ليس فيرغسون ولا فينغر.. لماذا لا يريد فليك البقاء طويلا في “كامب نو”؟
في عالم كرة القدم الحديث، أصبحت فكرة المدرب الأبدي مجرد “نوستالجيا” من الماضي، لم يعد هناك مكان لسير أليكس فيرغسون جديد يقضي ربع قرن في نادٍ واحد، ولا لأرسين فينغر يبني إمبراطورية حجرا تلو الآخر.
هانزي فليك، الألماني صاحب الـ61 عاما، يدرك هذه الحقيقة جيدا، بل ويبدو أنه اعتنقها كفلسفة حياة وعمل داخل جدران برشلونة.
تصريحات فليك الأخيرة جاءت لتضع النقاط على الحروف، الرجل لا يبحث عن عقد يخنقه أو يربطه بمشروع لعشر سنوات قادمة، إنه يرى التدريب متعة يومية، وشغفا لحظيا، وليس وظيفة مكتبية يضمن بها تقاعده.
فليك، الذي ذاق طعم المجد مع بايرن ميونخ ويعرف مرارة التقلبات، جاء إلى كتالونيا بمهمة محددة: الفوز، الاستمتاع، ثم الرحيل بقرار شخصي، وليس انتظار رصاصة الرحمة في قرار إقالة مهين.
ولكن، لكي تستمر هذه الرحلة ولو للمدى المتوسط، وضع فليك -ضمنيا وعلنيا- 3 شروط لا تقبل التفاوض لبقائه قائدا لسفينة البلوغرانا.
الشرط الأول: بقاء العراب لابورتا
يدرك فليك أن البيئة السياسية في برشلونة أكثر تعقيدا من التكتيكات داخل الملعب. وجود خوان لابورتا على رأس الهرم الإداري يمثل لفليك شبكة الأمان. العلاقة بينهما ليست مجرد علاقة رئيس بمدرب، بل شراكة قائمة على الثقة المتبادلة.
لابورتا هو من راهن عليه، وهو من يحميه من عواصف الصحافة الكتالونية، مع اقتراب انتخابات 2026، يربط فليك مستقبله بوضوح باستمرار الرئيس الحالي؛ فأي تغيير إداري قد يعني دخول فليك في دوامة صراعات لا يملك الوقت ولا الطاقة لخوضها في هذا العمر.
الشرط الثاني: ألقاب ملموسة لا وعود وردية
فليك رجل براغماتي ألماني، لا يؤمن بمقولة الأداء المشرف دون نتائج، شرطه الثاني للاستمرار هو أن تترجم مجهوداته إلى ذهب في خزائن النادي، هو يعلم أن حب الجماهير في الكامب نو مشروط بالبطولات.
إذا لم يحقق الفريق أهداف الموسم الحالي، وعلى رأسها الحفاظ على الدوري والمنافسة بشراسة أوروبيا، فإن فليك سيكون أول من يلملم أوراقه، فهو يريد أن يكون بقاؤه نابعا من قوة موقفه كبطل، وليس كمدرب يطلب فرصة ثانية.
الشرط الثالث: شعلة الشغف اليومي
لعل هذا هو الشرط الأكثر ذاتية والأهم في تركيبة فليك النفسية. عند سن الـ61، المحرك الأساسي لهانزي ليس المال ولا الشهرة، بل الاستمتاع. هو يريد أن يستيقظ كل صباح متحمسا للذهاب إلى مقر تدريبات برشلونة، يريد أن يرى تطور اللاعبين الشباب، ويستمتع بتفاصيل العمل اليومي.
اللحظة التي سيشعر فيها أن العمل تحول إلى روتين ثقيل، أو أن الضغوط أطفأت شعلة شغفه، لن يتردد في الرحيل فورا. عقوده القصيرة هي بوابته للحرية، تضمن له الهروب من فخ الموظف المنهك.
الخلاصة
هانزي فليك لا يريد أن يصبح تمثالًا في برشلونة؛ هو يريد أن يكون إعصارا يمر، يقتلع البطولات، يترك أثرا لا يمحى، ثم يرحل والجميع يصفق له واقفا.
هو لا يبيع الوهم لجماهير البلوغرانا بمشروع القرن، بل يبيعهم حقيقة اللحظة: أنا هنا لأفوز اليوم.. أما غدا، فلكل حادث حديث.
نقلاً عن: إرم نيوز
