغة في تقييم الأسهم العالمية ذروتها في المسح الأخير.
وقال مارك ماسون، المدير المالي في “سيتي غروب”، في اتصال مناقشة أرباح الربع الثالث رداً على سؤال حول الذكاء الاصطناعي: “من الصعب ألا نرى بعض المبالغة في قطاعات مختلفة”. وأضاف: “أنا مرتاح لأداء أعمالنا وقدرتنا على خدمة العملاء، لكن من الصعب النظر إلى تقييمات الأسهم ومضاعفاتها اليوم من دون الاعتقاد بوجود قطاعات مبالغ في تقييمها وربما فقاعية. سنرى كيف تتطور الأمور مع الوقت”.
بداية موسم الأرباح تحت المجهر
شكّل اليوم البداية غير الرسمية لموسم الأرباح، وقال بريت كينويل من “إيتورو” إن الأسواق تميل تاريخياً إلى التفوق على توقعات السوق، وإن تحقق ذلك مجدداً فقد يوفر بعض الطمأنينة في وقت عادت فيه التقلبات إلى الواجهة.
وأضاف: “ساهم موسم الأرباح في استقرار الأسواق في أبريل الماضي وسط تقلبات حادة، حيث قدّمت البنوك مؤشرات مطمئنة بشأن المستهلكين. ازدادت ثقة فرق الإدارة خلال الصيف، ويأمل المستثمرون الآن في تحديث إيجابي آخر”.
وتابع: “بعيداً عن البنوك، سيراقب المستثمرون عن كثب قطاع التكنولوجيا، وخصوصاً الشركات الكبرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي”.
وأوضح كينويل: “سيرغب المستثمرون بمعرفة ما إذا كانت شركات التكنولوجيا الكبرى لا تزال تنفق مبالغ ضخمة على بنية الذكاء الاصطناعي، وإذا كانت الأخبار الأخيرة مؤشراً، فإن دورة الإنفاق لا تزال نشطة”.
ولفت إلى أنه “مع انتشار مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يريد المستثمرون بعض الطمأنينة بأن هذه الاستثمارات الرأسمالية الضخمة في الذكاء الاصطناعي ستؤتي ثمارها”.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج