أصدر قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا بياناً مشتركاً يوم الاثنين، عبّروا فيه عن “معارضتهم الشديدة لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة”، ووصفوا الإعلان الإسرائيلي عن دخول “كمية أساسية من الغذاء” إلى القطاع بأنه “غير كافٍ إطلاقاً”، وحذّروا من أنهم “لن يقفوا مكتوفي الأيدي” إزاء ما وصفوه بـ”الأفعال المشينة” لحكومة بنيامين نتنياهو، ملوحين بـ”إجراءات ملموسة” تشمل عقوبات محددة إذا لم تتوقف العمليات العسكرية وترفع القيود عن المساعدات الإنسانية.
وجاء في البيان المشترك: “مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يُطاق”، مع إدانة التصريحات الإسرائيلية التي توحي بتهجير مدنيي غزة، والتي اعتُبرت انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني 914. كما طالب القادة الثلاثة حركة حماس بالإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين منذ هجمات 7 أكتوبر الأول 2023 .
أزمة إنسانية كارثية: 14 ألف رضيع يواجهون الموت خلال 48 ساعة
حذّر توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن “حوالي 14 ألف رضيع في غزة قد يموتون خلال الـ48 ساعة المقبلة” إذا لم تصل المساعدات العاجلة، مشيراً إلى أن فرق الأمم المتحدة تواصل تقييم الاحتياجات رغم استهداف بعض عناصرها، وأكدت منظمة الصحة العالمية أن “مليونَي شخص يتضورون جوعاً” في القطاع، بينما تُحجز أطنان من الغذاء على الحدود.
ورغم دخول 5 شاحنات تابعة للأمم المتحدة عبر معبر كرم أبو سالم، وصف فليت herson هذه الكمية بأنها “قطرة في محيط” الاحتياجات، خاصة مع استمرار القيود الأمنية والإغلاق الليلي الذي يعيق توصيل المساعدات، وونددت منظمة أطباء بلا حدود بالخطوة الإسرائيلية، واصفة إياها بـ”ذر الرماد في العيون”.
ردود فعل إسرائيلية.. نتنياهو يهاجم البيان الأوروبي ويسعى للسيطرة الكاملة على غزة
رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على البيان الأوروبي وصفه بأنه “مكافأة للهجوم الإرهابي”، معتبراً أن الدعوات لوقف الحرب تؤدي إلى “مزيد من الفظائع”، وأكد أن الحرب لن تنتهي إلا بـ”إطلاق جميع الرهائن، ونزع سلاح غزة، وإبعاد حماس”.
كما أعلن نتنياهو عزم إسرائيل السيطرة على كامل قطاع غزة، قائلاً في تسجيل مصور: “القتال شديد، وسنحقق النصر الكامل بأسلوب لا يمكن التصدي له”، لكن انتقادات داخلية طالت سياساته، حيث وصف يائير غولان، زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، الدولة بأنها “أصبحت منبوذة بين الأمم” بسبب استهداف المدنيين، مما دفع نتنياهو إلى اتهامه بـ”التحريض الطائش”.
تصعيد عسكري ومجازر تودي بحياة العشرات
شهدت غزة تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، حيث أعلن الدفاع المدني الفلسطيني مقتل 44 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، في غارات إسرائيلية صباح الثلاثاء، إضافة إلى 50 قتيلاً منذ ليل الاثنين، وشملت الهجمات استهداف منازل ومدارس ومستشفيات، مثل مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، الذي قُتل 13 من مرافقيه.
وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، بأن فرق الإنقاذ تعجز عن الوصول إلى المفقودين تحت الأنقاض بسبب القصف المتكرر، خاصة في شمال غزة وخان يونس. من جانبها، تُحمّل إسرائيل حماس مسؤولية الخسائر المدنية، alleging استخدامها المناطق المأهولة كدرع بشري.
تداعيات إقليمية.. الحوثيون يعلنون حظراً بحرياً على ميناء حيفا
في سياق متصل، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) فرض “حظر بحري” على ميناء حيفا الإسرائيلي، محذرة السفن التجارية من الاقتراب منه، وذلك تضامناً مع غزة.
وجاء الإعلان بعد أيام من استئناف الهجمات الصاروخية على إسرائيل، بما في ذلك مطار بن غوريون، رغم الاتفاق السابق على وقف الهجمات على السفن الأمريكية، وورداً على ذلك، شنّت إسرائيل غارات على مواقع حوثية في صنعاء، مما أسفر عن أضرار جسيمة بالمطار الدولي ومقتل مدنيين.
جهود دبلوماسية متعثرة ومستقبل غامض
تدعم بريطانيا وفرنسا وكندا الجهود الدولية بقيادة الولايات المتحدة وقطر ومصر لتحقيق وقف إطلاق النار، لكن المفاوضات لا تزال متعثرة منذ انهيار الهدنة الهشة في مارس الماضي. بينما تُصر إسرائيل على شروطها: الإفراج الكامل عن الرهائن، ونزع سلاح حماس، بينما ترفض الحركة الفلسطينية أي حل لا يتضمن وقفاً دائماً للعدوان.
من ناحية أخرى، يدعو البيان الثلاثي إلى “حل الدولتين”، مؤكدين استعدادهم للاعتراف بدولة فلسطينية كجزء من هذا الحل، مع التأكيد على عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى في الأمم المتحدة لدعم هذه الرؤية 29.
تُلخّص الأزمة في غزة التناقض الصارخ بين الخطابات الدولية المنددة بالعنف والواقع الميداني المليء بالدمار. فبينما تُهدد العقوبات المحتملة بإحداث تغيير في سياسات إسرائيل، يبقى مصير آلاف المدنيين رهناً بتدفق المساعدات ونجاح المفاوضات. وفي ظل تصاعد العنف الإقليمي مع تدخل الحوثيين، تتعقد احتمالات تحقيق الاستقرار، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لإرادته في فرض السلام.
نقلاً عن : تحيا مصر
لا تعليق