هل تذهب واشنطن وبكين إلى تفاوض أم إلى تصعيد جمركي؟

هل تذهب واشنطن وبكين إلى تفاوض أم إلى تصعيد جمركي؟

إننا نظن أن الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في حالة حرجة. مع ذلك، يبدو أن الجانبين منفتحان على مسار تفاوضي للمضي قدماً. بعد كشف بكين عن قيود تصديرية جديدة ومهمة على المعادن الأساسية، رد الرئيس دونالد ترمب الجمعة بإعلان عن رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الواردات الصينية – وهو حظر فعلي إذا ما طُبّق على نطاق واسع – بالإضافة إلى ضوابط تصدير جديدة على “البرمجيات الأساسية”.

قال ترمب إن هذه الإجراءات ستدخل حيز التنفيذ بالتزامن مع قيود بكين المزمع تطبيقها في الأول من نوفمبر.

يترك تأخير تطبيق هذه القيود من كلا الجانبين مجالاً للدبلوماسية، إذ تدعو واشنطن وبكين إلى استئناف المحادثات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وما يزال ممكناً انعقاد اجتماع بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ في أواخر أكتوبر. وما يزال هناك وقت للانسحاب – لكن أي محاولة جديدة لبناء النفوذ تنذر بإعادة إشعال دورة انتقامية ذات تداعيات عالمية مدمرة.

ترمب وشي يشعلان فتيل أزمة تجارية جديدة والاقتصاد العالمي على نار

لم يتضح ما إذا كانت الزيادة المقترحة في الرسوم الجمركية ستنطبق على جميع السلع، أو ما إذا كانت الإعفاءات المتبادلة للمنتجات ستُطبق. إذا كان الخيار الأول، فإن متوسط ​​معدل الرسوم الجمركية على الصين سيرتفع إلى حوالي 141%، وسيزيد متوسط ​​معدل الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة بمقدار 13.2 نقطة مئوية إلى ما يقرب من 30%.

وإذا كان الخيار الثاني، فإن التأثير سيكون أقل إلى حد ما لكنه ما يزال كبيراً: سيرتفع متوسط ​​المعدل على الصين إلى حوالي 104%، ومتوسط ​​معدل الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة إلى 24% من حوالي 16% اليوم.

مالذي تشمله الرسوم والقيود؟

كما أنه ليس واضحاً ما يعنيه ترمب بضوابط التصدير على “البرامج المهمة”. ستكون أقرب سابقة هي القيود الأميركية على برامج تصميم الرقائق المتقدمة في وقت سابق من هذا العام، التي فُرضت في الفترة التي سبقت محادثات لندن.

هناك أيضاً بعض السوابق العرضية في كيفية تقييد برامج مثل (MATLAB)، وهي أداة هندسة وتحليل بيانات مستخدمة على نطاق واسع، بموجب العقوبات في عام 2020 على بعض الجامعات الصينية المدرجة في قائمة الكيانات الأميركية.

أسهم المعادن النادرة ترتفع مع تجدد التوترات بين أميركا والصين

تشمل أوجه التشابه الأخرى الضوابط السابقة على برامج الأمن السيبراني الحساسة استراتيجياً. يمكن للولايات المتحدة أن تفكر في اتخاذ مزيد من الخطوات أيضاً، بما يشمل الرد على أي رد انتقامي من بكين.

قد يشمل ذلك ضوابط تصدير إضافية (أشباه الموصلات والمحركات النفاثة أو غيرها من المنتجات والصناعات التي تهيمن عليها الولايات المتحدة)، وقيوداً على الاستثمار الأميركي في الصين، وعقوبات على الشركات الصينية، وقيود على تأشيرات الطلاب أو المسؤولين الصينيين.

خيارات الصين لزيادة ردها الانتقامي

لم يستنفد إعلان بكين عن توسيع ضوابط التصدير مجموعة أدوات الرد الانتقامي الصينية، إذ ما تزال الصين سوقاً مهمةً للصادرات الحساسة من الولايات المتحدة، بما في ذلك الطائرات وقطع الغيار وبعض المنتجات الزراعية وتشمل التبغ والخضروات ومنتجات المأكولات البحرية.

كما تحتفظ الصين بالقدرة على تعطيل المحركات الاقتصادية الأميركية الأخرى. تعمل شركة ”أبل“ على وجه الخصوص على نقل الإنتاج من البر الرئيسي للصين، وهو أمر تستطيع بكين تعطيله من خلال تقييد التعاون مع شركة ”فوكسكون“ (Foxconn) وغيرها من المقاولين الصينيين الذين ما يزالون ضروريين لسلاسل توريد الهواتف الذكية.

“أبل” لا تستطيع مغادرة الصين بغض النظر عن الرسوم الجمركية

كما أن الصين في وضع جيد لتعطيل استراتيجيات التخفيف التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة عندما قطعت المعادن النادرة والمغناطيسات في وقت سابق من هذا العام.

زادت واردات الولايات المتحدة من المغناطيسات الدائمة من اليابان وألمانيا ومصادر أخرى في أعقاب القيود التي فرضتها الصين هذا العام. يمكن للصين أن توسع حملة الضغط الخاصة بها من خلال التهديد بفرض قيود أشد على حلفاء أميركا إذا دعموا الجهود المبذولة لتسهيل الإمدادات.

هل هو تكرار في نمط العلاقة؟

يمثل تصعيد الأسبوع الماضي تحولاً حاداً عن الدفء التدريجي للعلاقات في الأشهر الأخيرة. لكن كما حاججنا من قبل، فإنه يتناسب مع النمط من الحرب التجارية الأولى بين الولايات المتحدة والصين في ولاية ترمب الأولى، عندما بدا كلا الجانبين في عدة نقاط قريباً من التوصل إلى اتفاق قبل انهيار المحادثات في اللحظة الأخيرة.

في ذلك الوقت، استغرق الأمر نحو عامين – من الرسوم الأولى في يناير 2018 إلى المرحلة الأولى من الاتفاق في ديسمبر 2019 – حين هدأت التوترات مؤقتاً، ثم اندلعت جائحة كوفيد بعد بضعة أشهر. يشير هذا إلى طريق طويل في المستقبل.

العملات المشفرة تفقد 150 مليار دولار بعد تصعيد صيني ضد واشنطن

ما يزال خفض التصعيد ممكناً عبر ربط تاريخ سريان الرسوم الجمركية بتنفيذ الصين لضوابط التصدير، يبدو أن ترمب يشير إلى استعداده لإعطاء مساحة للجانبين للتفاوض على هدنة متجددة.

إذا لم يتراجع أي من الجانبين، فستتفاعل تداعيات ذلك في جميع أنحاء العالم. وإذا استرشدنا بشهر أبريل، ولم تحصل أي تهدئة من الآن وحتى نوفمبر، يُرجح أن تُثير الرسوم الجمركية الجديدة ردود فعل انتقامية إضافية من بكين.

استعراض زمني لحرب ترمب التجارية الأولى على الصين

  • أبريل 2017: باشرت الولايات المتحدة تحقيقاً للأمن القومي بشأن واردات الصلب والألومنيوم بموجب المادة 232.
  •  أغسطس 2017: مكتب الممثل التجاري الأميركي باشر تحقيقاً في الممارسات التجارية الصينية بموجب المادة 301.
  • أكتوبر 2017: أوصت لجنة التجارة الدولية الأميركية ترمب بفرض قيود على واردات الألواح الشمسية والغسالات.
  • يناير 2018: الولايات المتحدة تفرض رسوماً وقائية على الألواح الشمسية والغسالات.
  • فبراير 2018: أصدرت وزارة التجارة نتائج تحقيقها بشأن الصلب والألومنيوم بموجب المادة 232، وخلصت إلى أن الواردات تُشكل تهديداً للأمن القومي.
  • مارس 2018: خلصت الولايات المتحدة إلى أن الصين تُمارس ممارسات تجارية غير عادلة بموجب المادة 301.
  •  مارس 2018: دخلت الرسوم الجمركية الأميركية بموجب المادة 232 على واردات الصلب (25%) والألومنيوم (10%) حيز التنفيذ، تأسيساً على أسباب الأمن القومي.
  • أبريل 2018: ردت الصين بفرض رسوم جمركية على منتجات أميركية بقيمة 2.4 مليار دولار، وأعلنت عن رسوم جمركية بنسبة 178.6% على الذرة الرفيعة.
  •  مايو 2018: أزالت الصين الرسوم الجمركية على الذرة الرفيعة الأميركية كخطوة تفاوض.
  • يوليو 2018: نفذ الجانبان الجولة الأولى من الرسوم الجمركية (34 مليار دولار لكل منهما)، وأعلنت الولايات المتحدة عن رسوم جمركية على واردات صينية إضافية بقيمة 200 مليار دولار.
  • أغسطس 2018: نفذ الجانبان المرحلة الثانية من الرسوم الجمركية وقد شملت 16 مليار دولار لكل منهما.
  • سبتمبر 2018: فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 10% على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار؛ ردت الصين بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة 60 مليار دولار.
  • اجتماع القادة في ديسمبر 2018: اتفق ترمب وشي على هدنة جمركية لمدة 90 يوماً في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، ما أدى إلى تأجيل زيادات الرسوم الجمركية
  • مايو 2019: زادت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية من 10% إلى 25% على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار.
  • يونيو 2019: الصين ترفع الرسوم الجمركية على سلع أميركية بقيمة 60 مليار دولار.
  • أغسطس 2019: ترمب أعلن عن فرض رسوم جمركية بنسبة 10%على واردات صينية إضافية بقيمة 300 مليار دولار.
  • سبتمبر 2019: الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية بنسبة 15% على واردات صينية بقيمة 112 مليار دولار.
  • الإعلان عن اتفاق في ديسمبر 2019: الولايات المتحدة تلغي الرسوم الجمركية المقررة، وتعلن عن المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري.
  • توقيع الاتفاق في يناير 2020: توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري؛ الصين تلتزم باستيراد 200 مليار دولار إضافية من الولايات المتحدة.
  • ناير 2020: فرض ترمب رسوماً جمركية على منتجات الصلب والألومنيوم بقيمة 450 مليون دولار.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف