تدمير وتجويع غزة وضم أراضي الضفة.. إسرائيل بين جرائم الإبادة وتوسيع الاستيطان


تواصل إسرائيل تعزيز هجومها العسكري على غزة لتدمير ما تبقى من القطاع، حيث شهدت الأحياء الشمالية والغربية لغزة توغلات متزايدة للدبابات الإسرائيلية، ترافقها غارات جوية كثيفة أدت إلى تدمير منازل بالكامل وتفجير مركبات مفخخة في حي الشيخ رضوان، فيما أسفرت الضربات الأخيرة عن مقتل ما لا يقل عن 42 شخصاً. وبالتوازي مع ذلك، وزع الجيش الإسرائيلي بيانات يدعو فيها السكان إلى النزوح جنوباً، معلناً نيته توسيع الهجوم نحو مناطق إضافية غرب المدينة.
هذا التصعيد تزامن مع تقرير صادر عن الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، اعتُبر الأول من نوعه من حيث الوضوح والحسم. فقد أيّد 86% من أعضاء الجمعية قراراً يؤكد أن السياسات الإسرائيلية في غزة تستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية وفق اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948. 
وذكر التقرير أن الجيش والحكومة الإسرائيلية ارتكبا جرائم ممنهجة واسعة النطاق، شملت الهجمات العشوائية ضد المدنيين وتدمير البنية التحتية، إلى جانب الحرمان من الغذاء والمياه والتعذيب الممنهج. وأشار إلى أن أكثر من 50 ألف طفل قُتلوا أو جُرحوا، وهو ما يرقى إلى أحد العوامل الأساسية لتعريف الإبادة، لكونه يستهدف استمرارية وجود مجموعة بشرية بكاملها.

خطط ضم الضفة الغربية

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن مفاوضات تجري مع واشنطن حول حجم وتوقيت هذا الضم، يتولاها وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر بالتواصل مع البيت الأبيض، ووزير الخارجية جدعون ساعر عبر قناة مفتوحة مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو.

وبحسب التسريبات، يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى اتباع نهج حذر يراعي حسابات العلاقة مع الإدارة الأمريكية، بينما يدفع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش نحو ضم فوري يشمل 60% من أراضي الضفة الغربية المصنفة مناطق “ج”، دون انتظار ضوء أخضر أمريكي. وتشمل الخطط ثلاثة سيناريوهات: أولها الاعتراف القانوني بالبؤر الاستيطانية باعتبارها خطوة رمزية، وثانيها توسيع الاعتراف ليشمل مناطق “ج” والتجمعات الاستيطانية بما يحمله من استفزاز دولي، وثالثها خيار أمني يرتكز على ضم البؤر الاستيطانية وغور الأردن.

ردود الفعل الدولية

عبرت عدة دول أوروبية عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية كخطوة مضادة، بينما هدد مسؤولون إسرائيليون بأن مثل هذه الخطوات ستقابل بإجراءات ضم أحادية الجانب، فيما يؤكد محللون أن إسرائيل تحاول من خلال هذه المخططات تكريس وقائع استيطانية تجعل حل الدولتين غير قابل للتطبيق عملياً.

في الداخل الإسرائيلي، يكشف الملف عن صراع بين توجهين: الأول أمني تمثله المؤسسة العسكرية التي تخشى تداعيات أي ضم واسع على الاستقرار الإقليمي، والثاني أيديولوجي تقوده أحزاب المستوطنين التي ترى في الضم تحقيقاً لمشروعها التاريخي. هذا الانقسام يعكس طبيعة السياسة الإسرائيلية القائمة على الموازنة بين الحسابات الاستراتيجية والمكاسب الآنية.

ادعوات للوحدة الوطنية

على الجانب الفلسطيني، دعت قيادات سياسية إلى مراجعة شاملة لاتفاق أوسلو، معتبرة أن إسرائيل تجاوزت جميع التزاماتها، بينما طالبت حركات المقاومة وعلى رأسها “حماس” بتحرك دولي عاجل لوقف ما وصفته بالإبادة الجماعية، معبرة عن خيبة أملها من عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات عملية. وفي المقابل، يبرز مطلب مركزي في الساحة الفلسطينية يتمثل في ضرورة تحقيق وحدة وطنية حقيقية لمواجهة هذه التحديات المتشابكة.

البعد القانوني

التقرير الصادر عن الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية لم يكن مجرد وثيقة نظرية، بل شكّل رافعة قانونية للملف الفلسطيني في محكمة العدل الدولية، حيث تخضع إسرائيل لمحاكمة بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، ومن شأن هذا التقرير أن يعزز الموقف الفلسطيني والعربي في مختلف المحافل الدولية، ويضيف زخماً لحملات الضغط الدبلوماسي المتصاعدة.

مشهد غامض لمستقبل الصراع

مع استمرار العمليات في غزة وطرح خطط الضم في الضفة، يصبح المشهد السياسي أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، فبينما تستخدم إسرائيل ورقة الضم للضغط على العواصم الأوروبية، يظل الخطر قائماً من أن تتحول هذه المناورات السياسية إلى واقع على الأرض، في ظل غياب توافق فلسطيني داخلي وتردد دولي واضح.

 


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف