عاجل|التحول الرقمي في التعليم العالي.. جامعات مصر تواكب الثورة التكنولوجية|أساتذة يكشفون التحديات

يعد التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي من أولويات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث تسعى الجامعات المصرية إلى دمج أحدث التقنيات في العملية التعليمية، وتأهيل الطلاب لمواكبة سوق العمل المستقبلي، كما أن التعاون مع الشركات والاستثمار في البنية التحتية الرقمية يعززان من قدرة الجامعات على تقديم تعليم متطور يتماشى مع التغيرات التكنولوجية المتسارعة.
 

وتزايد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي يعكس دعم الدولة لهذا المجال في عصر الثورة الرقمية والتطور التكنولوجي، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد المجالات الأكثر تأثيرًا في مختلف جوانب الحياة، من الطب والصناعة إلى الفنون والتعليم، ولمواكبة هذا التقدم، من الضروري تمكين الطلاب من اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة لفهم وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يفتح أمامهم آفاقًا واسعة للابتكار والإبداع، وتعزيز مهارات الطلاب في الذكاء الاصطناعي إلى تزويدهم بأساس قوي في البرمجة، وتحليل البيانات، والتعلم الآلي، إضافةً إلى تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، كما يسهم في إعدادهم لسوق العمل المستقبلي، حيث أصبحت الكفاءات في هذا المجال مطلوبة بشدة.
 

ضخ استثمارات تصل إلى 10 مليارات جنيه في البنية التحتية الرقمية بالجامعات
 

وقد أولت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى اهتمامًا كبيرًا بملف التحول الرقمي وميكنة الخدمات، حيث أصبح التحول الرقمي بالجامعات ضرورة حتمية ولا بديل عنه لتنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، فقد خطت الجامعات خطوات جادة وسريعة في هذا الملف لتحويل الجامعات إلى جامعات الجيل الرابع في جميع المجالات التعليمية والبحثية.
 

وأكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن الوزارة تدعم استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية، حيث استخدمت الوسائل الرقمية؛ لتحسين تقديم المحتوى التعليمي وتفاعل الطلاب معه، مشيرًا إلى الخطوات الجديدة التي اتخذتها الوزارة نحو التحول الرقمي في 2024، حيث قامت بتنفيذ خطة شاملة للتحول الرقمي في الجامعات المصرية، تحت عنوان “التحول الرقمي والرؤية المُستقبلية”، والتي تتكامل مع المبادئ الـ7 للاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، وهى (التكامل، التخصصات المُتداخلة، الاتصال، المُشاركة الفعالة، الاستدامة، المرجعية الدولية، الريادة والإبداع)، وذلك من خلال 3 محاور رئيسية، (بناء وتطوير أساس رقمي مركزي، مهارات خريج المستقبل 2050، ومؤسسات تعليم عالي ذكية وفعالة).
 

وفي ضوء تنفيذ توجيهات الدكتور أيمن عاشور، شهد عام 2024 العديد من الأحداث والفعاليات الهامة التي تعكس تطور جهود التعليم العالي بمنظومة التحول الرقمي ومنها: مشاركة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعدد من الأجنحة في معرض ومؤتمر مصر الدولي للتكنولوجيا للشرق الأوسط وإفريقيا Cairo ICT 24، والذي أقيم في أرض المعارض الدولية بمشاركة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ومدينة الأبحاث العلمية، وهيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار، ومعهد بحوث الإلكترونيات، وبنك المعرفة المصري، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء حيث تفقد جناح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مستمعًا إلى شرح مفصل من الدكتور أيمن عاشور حول أبرز إنجازات الوزارة في مجال التحول الرقمي، موضحًا أن هذه الإنجازات تأتي في إطار الإستراتيجية التي أطلقتها الوزارة في مارس 2023، والتي تهدف إلى التكيف مع التحديات التي تفرضها التطورات التكنولوجية المتسارعة.
 

كما تم ضخ استثمارات بقيمة 10 مليارات جنيه في تطوير البنية التحتية الرقمية بالجامعات الحكومية، وكذلك تم إطلاق أول تجربة دمج للذكاء الاصطناعي التوليدي بأحد المواد الدراسية بجامعة عين شمس من خلال التعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وشركة مايكروسوفت العالمية؛ بهدف استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم الطلاب بمهارات سوق العمل من خلال المُقررات الدراسية وذلك تمهيدًا لتعميمها على باقي البرامج الدراسية بالجامعات المصرية.
 

ويُعد التحول الرقمي وربط الذكاء الاصطناعي بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، من أولويات عمل الوزارة خلال الفترة القادمة، وتنقسم محاور مشروع التحول الرقمي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى 6 محاور رئيسية، وهى: (الحرم الجامعي الذكي، إجراء الاختبارات الإلكترونية، المنصات والبوابات الإلكترونية، تطوير البنية التحتية، وتطوير النظم والتطبيقات من خلال تفعيل نظام إدارة التعليم وتطوير المحتوى التعليمي الجامعي).
 

جامعة حلوان تخطو بثبات نحو التحول الرقمي الشامل
 

وتواصل جامعة حلوان تحت قيادة الدكتور السيد قنديل، رئيس الجامعة، جهودها نحو تحقيق تحول رقمي شامل يهدف إلى تحسين جودة التعليم والخدمات المقدمة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ومواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة. تأتي هذه الخطوات في إطار استراتيجية متكاملة تعتمد على تحديث البنية التحتية الرقمية، وتأهيل الكوادر البشرية، وإدارة وتنظيم البيانات بفعالية، إلى جانب تعزيز أمن المعلومات وحماية البيانات.
 

في هذا السياق، حرصت الجامعة على تطوير بنيتها التحتية التقنية عبر إنشاء مراكز بيانات متطورة وتوفير شبكات اتصال عالية السرعة، ما يسهم في تسهيل العمليات التعليمية والإدارية وتحقيق كفاءة تشغيلية أكبر.

كما تعمل الجامعة على تأمين الأجهزة والبرامج اللازمة لدعم منظومتها الرقمية، بما يضمن توفير بيئة تعليمية تفاعلية ومواكبة للمعايير العالمية.
 

ومع التوسع المستمر في حجم البيانات الناتجة عن العمليات الأكاديمية والإدارية، كان لا بد من تبني أنظمة فعالة لإدارة وتنظيم البيانات، مما يتيح سهولة الوصول إليها وتحليلها لدعم عملية اتخاذ القرار وتعزيز الأداء المؤسسي. وفي هذا الإطار، تبنت الجامعة أحدث التقنيات والبرمجيات التي تسهم في إدارة البيانات بمرونة وأمان، ما يحقق التكامل بين مختلف الإدارات والقطاعات داخل الجامعة.
 

وإدراكًا لأهمية العنصر البشري في نجاح التحول الرقمي، نظمت الجامعة دورات تدريبية متخصصة تهدف إلى تعزيز مهارات العاملين في هذا المجال، وتأهيلهم لاستخدام التقنيات الحديثة بكفاءة. وقد ركزت هذه الدورات على تطوير المعرفة الرقمية وتعزيز القدرة على التعامل مع الأنظمة الذكية وتطبيقاتها المختلفة، لضمان جاهزية الكوادر البشرية لمواكبة التحول الرقمي وتنفيذه على أرض الواقع.
 

ولأن الأمن السيبراني يعد ركيزة أساسية في أي عملية تحول رقمي، وضعت الجامعة خططًا استراتيجية متكاملة لتعزيز أمن المعلومات وحماية البيانات الحساسة من التهديدات السيبرانية. شملت هذه الجهود تحديث البنية التحتية التقنية وتطوير أنظمة متقدمة لإدارة البيانات، إلى جانب توفير برامج تدريبية مستمرة للعاملين في مجال أمن المعلومات، فضلًا عن تطبيق معايير صارمة لضمان حماية خصوصية المستخدمين وسلامة البيانات.
 

“عبدالوهاب”: برامج أكاديمية متطورة لمواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي في حسابات جامعة القاهرة
 

وتولي كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي جامعة القاهرة اهتمامًا كبيرًا بتطوير برامجها الأكاديمية لمواكبة التطورات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي هذا السياق، أوضح الدكتور رضا عبدالوهاب، عميد الكلية، أن تغيير اسم الكلية في عام 2019 ليشمل الذكاء الاصطناعي جاء ليعكس أهمية هذا المجال المتنامي كجزء لا يتجزأ من علوم الحاسب، وذلك بالتوازي مع تحديث لائحة 2018 وإدخال مقررات جديدة متخصصة لمواكبة الاتجاهات الحديثة في هذا المجال.
 

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يُعد مجالًا عامًا يهدف إلى تحسين أداء الأنظمة الحاسوبية وتطويرها، إذ بدأ الاهتمام به منذ عام 1956، وتطورت أبحاثه على مدار العقود الماضية حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة الحصاد، التي تجلت في التطورات الكبيرة في تعلم الآلة والتطبيقات الذكية. لذا، فإن جميع برامج الكلية تتضمن مقررات تتعلق بالذكاء الاصطناعي بشكل أو بآخر، إلى جانب استحداث قسم متخصص في علوم الذكاء الاصطناعي لتقديم تعليم متعمق في هذا المجال.
 

وأكد عبدالوهاب أن هذه التحديثات تعكس رؤية الكلية في تأهيل الطلاب بمهارات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، بما يمكنهم من المنافسة في سوق العمل المحلي والدولي، والمساهمة في المشروعات البحثية والتكنولوجية التي تعتمد على التقنيات الحديثة.
 

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الفنون التطبيقية.. بين التحديات والفرص
 

وأكدت الدكتورة ميسون قطب، عميد كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان السابقة، أن المؤسسات الأكاديمية يجب أن تطور مناهجها العلمية بشكل مستمر، بحيث تتضمن أحدث المفاهيم التكنولوجية، مما يتيح للطلاب الاستفادة من الأدوات الرقمية الحديثة في التصميم والإبداع.
 

وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مجرد أداة تساعد المصممين في تسريع أعمالهم وتعزيز إبداعهم، دون أن يحل محل الفكر البشري، مشيرة إلى أنه قد يغير من طبيعة بعض الوظائف لكنه لن يقضي عليها بالكامل، حيث يظل الإبداع والتفكير النقدي من المهارات التي لا يمكن استبدالها بالتكنولوجيا.
 

وأكدت على ضرورة أن يكون المصمم والخريج وأعضاء هيئة التدريس على دراية مستمرة بالتطورات التكنولوجية، والعمل على اكتساب المهارات الجديدة لمواكبة سوق العمل المتغير، مشددة على أهمية التكيف مع المستجدات والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تطوير البحث العلمي والتصميمات المختلفة.
 

وتعكس هذه الرؤية الحاجة الملحة لإعادة النظر في أساليب التدريس والمناهج التعليمية في كليات الفنون التطبيقية، لضمان تخريج أجيال قادرة على المنافسة في سوق العمل العالمي، والاستفادة من الأدوات الحديثة دون أن تفقد لمستها الإبداعية وهويتها الفنية.