ما هي أكبر خسارة للبرازيل في كأس العالم؟
في بعض الأحيان لا تحتاج كرة القدم إلى كثير من الوقت كي تهدم تاريخاً كاملاً، فقد تكفيها 90 دقيقة لتحقيق ذلك بكل بساطة، وهذا ما حدث بالفعل مع بطل مونديال 2002 لويس فيليبي سكولاري حين قاد منتخب البرازيل إلى أسوأ خسارة في تاريخ كأس العالم أمام المنتخب الألماني.
كان جمهور البرازيل يعتقد أن في ملعب الماراكانا العظيم لن يكون شاهداً على أتعس من تلك الليلة التي بكى فيه 200 ألف مشجع عام 1950 في نهائي المونديال أمام أوروغواي، إلا أنهم عاشوا ليلة أكثر صعوبة في الثامن من يوليو 2014، عندما سقطت “السامبا” بأكبر خسارة في تاريخها المونديالي بنتيجة 7-1 أمام ألمانيا.
خسارة لم تُمحَ من ذاكرة اللعبة، ولن تُمحى حتى يأتي جيل آخر يرد الدين للماكينات التي أصرت على استغلال إنجاز نصف النهائي، والعودة بأول كأس عالمية في تاريخ أوروبا من قلب أميركا اللاتينية النابض.
سجل الأهداف آنذاك توماس مولر في الدقيقة 11، وأضاف ميروزلاف كلوزه الهدف الثاني في الدقيقة 23، وبعدها بدقيقة أحرز توني كروس الهدف الثالث وعاد ليسجل الرابع في الدقيقة 26.
ووسع سامي خضيرة النتيجة للألمان بهدف خامس في الدقيقة 29، وخلال الشوط الثاني أجهز أندري شورله على رفاق نيمار الغائب للإصابة بالهدفين السادس والسابع في الدقيقتين 69 و79، وجاء هدف حفظ ماء الوجه عن طريق لاعب تشيلسي أوسكار في الدقيقة 90.
البداية لم تكن 2014… بل 1954
رغم قسوة السباعية، فإن جذور السقوط البرازيلي في نتائج عريضة أمام القوى الأوروبية يعود إلى مونديال 1954، حين سقط المنتخب البرازيلي في أول “هزيمة كبيرة” في تاريخه مع بطولته المفضلة أمام المجر بنتيجة 4-2 في الدور ربع النهائي.
كانت تلك النسخة إحدى أعظم نسخ تاريخ كأس العالم، والمجر خلالها كانت المرشح الأول للقب بقيادة أسطورة ريال مدريد فرينك بوشكاش، قبل أن تخطف ألمانيا الغربية الكأس في النهائي الملقب بـ “معجزة برن” حيث قُلبت خلاله النتيجة على “سحرة المجر” بطريقة دراماتيكية.
تلك الخسارة كشفت لأول مرة هشاشة الدفاع البرازيلي أمام التكتيك الأوروبي، لكنها بقيت مجرد صفحة… حتى جاءت ألمانيا بعد 60 عامًا لتمزّق الكتاب بالكامل.
جراح الحاضر وذكريات إنجلترا المؤلمة
تكررت النذوب مع البرازيل في مونديال إنجلترا عام 1966، حين تلقت خسارتين بنفس النتيجة 3-1 أمام المجر والبرتغال في دور المجموعات، وهي نسخة حملت معها إصابة بيليه ووداعاً مبكراً خرجت منه البرازيل دون أي بصمة.
كانت تلك الخسارات إيذاناً بأزمة تتعلق ببنية المنتخب بالأسلوب وبالتغييرات التكتيكية العالمية التي بدأت أوروبا تتفوق فيها واحدًا تلو الآخر.
بين فرنسا 1998 وألمانيا 2014… طريق طويل إلى الصدمة
قبل كارثة ماراكانا 2014، كانت البرازيل لم تعرف هزيمة قاسية في كأس العالم منذ نهائي 1998 أمام فرنسا عندما سقطت أمام رفاق زيزو بنتيجة 3-0 على ملعب سان دوني.
الهزيمة لم تكن بعدد الأهداف فقط، بل بقصتها، مرض رونالدو قبل النهائي، والضياع التكتيكي مع المدرب ماريو زاغالو الذي لم يجد التوليفة المناسبة لمجابهة خطط إيمي جاكيه رغم توفره على نجوم العالم آنذاك ريفالدو ورونالدو وروبرتو كارلوس ودونغا وكافو ودينلسون.
لكن حتى تلك الهزيمة بكل ما حملته، لم تقترب من حجم الطعنة التي تلقاها البرازيليون على أرضهم بعد 16 عاماً أمام ألمانيا في نصف نهائي 2014، ثم أمام هولندا بنتيجة 3-0 في مباراة تحديد المركز الثالث بنفس النسخة.
السباعية الألمانية لم تُسقِط منتخبًا فقط… بل أسقطت مشروعاً بالكامل، وجعلت البرازيل تعيد بناء منظومتها من الأساس ولا تزال تحاول النهوض من تلك الكبوة حتى يومنا هذا لدرجة دفعتها نحو تغيير مبادئها بالاستعانة بمدرب أجنبي لأول مرة في التاريخ “الإيطالي كارلو أنشيلوتي” في صيف 2025 على أمل استعادة أمجاد الماضي.
نقلاً عن: الشرق رياضة
