في مشهد يعكس التحديات المعقدة التي تواجه قطاع الطاقة في مصر، كشفت بيانات رسمية أن جزءًا كبيرًا من الكهرباء المنتجة لا يصل إلى المستهلكين، بل يتسرب بين سرقات منظمة وأعطال فنية مزمنة، ليُكبد الدولة مليارات الجنيهات سنويًا.

قدّرت الخسائر بأكثر من 50 مليار جنيه سنويًا

توضح الأرقام أن ما يقارب 18% من إجمالي الكهرباء الموردة يضيع دون مقابل، أي ما يعادل خُمس الطاقة التي يفترض أن تغطي احتياجات المواطنين، وقدّرت الخسائر بأكثر من 50 مليار جنيه سنويًا، وهو عبء ثقيل تتحمله وزارة الكهرباء ويؤثر على استقرار الأسعار وجودة الخدمة.

خلال شهر مايو الماضي وحده، سُجل فقد يقترب من 32 مليار كيلووات ساعة، بزيادة تقارب ملياري كيلووات عن العام السابق، رغم الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الوزارة للحد من الأزمة. وتتصدر القاهرة الكبرى المشهد، حيث تستحوذ هي والجيزة وأجزاء من القليوبية على 30% من حجم السرقات، في حين جاءت الإسكندرية وشركة القناة للتوزيع ضمن الأقل تضررًا.

تفاوت كبير بين المبالغ المسجلة في المحاضر والمبالغ الفعلية

المصادر داخل شركات الكهرباء أشارت إلى أن المبالغة في تحرير محاضر سرقة التيار أضعفت الثقة وأدت لنتائج عكسية، إذ ظهر تفاوت كبير بين المبالغ المسجلة في المحاضر والمبالغ الفعلية التي يتم تحصيلها. 

كما لفتت إلى أن احتساب أعلى تعريفة على العدادات الكودية بالمباني المخالفة دفع كثيرين للعزوف عن تركيبها، وهو ما زاد من اتساع دائرة الفقد.

الفقد في شبكات النقل لا يتجاوز 3.8%

من جانبه، أوضح الدكتور حافظ سلماوي، الرئيس السابق لجهاز تنظيم الكهرباء، أن الفقد في شبكات النقل لا يتجاوز 3.8% وهو قابل للتخفيض، بينما تبقى المشكلة الأكبر في شبكات التوزيع التي تستهلك 75% من الكهرباء المنتجة، حيث يصل الفقد إلى 18%، وهي نسبة تفوق ما تسجله الدول المتقدمة بأضعاف.

ويرى خبراء أن الحل يكمن في خطط متكاملة تشمل التوسع في العدادات الذكية، رفع كفاءة الأجهزة المتداولة، وحملات صارمة ضد السرقات، مع تعزيز دور المواطنين في الإبلاغ عن المخالفات.

وزارة الكهرباء بدورها حذرت من أن استمرار نزيف التيار يهدد استقرار الخدمة، خاصة في فصل الصيف الذي يشهد زيادة الأعطال، فيما عبّر مواطنون عن استيائهم من الانقطاعات المفاجئة، مؤكدين أنها أرهقتهم نفسيًا وأثرت سلبًا على أعمالهم وحياتهم اليومية.