في ظل تزايد الضغوط الدولية واتساع الوعي العالمي بأزمة التغير المناخي، أصبحت الصناعات الثقيلة واحدة من أبرز القطاعات التي تواجه تحديات كبيرة على طريق التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون و تشمل هذه الصناعات قطاعات استراتيجية مثل الحديد والصلب، الإسمنت، الألمنيوم، التعدين، والبتروكيماويات، وهي من بين الأكثر استهلاكًا للطاقة، وبالتالي من أعلى مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، تسهم هذه القطاعات مجتمعة بما يقارب 22% من إجمالي الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون، وهي نسبة ضخمة لا يمكن تجاهلها في سياق الجهود الدولية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
عقبات تقنية وهيكلية
تكمن الصعوبة الأساسية في أن هذه الصناعات تعتمد بشكل تقليدي على الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة اللازمة لعملياتها، حيث تحتاج بعض العمليات مثل إنتاج الفولاذ أو الأسمنت إلى درجات حرارة تتجاوز 1500 درجة مئوية، وهو ما يصعب تحقيقه عبر الطاقة المتجددة وحدها ،إلى جانب ذلك، فإن استبدال خطوط الإنتاج الحالية أو تطويرها يحتاج إلى استثمارات ضخمة وتكنولوجيا معقدة، لا تزال في مراحلها التجريبية أو غير متاحة على نطاق واسع، خصوصًا في البلدان النامية.
حلول قيد التطوير
رغم التحديات، بدأت بعض الشركات الكبرى في اتخاذ خطوات ملموسة نحو التحول ومن بين أبرز هذه المبادرات:
اعتماد الهيدروجين الأخضر كبديل للوقود الأحفوري في عمليات الصهر والمعالجة.
تطوير تقنيات التقاط وتخزين الكربون (CCS) لمنع تسرب ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.
تحسين كفاءة الطاقة عبر تحديث المعدات وخطوط الإنتاج.
إعادة تدوير المواد الخام للحد من الحاجة إلى الاستخراج الأولي.
لكن رغم أهمية هذه الحلول، فإنها لا تزال تواجه تحديات تتعلق بارتفاع التكلفة، محدودية التمويل، الحاجة إلى تشريعات داعمة، ومخاوف من فقدان التنافسية في الأسواق العالمية.
مخاطر التأخير
يحذر محللون من أن استمرار الصناعات الثقيلة في تأجيل التحول قد يجعلها عرضة لعقوبات وتنظيمات صارمة، أبرزها ضرائب الكربون والقيود التجارية البيئية، ما قد يؤثر سلبًا على حصصها السوقية عالميًا ويهدد فرص الاستثمار والتوسع كذلك، فإن الاستمرار في النمط التقليدي للإنتاج يزيد من المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار الطاقة والاعتماد المفرط على مصادر طاقة قديمة ومكلفة بيئيًا واقتصاديًا.
دور الحكومات والشراكات
من الضروري أن تلعب الحكومات دورًا محوريًا في دعم التحول الصناعي عبر:
توفير الحوافز الضريبية والمالية للمشروعات الخضراء.
تمويل الأبحاث والابتكار في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الصناعية.
وضع أطر تنظيمية واضحة ومستقرة تُشجع على الاستثمار المستدام.
كما تُعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص ركيزة أساسية لإنجاح هذا التحول، حيث توفر الموارد والخبرات وتُوزّع المخاطر.
خلاصة
إن مستقبل الصناعات الثقيلة بات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمدى التزامها بالتحول البيئي فإما أن تتبنى هذه الصناعات نهجًا استباقيًا وجادًا نحو الإنتاج النظيف والكفاءة المناخية، أو تواجه مستقبلًا محفوفًا بالمخاطر التنظيمية والاقتصادية، في عالم يربط بين الاستدامة والربحية أكثر من أي وقت مضى
نقلاً عن : تحيا مصر
- المشاركة مع منتخب مصر شرف لأى لاعب وواجب وطني مثل التجنيد - 3 أغسطس، 2025
- الفيوم.. انتشال 4 جثث لشباب غرقوا بمستنقع وجارٍ البحث عن آخرين - 3 أغسطس، 2025
- ريال مدريد الإسباني ينعي محمد أبو النجا بونجا حارس وادي دجلة ومنتخب مصر - 3 أغسطس، 2025
لا تعليق