هدية إنزاغي لنادي الهلال السعودي

هدية إنزاغي لنادي الهلال السعودي

في عالم كرة القدم، غالبًا ما تولد البطولات من رحم الأزمات، وتخرج المكاسب الكبرى من قرارات فنية بدت للوهلة الأولى مجازفة غير محسوبة. 

هذه هي الحكاية التي عاشتها جماهير الهلال السعودي ليلة أمس، في قصة كان بطلها الأول المدرب سيموني إنزاغي، وفارسها الحارس محمد الربيعي.

مع اقتراب استحقاق بطولة كأس الأمم الإفريقية، خيم شبح القلق على المدرج الأزرق. الحديث لم يكن عن البطولة بحد ذاتها، بل عن الفراغ المهول الذي سيتركه رحيل ياسين بونو لحماية عرين أسود الأطلس. الحارس المغربي لم يكن مجرد رقم صعب في تشكيلة الهلال، بل كان صمام الأمان الذي تُبنى عليه الثقة الدفاعية للفريق بأكمله. والسؤال الذي أرّق مضاجع الهلاليين كان واحدًا: هل يمكن تعويض غياب الحارس الأفضل في القارة؟.

 

رهان إنزاغي

التوقعات المنطقية كانت تشير إلى أن إنزاغي سيلجأ للحل الآمن، ويستعين بالحارس الأجنبي الآخر الموجود في قائمة الفريق لتعويض هذا الغياب، استنادًا إلى الخبرة الأوروبية والجاهزية النظرية. لكن المدرب الإيطالي، وبحنكة الخبير، قرر أن يقدم هديته الخاصة للهلال في توقيت حاسم، مفاجئًا الجميع في مواجهة الشارقة الإماراتي بقرار جريء: الدفع بمحمد الربيعي أساسيًّا، وإبقاء الخيار الأجنبي خارج الحسابات.

لم يكن القرار مجرد تبديل اضطراري، بل كان رسالة ثقة وإعادة اكتشاف لموهبة ظلت تترقب الفرصة في الظل. نزل الربيعي إلى أرضية الميدان وهو يحمل على عاتقه إرثًا ثقيلاً ومقارنات لا ترحم مع بونو، لكنه أثبت أن الرهان عليه كان في محله.

المباراة لم تكن سهلة، والتقدم بهدف وحيد جعل الدقائق الأخيرة جحيمًا كرويًّا. وفي اللحظة التي تفرز فيها كرة القدم الرجال عن الفتيان، وتحديدًا في الدقيقة التسعين، جاء الاختبار الحقيقي. كرة ماكرة كادت تعصف بنقاط المباراة، لكن الربيعي انبرى لها بتصدٍ إعجازي، ذاد به عن مرماه ببراعة أعادت للأذهان ثبات بونو، وأمنت للهلال العلامة الكاملة وصدارة المجموعة.

 

إعادة إحياء مهمة للكل

ما فعله إنزاغي لم يكن مجرد إدارة لمباراة عابرة، بل هو عملية إحياء لمسيرة حارس محلي، مؤكدًا أن الربيعي ليس مجرد بديل لسد الخانة، بل هو حارس يمتلك الجودة والشخصية لحماية عرين الزعيم في أحلك الظروف. هذا هو إنصاف للحارس المحلي الذي أثبت أن المنتج الوطني قادر على مقارعة المستويات العالمية متى ما وجد الثقة.

 

المكسب الحقيقي للهلال من هذه الليلة يتجاوز النقاط الثلاث؛ إنه الاطمئنان التام بأن العرين في أمان حتى في غياب بونو. كما أن هذا التألق يصب مباشرة في مصلحة المنتخب السعودي، الذي استعاد حارسًا بمواصفات عالية وجاهزية ذهنية ممتازة.

لقد قدم إنزاغي درسًا في الإدارة الفنية، وقدَّم الربيعي درسًا في الصبر واستغلال الفرص. الآن، يمكن لياسين بونو أن يسافر إلى أدغال إفريقيا وهو مطمئن، فقد ترك خلفه حارسًا أعاد إنزاغي اكتشافه ليكون السد المنيع الجديد للهلال.

 

نقلاً عن: إرم نيوز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف