هل مصر في طريقها للتخلص من هيمنة الدولار؟ البنك المركزي يخطو نحو استخدام الجنيه في التجارة الدولية


في تطور جديد على الساحة الاقتصادية والمالية، استقبل حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، نظيره محافظ البنك المركزي الصيني والوفد المرافق له، في لقاء رسمي يحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز البروتوكولات التقليدية. 

وهذه الزيارة فتحت ملفًا حساسًا ومهمًا يتعلق بسياسات تحرير التجارة من سيطرة الدولار، وهو ما تسعى مصر لتحقيقه خلال المرحلة المقبلة.

اتفاقية مبادلة العملات.. الجنيه مقابل اليوان

الحدث الأبرز في اللقاء كان مناقشة اتفاقية مبادلة العملات بين مصر والصين، وهي اتفاقية تعني ببساطة أن يتم استخدام الجنيه المصري واليوان الصيني في التبادل التجاري المباشر بين البلدين، دون الحاجة إلى الدولار كوسيط

وهذا التحول، إن تم تفعيله فعليًا، سيكون بمثابة تغيير جوهري في طريقة تعامل مصر مع شركائها التجاريين، خاصة الصين، التي تُعد الشريك الأكبر لمصر في الاستيراد.

لماذا هذا مهم؟

لأن التعامل بالعملات المحلية يقلل من الطلب على الدولار في السوق المصري، وبالتالي يخفف من الضغوط على الجنيه ويساعد في استقرار سعر الصرف. بدلًا من شراء الدولار لدفع ثمن الواردات الصينية، يمكن الآن الدفع بالجنيه، وهو ما يعزز الاحتياطي النقدي الأجنبي ويقلل الحاجة للتمويل الخارجي بالدولار.

 هل نرى قريبًا الجنيه يتداول خارج الحدود؟

اتفاقيات تبادل العملات المحلية التي تسعى مصر لتوقيعها، ليست حكرًا على الصين فقط، هناك توجه مصري واضح لتوسيع نطاق هذه الاتفاقيات مع دول كبرى مثل الهند وروسيا، بهدف خلق سلة عملات بديلة والابتعاد عن الاعتماد المفرط على الدولار. 

وهذه السياسة ليست حكرًا على مصر فقط، بل أصبحت توجهًا عالميًا في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.

سندات “الباندا” ونافذة تمويل جديدة باليوان

ضمن محاور اللقاء أيضًا، ناقش الجانبان إصدار مصر لسندات “الباندا” في السوق الصينية، وهي سندات تصدرها جهات أجنبية داخل الصين بعملة اليوان. هذه الخطوة تعني أن مصر قد تحصل على تمويل مباشر باليوان الصيني لمشروعاتها القومية، مما يقلل الحاجة إلى الاقتراض بالدولار أو اليورو.

ربط أنظمة المدفوعات بين مصر والصين

أحد الجوانب المهمة التي تم تناولها خلال اللقاء، كان الربط التقني بين أنظمة المدفوعات في البلدين، بما يسهل التحويلات، ويزيد من كفاءة التعاملات البنكية، ويجعل التبادل المالي أكثر سلاسة بين المؤسسات والشركات. ومن هنا، تصبح العملة المحلية جزءًا من دورة الاقتصاد الدولي، وهو هدف استراتيجي طويل المدى.

اتفاقيات لتعزيز وجود اليوان في السوق المصري

اللقاء أسفر عن توقيع ثلاث مذكرات تفاهم رئيسية:

اتفاق بين بنك قناة السويس وشركة تيدا الصينية وشركة CIPS الصينية، لتعزيز استخدام اليوان في منطقة التعاون الاقتصادي المصري الصيني، وخاصة في منطقة العين السخنة.

بروتوكول تعاون بين UnionPay الصينية وشركة بنوك مصر للتقدم التكنولوجي، لزيادة انتشار نظام الدفع الإلكتروني الصيني داخل السوق المصري، مما يسهل على السياح والمستثمرين الصينيين استخدام بطاقاتهم البنكية في مصر.

اتفاق آخر بين UnionPay وشركة باي موب، لتعزيز قبول بطاقات الدفع الإلكترونية الصينية على مواقع التجارة الإلكترونية في مصر، وفتح آفاق جديدة أمام الشركات المصرية في تعاملها مع السوق الصيني.

ماذا يعني هذا لمستقبل الجنيه؟

كل هذه الخطوات تصب في اتجاه واضح: تقليل الاعتماد على الدولار وفتح قنوات جديدة لتداول الجنيه المصري مع عملات قوية مثل اليوان. بالطبع، لا يعني هذا أن الدولار سيختفي من تعاملات مصر، لكننا أمام بداية جدية لتحرير الاقتصاد المصري من الضغوط الناتجة عن تقلبات الدولار.

هل سيتحقق هذا قريبًا؟
التحول يحتاج إلى وقت، واستقرار، وإرادة سياسية واقتصادية قوية، لكن المؤشرات الحالية تؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو تنويع تعاملاتها المالية وتوسيع قاعدة الشركاء الاستراتيجيين خارج الإطار التقليدي المرتبط بالدولار.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *