لم تكن نهال كمال غريبة عن فكرة رحيل “الخال”، فالشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي – ذلك الرجل الصعيدي العنيد – كان قد هذّبها لاستقبال النبأ قبل سنوات. لم يكن يريد لزوجته أن تواجه الموت كصاعقة، بل كضيف ثقيل أخّر موعده طويلاً.
تقول نهال كمال: “تطبعتُ بطبع الأبنودي، وصِرتُ صعيديةً مثله، لدرجة أنه أطلق عليّ اسم والدته ‘فاطنة أحمد عبد الغفار’ بعد أن تيقن أنني مثل سيدات الصعيد لا أستقبل الموت بفزع كما تفعل نساء المدن. تعلّمتُ منه أن الموت ليس نهاية، بل جزء من القصيدة”
عبد الرحمن الأبنودي يكتب تفاصيل جنازته
قبل رحيله، دوّن الأبنودي تفاصيل جنازته كما لو كان يكتب أغنية: أين يقام العزاء، حدد المكان الذي ستقف فيه زوجته لاستقبال المعزين، وفي مفاجأة لم تكن في النص الأصلي، تلقّت نهال مكالمة من الرئيس السيسي يخبرها فيها أن القوات المسلحة ستتولى تنظيم الجنازة، ولن يُقام عزاء في المنزل!

تقول نهال: “تبدلت الخطة بالكامل، لكن ذلك كان لمصلحته. يبدو أنه توقّع هذا، إذ ذكر في وصيته أنني وبناته لنا حرية التصرف، تماماً كما فعل في حياته. كان يثق بي كجزء منه”
الأيام الأخيرة: غيبوبة قصيرة.. وصمت طويل
قبل ثلاثة أيام من الرحيل، دخل الأبنودي في غيبوبة. اختارت نهال أن تحجب الخبر، ليس إنكاراً للموت، بل أملا بأنه قد يعود ليُتمّ حكايته.

تقول: “كانت هذه رحمة من الله علينا، لأن الموت المفاجئ يُسبب صدمة رهيبة. حتى أن نور ابنته قالت بعد وفاته: ‘كان يتعب ويشعر بالزهق، وكأنه يتألم.’ بالطبع، فراقه صدمة لا تُحتمل، فإذا كان الغرباء تأثروا بموته، فما بالنا نحن الذين عشنا معه طوال الوقت؟”

تكافح دموعها وتكمل: “وجوده كان يمنحني شعورًا دائمًا بالاطمئنان. ذات مرة قال لي: ‘حصلتُ على كل شيء في الدنيا – تكريم في كل مكان، حب الناس – فماذا أطلب أكثر؟’ لكن أحلامه لم تتوقف؛ كان مُحبًا للحياة بجنون.”
الحلم الأخير: أوبريت لم يكتمل
الحلم الأخير الذي لم يُدركه الأبنودي كان المشاركة في احتفالات قناة السويس الجديدة بأوبريت كبير. تكشف نهال أن الفنان محمد منير زاره في المستشفى عدة مرات للإعداد للعمل، لكن المشروع لم يكتمل.

جمال الغيطاني.. الصديق الذي لم يتحمل الفراق
لم يكن أحد يبكي الأبنودي مثل جمال الغيطاني. وقف في العزاء يذرف دموعاً لم تكن مجرد رثاء، بل اعترافاً بأن جزءاً منه قد رحل أيضاً.
تقول نهال: “الأستاذ جمال الغيطاني.” تتذكر دموعه التي انهمرت أثناء العزاء: “كان ارتباطهما في الفترة الأخيرة لا يُصدق؛ يتحدثان ساعات طويلة على الهاتف، وكأن كل منهما يعرف أن الوقت ضيق. قالت لي زوجته ماجدة الجندي إنه أخبرها بعد وفاة الأبنودي: ‘لن أعيش طويلًا بعده’، وهو ما حدث، حيث رحل الغيطاني بعد أشهر.”

تؤكد أن الغيطاني وقف معها بعد الوفاة وساعدها في إجراءات لم تكن تعرف كيف تنجزها.. “نعم الأخ والصديق”. في المقابل، اختفى أصدقاء آخرون من المشهد بعد انطفاء أضواء الكاميرات. لكنها تضيف: “أنا مغمورة بحب الناس للأبنودي، ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي.”
وداع من فلسطين ولبنان: “هو شاعر العرب، وليس مصر وحدها”
لم تكن الدموع مقتصرة على مصر. اتصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليقول: “شوارعنا تبكيه.” ووضعوا صورته بجوار محمود درويش، صديقه الذي سبقه برحيله، ومن لبنان، هاتفها نبيه بري وزوجته رندة، مؤكدين أن الفقيد كان عربياً. فالأبنودي – كما قالوا – “لم يكن مجرد شاعر، بل كان صوتاً لكل من عاش تحت الشمس العربية.”

نقلاً عن : تحيا مصر
- طبيب يكشف العلاقة بين الإصابة بـ السكتة الدماغية والإجهاد المزمن ويحذر - 21 أبريل، 2025
- مواعيد مباريات اليوم الإثنين 21 أبريل 2025 والقنوات الناقلة - 21 أبريل، 2025
- محمد رمضان يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ويستفز المصريين بتغيير اسمه على انستجرام - 21 أبريل، 2025
لا تعليق