من وحى فهد البطل.. حكاية أقدم سرداب خفى فى وسط البلد وعلاقته بثورة 1919



شهدت الحلقات الأولى من المسلسل الرمضاني فهد البطل تطورات مثيرة، حيث قُتل “حماد” “أحمد العوضي” على يد شقيقه “غلاب” “أحمد عبد العزيز”، لكن قبل مقتله، تمكن “حماد” من تهريب أبنائه، فهد وزينب، عبر سرداب خفى يقع داخل بهو المنزل، هذه السراديب السرية لها تاريخ طويل وحكايات مثيرة، سواء في صعيد مصر أو في الدلتا.


فقبل عقود قليلة كان من الشائع أن يبني أصحاب البيوت سراديب تحت منازلهم، سواء لحماية أنفسهم أو لاستخدامها كمخازن سرية، كانت هذه السراديب تُنشأ في طابق سفلي تحت العمارات أو في إحدى غرف المنازل ذات الطابق الواحد، ومع مرور الزمن وتغيّر أنماط البناء، بدأت فكرة إنشاء السراديب في الاندثار.


في السطور التالية نتعرف على واحد من أهم سراديب القاهرة الخديوية الموجودة في عصرنا الحديث سرداب مقهى ريش.


مقهى ريش


تاريخ مقهى ريش بوسط البلد


أثناء بناء القاهرة الخديوية أمرالخديوى إسماعيل ببناء قبو أسفل كل عمارة ليكون بديلًا عن الصرف الصحى، وأمر أيضًا ببناء بيارات كبيرة لتجمع المياه ثم نزحها حين إمتلاءها، ثم نقلها إلى الصحراء خارج القاهرة، وفى أحد ميادين وسط البلد ميدان طلعت حرب بالتحديد شارع سليمان باشا، أنشئت سنة 1908 عمارة “ريش” وأسفلها المقهى الخاص بها، وصممت بحيث يكون أسفلها سرداب يفتح بابه على الشارع الخلفى لعمارة.


مقهى ريش من الأماكن والمعالم البارزة في وسط القاهرة، لكنه لم يكن مجرد مقهى عادى يرتاده المثقفون والفنانون، بل كان له دورًا محوريًا في ثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزى على مصر، فقد تحول قبو المقهى أو سردابه إلى مركز سري لطباعة المنشورات المناهضة للإنجليز، بموافقة مالكة هذا الرجل اليونانى الجنسية الذى أحب مصر لدرجة أنه سهل عمل الفدائيين في ذلك الوقت.


 


قبو سري تحت الأرض لدعم ثورة 1919


أثناء ثورة 1919م عرض صاحب المقهى على أعضاء حزب الوفد استخدام القبو الذي كان مخصصًا لمخلفات الصرف الصحي ومن يومها أصبح القبو مقرًا لطباعة المنشورات، مستفيدًا من باب خلفي سري يؤدي إلى ثلاثة مخارج في وسط البلد هما شارع سليمان باشا هو ميدان طلعت حرب حالياَ، وشارع البستان، وشارع هدى شعراوي، وعند مداهمات قوات الاحتلال، كان صاحب المقهى يرسل إشارات سرية للثوار للهرب سريعًا قبل وصول الشرطة، التي لم تجد سوى المخلفات والروائح الكريهة.


 


اكتشاف القبو بعد 73 عامًا


ظل القبو محتفظًا بسرّه حتى عام 1992، عندما ضرب زلزال القاهرة بعض مباني وسط البلد، ما أدى إلى قرار عمليات ترميم عمارات وسط البلد وقد شملت مقهى ريش، وعند نزول المالك إلى القبو، تفاجأ بالعثور على بقايا الطابعة المستخدمة في طباعة المنشورات، إلى جانب أوراق ووثائق تعود لفترة ثورة 1919، ليكشف بذلك سرًا ظل مخفيًا لقرابة 73 عامًا.


 


القبو لم يكن مجرد مقر سري للثوار ولكن احتوى على مقتنيات نادرة ما زالت موجودة حتى اليوم، من بينها تليفونات أثرية، مكواة تعمل بالفحم، راديو قديم، كاميرات تصوير سينمائي، وبيانو نحاسي يعود لعام 1885. مقهى ريش يعد من الأماكن الشاهدة على نضال المصريين ضد الاحتلال، وحافظة لذاكرة ثورة 1919.


 

فكرة السراديب كثيرًا ما تتجسد في الفنون بأشكالها المختلفة، كما شاهدناها في الحلقة الثانية من مسلسل فهد البطل وهو من تأليف محمود حمدان وإخراج محمد عبد السلام وإنتاج شركة سينرجى، وبطولة أحمد العوضى، أحمد عبد العزيز، ميرنا نور الدين، لوسى، عصام السقا وأخرين


 


وتدور أحداث مسلسل فهد البطل حول فهد الشاب الصعيدي الذى يضطر للهروب من أهله بسبب الظلم الذي تعرض لها، وبعد استقراره في القاهرة تتعرض شقيقته لحادث يجعله تدخل في معارك وصراعات لا تنتهي، من أجل الحصول على حق شقيقته.


 


 

نقلاً عن : اليوم السابع

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *