بعد مقتل عبد المالك دروكدال، زعيم تنظيم القاعدة على يد القوات الفرنسية شمال مالي في يونيو 2020، برز اسم يوسف العنابي (المعروف أيضاً باسم مبارك يزيد) كخليفة للتنظيم.
يُعد العنابي أحد أبرز القيادات التاريخية للإرهاب في شمال إفريقيا، حيث شهدت منطقة الساحل تحت قيادته تصاعداً ملحوظاً في الهجمات وتوسعاً في النفوذ، رغم الغموض الذي يحيط بوجوده وتحركاته.
من الرعيل الأول إلى قمة التنظيم
وُلد العنابي عام 1969، وانطلق مسيرته الجهادية مبكراً عبر السفر إلى أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي، وعند عودته إلى الجزائر، انضم إلى صفوف “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، وساهم لاحقاً في تأسيس “الجيش الإسلامي للإنقاذ” و”الجماعة السلفية للدعوة والقتال” التي تحولت عام 2006 إلى فرعٍ لتنظيم القاعدة تحت اسم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، ويُعتبر من أوائل المبايعين لأيمن الظواهري زعيم القاعدة السابق عام 2011، وتولى مسؤوليات إعلامية داخل التنظيم قبل صعوده إلى القيادة.
خلافة دروكدال
بعد تصفية دروكدال في عملية فرنسية دقيقة شمال مالي – شاركت فيها الولايات المتحدة بتقديم معلومات استخباراتية حاسمة – استغل العنابي الفراغ القيادي لتوحيد الجماعات الموالية للقاعدة تحت رايته. ومن أبرز هذه الجماعات: جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة إياد أغ غالي، المسؤولة عن هجمات كبرى في مالي وبوركينا فاسو، وجبهة تحرير ماسينا التي يقودها أمادو كوفا، وتستند إلى عرقية الفولاني لتعزيز نفوذها.
تمكن العنابي من تحويل هذه التحالفات إلى قوة عملياتية مُنسقة، أحرجت الجيوش المحلية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو عبر هجمات متطورة أسفرت عن سقوط مئات الضحايا.
شبكة النفوذ والاستراتيجية الإقليمية
اتخذ العنابي من منطقة الساحل منطلقاً رئيسياً لأنشطته، مستغلاً الفوضى الأمنية وتنافس الجماعات الإرهابية. وفقاً للباحثين، يعتمد على ثلاثة محاور: التمويل عبر شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات التي تسيطر عليها الجماعات التابعة له، والتجنيد باستغلال الانقسامات العرقية والفراغ الحكومي في المناطق النائية، والتوسع الجغرافي من خلال تنسيق الهجمات عبر الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
ورغم ندرة ظهوره الإعلامي، تُنسب إليه تهديدات مباشرة ضد المصالح الفرنسية والأوروبية في المنطقة، بما في ذلك تصريحه الشهير: “سنضرب فرنسا في كل مكان بالعالم”.
المكافأة الأمريكية والملاحقة الدولية
صنفت الولايات المتحدة العنابي كـ”إرهابي عالمي”، وخصصت مكافأة بقيمة 7 ملايين دولار لمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، كما أدرجته الأمم المتحدة على قوائم العقوبات بسبب تورطه في هجمات ضد المدنيين وقوات الأمم المتحدة في مالي. ورغم هذه الإجراءات، يُعتقد أنه يتحرك بين حدود ليبيا والجزائر وتونس، محاطاً بحراسة مشددة تجعل تعقبه صعباً 7.
صراعات خفية
يواجه العنابي معارضة داخلية من أجنحة في التنظيم تدفع نحو تكثيف الهجمات بشكل أوسع، بينما يفضل هو نهجاً أكثر حذراً للحفاظ على المكاسب، كما أن العلاقة بينه وبين قادة الجماعات التابعة – مثل أغ غالي وكوفا – تبقى هشة، حيث يسعى الأخيران لتعزيز استقلاليتهما العملياتية، فيما يرى محللون أن أي تصفية للعنابي قد تؤدي إلى تفكك التحالفات الحالية، خاصة مع عدم وجود خليفة واضح يتمتع بنفوذه وكاريزماته.
ورغم تراجع الظهور العلني للعنابي مؤخراً، إلا أن تأثيره البنيوي في تنظيم القاعدة بالساحل يبقى قائماً. فتحالفه مع جماعات مثل “نصرة الإسلام” و”تحرير ماسينا” حوّل التنظيم إلى تهديد متجذر، يستفيد من انسحاب القوات الدولية وتصاعد عدم الاستقرار في دول الساحل
==
المصادر: بي بي سي، فرانس 24، الجزيرة، سكاي نيوز عربية
نقلاً عن : تحيا مصر
- المرأة المصرية أثبتت أنها شريك أساسي في بناء الدولة وتحملت مسؤوليتها الوطنية بكل وعي - 8 أغسطس، 2025
- لم يتم تخفيف أحمال الكهرباء - 8 أغسطس، 2025
- الرجاء المطروحي يضم الفلسطيني ثائر أبو عبيدة مدافع بيت حانون موسمين - 7 أغسطس، 2025
لا تعليق