عظة البابا تواضروس الثاني في اجتماع الأربعاء استثمر حياتك في السماء


ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، وذلك من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي داخل الكاتدرائية العباسية.

تحت عنوان “المسيح هو الصخر”، تابع قداسه البابا تواضروس الثاني سلسلة “ثنائيات في أمثال السيد المسيح”. وقرأ جزء من إنجيل متى (إصحاح 7: الآيات 24-27) وجزء آخر من إنجيل لوقا (إصحاح 6: الآيات 46-49)، متناولًا مثل بيت العاقل وبيت الجاهل. وأوضح أن العاقل هنا يُرمز به إلى الإنسان الذي يختار فلسفة حياة قائمة على الحكمة والوعي، بينما يرمز الجاهل إلى نهج الحياة غير المدروس أو العشوائي.

عظة البابا تواضروس الثاني
عظة البابا تواضروس الثاني

كما أشار قداسه البابا تواضروس الثاني إلى أن الصخر في الكتاب المقدس يُشير إلى السيد المسيح، مستشهدًا بما جاء في رسالة كورنثوس الأولى (10:4): “وجميعهم شربوا شرابًا روحيًّا لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح”. ومن هذا المنطلق، فإن الصخر في المثل يرمز إلى الإنسان الذي يبني حياته على طاعة وصايا السيد المسيح وتطبيقها في مسيرته اليومية.

شرح قداسة البابا تواضروس الثاني أن بناء البيت والحياة يتطلب وضوحًا كاملًا، وأن يكون السيد المسيح هو الأساس الذي ترتبط به جميع الجوانب التي تحدد علاقة الإنسان بمحيطه. استشهد قداسته بكلمات الكتاب المقدس: “مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلًا مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا للهِ فِي الرُّوحِ” (أفسس ٢: ٢٠-٢٢). ووضح أن تعبير “حجر الزاوية” يرمز إلى السيد المسيح الذي وحد بفدائه اليهود والأمم معًا.

كما أكد قداسة البابا تواضروس الثاني أن المقصود بالبيت هو حياة الإنسان بكل تفاصيلها، سواء كانت شخصه، أسرته، خدمته، أو غير ذلك. فإذا كانت هذه الحياة قائمة على الصخر، أي حضور السيد المسيح وسكنى الروح القدس فيها، أصبح الإنسان حكيمًا في سيره. استشهد قداسته بقول الكتاب: “فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا” (٢ كورنثوس ٦: ١٦). أما الجاهل فهو من يبني حياته على الرمل، وهو رمز لارتباط الإنسان بالأمور الأرضية الزائلة دون أساس ثابت ودائم.

استئناف عظة البابا تواضروس الثانياستئناف عظة البابا تواضروس الثاني
عظة البابا تواضروس الثاني

البابا تواضروس الثاني عن استغلال فترة الصوم

شدد قداسه البابا تواضروس الثاني على أهمية أن يغتنم الإنسان فرصة الصوم الكبير لتفحص نفسه بعمق في خلواته الشخصية، مما يساعده على إعادة ترتيب أولوياته وتصحيح مسار حياته على مدار العام، مع التركيز على بناء نفسه الروحي.

وتناول قداسة البابا تواضروس الثاني بالنقاش سؤالًا جوهريًا: كيف يتأثر كل من بيت العاقل وبيت الجاهل تحت وطأة الظروف؟ وقام بتقديم الإجابة كالتالي:

1- نزول المطر: يُمكن أن يرمز المطر الخفيف إلى التحديات اليومية العابرة والبسيطة، في حين يمكن أن يرمز المطر الغزير إلى المعوقات الشديدة التي تصطدم بالحياة الروحية. ورغم ذلك، عندما يهطل المطر على بيت الإنسان العاقل، الذي بنى حياته على أساس متين كالصخر، فإنه يظل ثابتًا وصامدًا دون أن يتأثر. كما يُعبر المزمور عن هذا القُرب من الله بقوله: “أنت ستر لي. من الضيق تحفظني. بترنم النجاة تكتنفني” (مزمور 32: 7).

٢- جاءت الأنهار: يُقصد هنا بالأنهار رمزية تشير إلى الفيضانات التي تمثل الكوارث والتحديات التي تواجه الإنسان، مثل فقدان شخص عزيز أو التجارب المؤلمة كخيانات تدمر الحياة. ومع ذلك، يؤكد النص على أن الإنسان العاقل يتمسك بإيمانه أمام هذه المحن ويعبرها بثقة بالله، كما جاء في النص المقدس: الله لنا ملجأ وقوة، عونًا في الضيقات وجد شديدًا. لذلك لا نخشى ولو تزعزعت الأرض، ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار (مزمور ٤٦: ١-٢).

عظة البابا تواضروسعظة البابا تواضروس
عظة البابا تواضروس الثاني

٣- هبت الرياح: تشير الرياح هنا إلى الكلام، سواء كان خفيفًا أو شديدًا، وهو يعكس قدرة الكلمات، سواء أكانت مادحة أم ناقدة. يقول الكتاب: الموت والحياة في يد اللسان (أمثال ١٨: ٢١). فالإنسان العاقل يتجاوز الكلمات الجارحة ويركز على كلام الله الذي يمنحه الحكمة والقوة، كما يوضح النص: لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفارق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته (عبرانيين ٤: ١٢).

واختتم قداسته بالإشارة إلى أن الإنسان العاقل، عندما يتعرض لظروف الأمطار والأنهار والرياح، يلتفت إلى كلمة الله ويطبقها في حياته، مما يجعله قوي الأساس وقادرًا على بناء نفسه ومن حوله. إذ إن كلمة الله تساعده على التمييز بين الحق والخطأ. أما الجاهل، فلا يعير اهتمامًا لكلمة الله، معتمدًا على أمور الأرض الفانية، ما يؤدي به إلى سقوط عظيم.

نقلاً عن : صوت المسيحي الحر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *